( بقلم : رعــد منشـد)
لم يتعرض الاسلام كدين سماوي الى تشوية ومحاربة مثلما عليه في الوقت الراهن . ويعتقد البعض ان هذا التشوية هو نتيجة لاسباب خارجية متمثلة بحملة منظمة تشنها دول العالم المتقدمة ضد الاسلام ودوله . بينما يتم تجاهل - عن قصد او بدونه - الاسباب الداخلية التي لعبت دورا خطيرا في الابتعاد عن روحية الاسلام كنظرية حياتية متكاملة تجعل القيم الاخلاقية العليا واحترام الانسان وصيانة عرضه وماله من اهم خصائصه .
ويعتبر نمو التيار الوهابي المتطرف واستلامه السلطة في احد اغنى دول العالم وتوظيف قسم من اموال النفط الهائلة من اجل نشر هذا الفكر اللاانساني وغرس ثقافة العنف وتصديره الى اوربا ودول اسلامية اخرى ،يعتبر اهم الاخطار الداخلية التي واجهها الاسلام منذ نشوءه الى الان اذا مااخذنا بنظر الاعتبار ان جميع التيارات الاسلامية المتطرفه الاخرى التي مر بها التاريخ كانت لها تاثيرات محدود لا ترتقي الى التأثيرات السلبية التي تركتها الحركة الوهابية على الدين الاسلامي الحنيف. والغريب العجيب في الامر ان اكثر دول العالم التي تعاني من الارهاب لم تستطع ان تضع حلا جذريا لهذه المشكلة . وكل مافعلته انها جندت امكانياتها العسكرية والاعلامية لمحاربة تنظيم القاعدة في افغانستان وبعض الدول الاسلامية بينما روح التنظيم باقية دون اي مساس . فكان عملها اشبة بقطع الثمار واتلافها وترك الشجرة على حالها لتثمر في موسم اخر .
والسؤال الذي يفرض نفسه " هل يختلف تنظيم القاعدة عن نظام الحكم في المملكة العربية السعودية عقائديا ؟ " والاجابة انهما لايختلفان على الاطلاق اذ ان كلاهما يستندان في الفتاوي ووضع التشريعات والامور الفقهية على المذهب الوهابي الذي يكفر كل من يختلف معه بما فيها الفتاوي الصادرة من علماء المذاهب السنية الاخرى . بل ان تنظيم القاعدة التكفيري نشأ وتربى في احضان العائلة المالكة في السعودية ثم تم ارساله الى افغانستان برعاية امريكية لمقاتلة الروس ووفرت له كل الامكانيات المادية والبشرية واللوجستية هناك . واستغلت السعودية سفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية في دول اوربا والعالم لشراء المنازل وتحويلها الى جوامع تتبنى الفكر الوهابي كما ارسلت العديد من ابناء الجالية المسلمة الى السعودية لدراسة هذا الفكر المتطرف ومن ثم اعادتهم الى اماكنهم لنشر ثقافة ومفاهيم غريبة عن الاسلام تتنكر الى ابسط القيم وتعض حتى اليد التي تطعمها .
لكن العلاقات السياسية والمصالح الاقتصادية والعمالة لامريكا هي التي اسكتت الدول المتضررة من الارهاب من التشخيص الواقعي لمسببات الارهاب . ويمكن ان نتصور كيف كانت ستكون ردود امريكا لو ان هذا الفكر تتبناه ايران !
ومادامت الدول تغض الطرف عن حقيقة ومصدر الارهاب لاسباب سياسية وحفاظا على مصالحها الاقتصادية التي تعتقد انها ستتضرر لو انها جهرت بالحقيقة وجرمت الفكر الوهابي واعتبرته خطرا داهما على الافراد والمؤسسات وتيارا متخلفا يحقد على الحضارة الانسانية ويلغي العقل ويعود بالانسان الى عصر البداوة والتخلف . توجب على كل الشعوب المحبة للسلام وللاسلام ان تنشط على كافة المستويات شعبيا وسياسيا واعلاميا من اجل اماطة اللثام عن هذا الفكر المتحجر وكشف من يقوم بتبنيه ورعايته وتبيان بشاعة جرائمه في العراق ولندن ومدريد والجزائر والمغرب وفي غيرها .
لذا اصبح من الضروي جدا ان يتحرك المجتمع الدولي لاصدار قرارا امميا يعتبر الفكر الوهابي فكرا لايقل خطرا عن النازية والفاشية ويجرم اي دولة تتبناه او ترعاه او تجعل اراضيها منطلقا لنشاطه . وعلى المثقفين من كتاب ومبدعين التصدي لهذه الظاهرة كل ضمن اختصاصه ودعم اي خطوة تسير بهذا الاتجاه . من هنا يرتب علينا الوازع الاخلاقي والديني ان نساهم جميعا في رفد التظاهرات امام السفارات السعودية في الخارج وبيان ان كل شخص يقتل في العالم بسبب الارهاب انما حصل القاتل على اذن القتل من احد مشايخ السعودية . ولو تصفحنا صفحات الانترنيت لوجدنا المواقع الوهابية تتلذذ بمشاهد القتل او التحريض عليه . ونأمل ان نجد تجاوبا من كل الذين يقفون صفا واحدا ضد الارهاب .
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)