المقالات

الارهاب .. والأرتداد نحو الذات


بقلم : رعــد منشد

عندما وفرت كل من امريكا والسعودية دعما لا محدودا لابن لادن أبان الغزو السوفيتي لافغانستان ، لم تكونا تدركان انهما يؤسسان لمشروع ارهاب عالمي سينشر اجنحته السوداء على العالم بأسره ، وسيرتد عليهما فيما بعد بالموت والدمار .

اذ ارادت امريكا في وقتها ان ترهق الاتحاد السوفيتي وتفشل احتلاله لافغانستان. ووجدت في الفكر الوهابي الذي تتبناه السعودية والذي يستند الى تأويلات فاسدة للنص الديني . اذ يأخذ المعنى السطحي للغة الفقهية ويؤول الايات القرانية تأويلا خاطئا بأعتماده في اغلب الاحيان على نصوص تاريخية - سياسية غير موثوقة . وجدت فيه امريكا ارضا خصبة لمقاتلة الروس تحت غطاء ديني ، اسلامي ، جهادي . وهكذا كان بن لادن يتنقل بين مساجد السعودية تحت نظر ورعاية العائلة المالكة ، يحرض على القتال ويجند الشباب ويجمع الاموال بحجة مقاتلة الكفار وتحرير بلاد المسلمين من المشركين!

وبعد انسحاب الاتحاد السوفيتي من افغانستان ، اصبح بن لادن اكثر قوة واكثر عددا وبدأ بتصدير نشاطه الى مختلف دول العالم مبتدئا بالدول التي مدت اليه يد المعونة والدعم وفي مقدمتها امريكا التي اصبحت في نظره العدو الاول . الا ان اول اثاردموية لتوجهه بانت مع " المشهد الجزائري " بأحداث اكتوبر عام 1989 . ثم انتقلت الى الى كل من الصومال والسودان واليمن وباقي المنطقة العربية لتصل ذروتها في احداث الحادي عشر من سبتمبر ولتشن عليه الولايات المتحدة حربا كلفت افغانستان والدول المحيطة بها الكثير من الاستنزاف المادي والبشري .

وبعد سقوط نظام البعث في العراق ، وانهيار مؤسسات الدولة الامنية والاستخباراتية ودخول السياسين العراقيين في دوامة الصراع السياسي ، استطاع " الخطاب التكفيري " ( الذي لم يكن منتشرا ولا فاعلا في زمن البعث ) التمدد - في البدء - في المنطقة الغربية من العراق وتمركز المقاتلون الاجانب في الفلوجة والانبار وتم استقبالهم من بعض عشائر الغربية على انهم " مجاهدين قدموا لرفع راية الاسلام ومحاربة القوات الامريكية المحتلة . لكن الطبيعة العنفية للخطاب التكفيري باعتباره تيارا تكفيريا ، اقصائيا ، تدميريا ، ونقصد بالتكفير اي انه يكفر كل من يخالف رأيه في الجزيئيات او العموميات ولا يتقبل اي نقد لا للافكار ولا للافعال . واقصائيا اي انه لايسمح للرأي الاخر بالتعبير عن ذاته ويعتبر نفسه الوحيد الذي يدرك الحقيقة وعلى الاخرين الامتثال لاوامره وفتواه . وتدميريا اي انه ذو عقلية مغلقة لا يستعمل الا مفردات مثل القتل ، الكفار ، الصليبيين ، العملاء ، الحد ، الذبح ، التفجير ، وكل ما من شأنه الغاء الحضارة والعودة الى البداوة ، بل ان اغلبهم غيروا اسماؤهم واختاروا اسماء كانت مؤثرة في زمن الرسالة . وكانهم يتصورون انفسهم اصحاب الرسول ( عليه الصلاة والسلام ) وماعداهم هم كفار بقتلهم يدخلون الجنة !

وبالرغم من الدعم الذي تلقاه " خطاب التكفير " من جماعات دينية وعشائرية وسياسية عراقية ، الا هذا الدعم لم يصمد في وجه النزعة السلطوية لهذا الخطاب وسرعان ما اكتشفت هذه القوى الداعمة ، الخطأ الستراتيجى الذي وقعت فيه . اذ ان تنظيم القاعدة لم يستوعب ان تقاسمه الجماعات المسلحة الاخرى نفوذه او ان تشاركة قراره . كما ان تصفيته لمخالفية من الذين مدوا لهم يد المعونه اثار نقمة عشائرهم عليه . الامر الذي ادى الى الاقتتال بين الجماعات المسلحة مثل الجيش الاسلامي او انصار السنة والذين ينتمون الى نفس الخطاب الذي اشرنا اليه كما يتفقون من حيث المنهج على اعتماد العنف وسيلة للوصول الى السلطة او على الاقل تحقيق مكاسب محددة . اما الاسس الديمقراطية فهي ليست بالاهمية لهم لانها عاجزة على ايصالهم الى دكة الحكم والقراربوجود اغلبية ترفضهم .

وهكذا نرى ان طبيعة " الارهاب " لا تلبث ان ترتد على ذاتها ، اذ ان غياب العقل وتحجر الفكر لايمكن ان تبني طريقا يستند الى معايير دينية واخلاقية وانسانية او ان تقبل البداوة باعتبارها نظام حياة يغنيها عن الحضارة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك