قاسم العجرش
تكاثرت وتوالت دعوات الداعين الى الإنضباط، وعدم الإنجرار الى ما يعكر عملية ترتيب الأوضاع السياسية، وبعض الدعوات كانت صادرة من أطراف كانت أصواتها وما زالت سببا في تأزم المشهد، ودفعه الى مستويات خطرة من الإحتقان والشد والتشدد..
لسنا بحاجة الى إيراد أسماء هؤلاء المأزومين، أو صناع الأزمات ووقاديها، فهم معروفين؛ فرسان وفارسات الفضائيات، وجدوا تلك الفضائيات قد فتحت أبوابها لهم على مصاريعها، لأنها كانت أداة بيد من وجد أن ألأزمات سبيله الأوحد في الحكم، ولكم في قناة العراقية الحكومية المثل الأسوأ على هذا النوع من الفضائيات..
الفضائية العراقية،؛ ووفقا لمباديء وفلسفة تأسيسها، يفترض أن تكون فضائية الشعب، ولذلك لم تتشكل في العراق الجديد وزارة إعلام، كما هو حال وزارة إعلام النظام الصدامي، ووزارات إعلام الأنظمة العربية الشمولية..
بيد أن فضائيتنا لم تستطع أن تجد لنفسها فضاءا، تحلق فيه في أجواء الشعب، وبقيت تقاد بنفس الأساليب التي كانت تعمل بها في زمن الأنظمة السابقة، بل إنها قد تحولت وبشكل حاد، الى قناة تعبر عن وجهة نظر الحكومة فقط، ولم تسمح ولو بحد أدنى للقوى السياسية العراقية، أو للفئات المجتمعية المختلفة التوجهات والأفكار والرؤى، أن تعبر عن مكنوناتها، وإن فعلت ذلك؛ فإنما تفعله مع أصوات لا تهش ولا تنش.
لقد قطع الطريق على أي محاولة لأن يعدل هذا المسار ولو قليلا، وبقيت تتلقى توجيهاتها من جهات بعينها حصرأ..
في الأيام التي سبقت الإنتخابات، وأثنائها، كانت صريحة بأنها تروج لمن تتلقى توجيهاتها منهم، وبعد إعلان نتائج الإنتخابات، ألقت حبالها على مرساتهم، وكأنهم قدرها الذي ليس لها منه محيص، وحينما أشتد وطيس الخلافات السياسية، بشأن من سيكون مرشحا لتشكيل الحكومة، جندت نفسها لخدمة توجه بعينه، وبقيت وفية له الى هذه الساعة، ربما لأنها محكومة بفلسفة طاعة ولي الأمر كائنا من يكون!..
قريبا سيحصل تغيير في شكل النظام القائم وفي مضمونه، وسيتعين على القناة العراقية أن تتغيير أيضا، وأغلب الظن أنها ستفعل ذلك وبسرعة، لأنها تؤمن بالفلسفة التي أشرنا إليها آنفا!..
الحقيقة أن عملية التغيير القادم لن تكون جذرية وشاملة، لكنها ستكون فاعلة ونشطة، ومن بين أوائل المهام التي يتعين أن يقاربها مجلس النواب الجديد، وتُسلم بها الحكومة الجديدة، هي إعادة قناة العراقية الى الشعب، وقطع صلتها بالحكومة نهائيا، وعلى العاملين بقناتنا، أن يتحرروا من أسر الولاء للسلطة، وأن يكونوا موالين للشعب، وللشعب فقط، فالشعب باق، والحكومات الى تغيير!..
كلام قبل السلام: من لديه الاستعداد أن يكون وفيا للشعب ؟ فليقف بجرأة أمام المرآة ويصفع نفسه....
سلام...
https://telegram.me/buratha