سليم الرميثي
عقد من الزمن مرّ على التغيير في العراق ولازالت اثار الدكتاتورية السيئة باقية في عقول الكثير من المجتمع العراقي ولانظنها تغادر تلك العقول وربما تحتاج الى عدة اجيال.. وهذه العقدة الموجودة هي سبب مآسي الشعب العراقي بكل اطيافه ومكوناته وليست حكرا على السياسيين فقط..
وحتى نكون منصفين اكثر ونقولها بصراحة ان عقدة الدكتاتورية موجودة وبشكل اكثر وضوحا عند المجتمع السني بالتحديد اكثر من غيره بكثير وهذا واضح حتى من خلال مثقفين وكتاب من الطائفة السنية وواضح ايضا في كل خطابات رجال الدين والسياسيين السنة في العراق وفي جميع الدول العربية والاسلامية..
السنة العرب بشكل عام والعراقيين بشكل خاص لن يتقبلوا الاخر الاّ تحت سلطتهم وامرتهم ولايفهمون ولايريدون ان يفهموا ان للاخر حقوق مثل ما لهم وعليه واجبات مثل ماعليهم وهذا مايحدث الان في بلادنا..نحن هنا نتكلم بشكل عام ربما هناك استثنائات ولكنها غير مؤثرة بل هي ميتة في مهدها ان ظهرت..
مايحدث في المنطقة الغربية من العراق هو نتاج تلك العقليات المنغلقة والتي تفضل سفك الدماء والقتل والخراب على الحوار والتفاهم مع الدولة رغم سلبية الدولة احيانا معهم ولكن هذا لايستوجب قتل الابرياء في المدن وشوارعها وجلب الغرباء للانتقام من الناس الابرياء بغضا بالحكومة او السياسيين..
السبب الرئيسي في جعل العراق دولة فاشلة وليس الان فحسب بل منذ تأسيسه هو العقليات المتفلسفة والتي تؤمن و تعتمد بشكل هستيري على افكار اصحابها ماتوا و لم يستطيعوا تنفيذها وتطبيقها حتى في زمان وجودهم..وان هذه العقليات لاتؤمن الاّ بالخرافات والاساطير التي دونها الاموات منذ قرون ولازال البعض متمسك بها مع علمه بان الذي كتبها لم يستطع تنفيذها وتطبيقها على الارض..
ان مايحدث في الانبار هو ليس صراع بين الدولة واهالي المنطقة فقط بل هو صراع مصالح بين اهالي المنطقة وهو نتاج لتاريخ مملوء بالخرافات والاساطير المنسوجة من الخيال وهذا مانسمعه كثيرا ممن يدعون انهم رجال دين او سياسة او شيوخ قبائل ونحن واثقون ان الدولة لو خرجت بكامل ثقلها من تلك المناطق الغربية فسيبقى الصراع والحروب والتفجيرات الى ان يشاء الله وهناك الكثير من الشواهد على مانقول..لذلك نرى ان المجتمع السني وقع بين مطرقة رجال الدين وسندان السياسيين..
كم من المرات التي نسمع ونشاهد بها شيوخ الدين والعشائر في المناطق الغربية وهم يعتلون المنصات ويهددون كل من يخالفهم بالذبح والقتل والحرب ويرفضون الحوار حتى مع انفسهم لذلك لانجد مكانا لكثير من العقلاء والمخلصين في هذه المناطق وان تكلموا فانهم دائما متهمون بالخيانة والعمالة وما الى ذلك من المسميات التافهة والباطلة..فلذلك نقول ان الاخوة السنة في العراق مبتلين كما هو حال باقي فئات الشعب..
العراق الآن بحاجة ماسة الى رجال بناء واصلاح مخلصين اكثر مما هو بحاجة الى رجال سياسة هم في اكثر الاحيان منافقون حتى مع انفسهم..المرحلة التي يمر بها الشعب العراقي هي عبارة عن مرحلة زمنية سوداء وخالية من اي لون فاتح لما يحمله هذا الشعب من تراكمات عصبية وقبلية وحتى طائفية... ولايمكن ان نصف ماموجود في بلدنا ونقول انه صراع سني شيعي فقط بل هو عبارة عن صراعات مزمنة حتى بين افراد الطائفة الواحدة وليس هذا فحسب بل تصل هذه الصراعات المريرة احيانا بين العشائر في المدينة الواحدة ووصل الامر حتى الى تقسيم المدينة الواحدة في العراق الى شرقي وغربي وهذا ظهر جليا في الانتخابات الاخيرة ناهيك عن صراع الاقضية والمحافظات..طبعا كل ذلك يعود الى ان الدولة العراقية الحديثة لازالت تتعكز على عصى خاوية يمسكها المتصارعون على السلطة..
https://telegram.me/buratha