( بقلم : امجد الحسيني )
يتشدق الكثير من المثقفين العلمانيين بمقولة فشل التجربة الاسلامية التي يتمنون فشلها لان نجاحها قبرهم الازلي ، فهم يصورون للاعلام ان التجربة الاسلامية تذهب ادراج الرياح بسبب الكهرباء وانقطاع الماء وقلة الخدمات وتوتر الوضع الامني وكل اللوم يلقى على المالكي وحكومته وكأن حكومة المالكي اسلامية بالمطلق وكأن الوضع الامني لم يتحسن قط منذ ان تسلم المالكي الحكم
وهنا علينا أن نقف ولنحاسب المثقفين الذين عاشوا اكثر من ثلاثين عام في ظل النظام البعثي لا ينطقون وانطلقوا اليوم لينتقدوا لغاية في نفس يعقوب كما يقال ، وكذلك لنوقف السياسيين كما نوقف المثقفين من مبدأ ( فقفوهم انهم مسؤلون ) حسب منطق القران الكريم ووجهة نظر الاسلامين او كما يقال في العامية ( حساب عرب ) لنقول :
اولا : عاش العراق حكومة العلمانية الاولى اكثر من خمس وثلاثين عاما قمع فيها الاسلاميون الاحرار وقتل فيها اربع ملايين عراقي هم ابناء المقابر الجماعية ايام نظام صدام البعثي العلماني وقبلها نظام عبد الكريم قاسم الذي قتل تحت لواءه ابناء الموصل وصُدرت حرية الاسلام لان النظام القاسمي لم يقبل بالفكر الاخر وهنا انا لا اطعن بوطنية عبد الكريم قاسم ولكني بالمقابل اراه جامل العلمانيين على حساب باقي الافكار ومن هذه التجربة القاسمية تستنتج ان العلمانية تقمع من سواها ، ولو تصفحنا باقي تاريخ العراق وخلال ثلاثين عاما حكم النظام البعثي العلماني الذي اعتبر الدين الاسلامي تراث وتاريخ ليس الا هذه الفترة كانت صفحة سوداء من صفحات العلمانية المقيتة التي قتل فيها الاسلامي والشيوعي على حد سواء وعلى العلمانيين ان يعترفوا بان حكومة البعث حكومتهم لانها انطلقت من افكارهم رغم اختلاف المباديء وان حكومة الشاه حكومتهم وان حكومة هتلر المتوغلة في تاريخ الجريمة والارهاب حكومتهم ايضا فهي اما شيوعية او راسمالية .
ثانيا : لو تركنا التاريخ جانب لان البعض عندما يخسر في التأريخ يحال المواربة بدعوى العقلانية ؛ واريد ان احاور عقولكم وابدأ من حكومة الدكتور اياد علاوي العلمانية التي تدعي الوطنية واتسائل عندما تسلم الدكتور علاوي هل هدء الملف الامني وهل كان هناك مثلث للموت ! ام ان مثلث الموت ( المحمودية وما يجاورها ) صار مجزرة للعراقيين ايام الدكتور علاوي الذي قتل اثناء حكومته اعضاء في الحكومة ووزراء وشيوخ عشائر فضلا عن كبش الفداء اليوم الشيعة من العرب والكرد والتركمان وصار الارهابيون يقتلون وينهبون ويسلبون دون ان يخافوا بل كانوا هم اصحاب الحق في نظر الحكومة بل تحميهم الحكومة ولولا حكومة علاوي لما عاد البعثيون الى مركز السلطة ولاستقر الوضع الامني تماما ولعل مثلث اخر نشط في هذه الفترة هو مثلث المدائن والكل يتذكر استشهاد اكثر من مئتي مواطن من اهالي المدائن والوحدة ولعل صور الضحايا الذين قطعت رؤوسهم والقوا في نهر دجلة لا تزال ماثلة في الاذهان ومن نسي عليه ان يذهب الى قضاء الصويرة ليسأل اهالي الصويرة كيف انتشلوا الجثث من النهر ولولا قدوم حكومة الجعفري الاسلامية لاصبحت المدائن مثلث موت اخر هذا على سبيل الملف الامني اما على سبيل الفساد الاداري والمالي فاعتقد ان الهارب ايهم السامرائي وحازم الشعلان كانا من وزراء السيد علاوي وكلاهما علماني لايمت الى السلاميين بصلة لا من قريب ولا من بعيد وهما وزيران لحكومة علاوي العلمانية سيئة الصيت .
ثالثا : وطنية العلمانيين فكثيرا ما سمعنا ناشطي العلمانية في العراق يتشدقون بالوطنية ولا اعرف كيف يخدع بعض المثقفين لينعقوا مع الناعق بان حكومة العلمانيين وطنية ونحن نرى يوميا الدكتور علاوي يحوك المؤمرات في السعودية وفي مطاعم لندن لقتل العراقيين من اجل افشال حكومة الاستاذ المالكي ولكي يعود الى الحكم على ظهر دبابة امريكية او حصان بريطاني او جمل سعودي ببيعه الدم العراقي بثمن بخس وبمؤامرات ممجوجة طفحت كراهة رائحتها.
رابعا : ان العلمانيين يعتبرون الحكومة الحالية هي تجربة اسلامية ! وهي حكومة وحدة وطنية ... وليست تجربة اسلامية !!! ولعل اغلب الوزراء الذين ينتمون الى هذه الحكومة ينتمون للفكر العلماني اكثر من انتماءهم للفكر الاسلامي ولعل اغلب مساعديهم ومستشاريهم اما من العلمانيين الجدد او من العلمانيين القدامى المتمثلون بالبعثين وللقاريء ان يفكر في اكثر الوزراء ويعيد تاريخهم ليجدهم من العلمانيين سوى القليل منهم .
خامسا : شاهدنا تجربتان اسلاميتان تجربة الدكتور الجعفري التي يحسب لها الكثير وحكومة الاستاذ المالكي الذي استطاع منفردا ان يقلل من الاضطراب في بغداد ولعل المشاهد النزيه يعلم الفرق بين بغداد ماقبل انطلاق الخطة الامنية وبغداد ما بعد الخطة الامنية واعتقد ان هذا التخفيف من التوتر والتقدم في المشاريع الخدمية هو من نتاج التجربة الاسلامية التي ليس لها الا نفق ضيق للعمل بين ضغوط الامريكان الذين يردون افشال لتجربة الاسلامية والاتيان بحكومة علمانية وبين ضغوط السعودية وسوريا والاردن ومصر التي تريد ان تئد التجربة العراقية برمتها وليس الاسلامية فحسب فهي تدعم علاوي من جهة وتدعم الاجهزة الاسخباراتية العاملة في العراق من جهة اخرى كما تدعم الماسونية العالمية ، كما تعمق العنف في البصرة والناصرية والديوانية والسماوة من اجل القول ان الارهاب ليس سنيا فحسب بل هو شيعي وهو في لحقيقة ليس سنيا ولا شيعيا انما هو سلفي صدامي بعثي فحسب .
سادسا : اذا اردنا المقارنة بين التجربة العلمانية الاوربية التي يعتبرها البعض تجارب فريدة في الديمقراطية علينا النظر بانصاف الى تجربة اسلامية حققت نتائج اكبر من النتائج الاوربية هي التجربة الايرانية تلك التجربة التي خلقت دولة اسلامية فريدة رغم حرب الثمان سنوات التي شنتها العلمانية العالمية وادواتها كانت الدول العربية ونظام صدام الذي حاول تقويض التجربة الاسلامية الايرانية وعند شعور الامريكان بفشل قوة صدام والعرب كافة امام التجربة الايرانية حضرت امريكا بنفسها الى الخليج لتحارب ايران بصورة مباشرة في الفاو ابان العام 1987 م . ولكن التجربة الاسلامية الايرانية اثبتت فشل الثقافة العلمانية ودولتها مقابل الثقافة الاسلامية ودولتها واليوم ستدخل ايران الاسلامية عالم الطاقة النووية السلمية وهذا ما يشير بوضوح الى ان العمامة الشيعية تنتصر على القبعة العلمانية شيوعيتها ورأسماليتها على حد سواء .
وبالعودة للعراق فإن جميع المؤمرات التي تحاك ضد العمامة الشيعية في العراق من اجل اسقاط تجربته الاسلامية ستفشل لان العراقيين يعون فشل الثقافة العلمانية وعدم صمودها اما الفكر الاسلامي ؛ فان اخطأ قليلا عرّابوا الثقافة الاسلامية او تلكؤا لانهم يخوضون تجربة الدولة للمرة الاولى فأنهم سينجحون بعد حين وهم ينجحون يوما بعد يوم .
https://telegram.me/buratha