( بقلم : بشرى أمير الخزرجي )
حلمت يوما ان أنهض من نومي وأرى وجه الدنيا قد تغير! ان أجد من يدعو للسلام والوئام بإسم الإسلام، أن أسمع صوت حق ينادي من هذا العالم النائم على جراح العراقيين يهتف: أنعموا جوابا يا عراقيين فإن إخوانكم في العروبة والدين قادمون لنصرتكم للملمة جراحاتكم، لرفع أنقاض الماضي المظلم من مدنكم، لتعبيد شارع أمل في نفوسكم، للمساعدة في جمع أشلائكم المبعثرة على الطرقات وفي أسواقكم الشعبية، للعمل معكم من اجل النهوض بواقع البلاد السياسي والعمراني كي يلحق بمصاف الدول، لا نقول المتحضرة، ليس أقل الدول المجاورة.
صحوت من حلمي الوردي هذا المتكرر كرور الليالي والأيام لأجد نفسي تأمرني بالتريث والصبر على هذا العالم المتعطش لدماء العراقيين، قلت أكثر من هذا: هل نحن ملائكة أم مخلوقات من كوكب آخر؟ ما الذي يجري هنا وماذا هناك؟ أهكذا أراد لنا الرب أن نحيا نحن بني البشر؟ تقتيل وتهجير وانتهاك حرمات، جرائم ترتكب صباحا ومساءاً بإسم الدين! أين السماحة إذاً وأين روح المحبة والتآخي التي يأمرنا بها الحق عز شأنه كي نحيي أرضنا بسلام كما هو صميم رسالتنا السمحاء.
قلوب تتفطر كل يوم وكل لحظة على ما يحل بأهل العراق، والدنيا صماء لا تصيخ سمعا فما يحصل لا يسرها ولا يعنيها بل يعكر عليها مزاجها إن بقي لها مزاج، تمر على الحوادث مرور الكرام، فكلما برزت لهذا العالم العربي والإسلامي صور عن بشاعة الظلم وفضاعته، والقتل الذي أنهك العراق حيث صار ساحة صراعات لكل طفيليات الكون ممن استرخصوا الروح العراقية، كلما ظهر وبان لنا نحن العراقيون أن هذا العالم لا يريد لنا الحياة ولا يريد لنا النهوض من جديد فمحيطنا العربي الإسلامي وغيره مستنفر كل قواه في ضرب أركان الدولة العراقية الجديدة والانتقام ممن ساهم في إحياء الديمقراطية فيها.
إن أعمال التكفير والإقصاء والتلاعب بأرواح الناس ليس بالشيء الجديد عندهم فقد ارتكبوها من قبل في سحق الغالبية في العراق على يد نظام شوفيني متسلط، كما إن ممارسة سياسة القفز على تطلعات الآخرين وإبخاسهم حقهم في مزاولة شؤونهم الحياتية والدينية هي من مخلفات عالمنا الأعرابي المتجبر الجاهل الذي لم تنفع به رسالة السماء السمحاء حتى قال نبينا الكريم في هذه الأمة (ما أوذي نبي مثلما أوذيت) صدقت يا رسول الله فأمة مثل هذه الأمة لا يأتي منها إلا الأذى والتمرد عليك وعلى القيم التي أتيت بها حين قلت: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وهل هذه الأمة تملك من الأخلاق نزره؟ وقد وصلت الى أسفل سافلين الرذيلة بتباعدها عن دينها الحق وانغماسها بالتعصب والتكفير والعدوانية المفرطة بحيث زين لها الشيطان أعمالها فأصبحت من الخاسرين الذين ظل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، فدولة آل سعود الشريرة تتبنى وبكل خبث ووقاحة أفكار التكفيريين الذين يدعون أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن منكر!! ولا نعلم أي منكر هذا الذي ينهون عنه وهم يأمرون أبناءهم بالسفر لبلاد الله من اجل قتل الناس بعد ان يكفروهم ويخرجونهم من الملة حسب علماء الشر عندهم، ترى دولا عربية أخرى تقيم العلاقات المشبوهة مع إسرائيل وأمرائها تستقبل ساستها ويتبادلون معهم النظرات والابتسامات والقبلات كي يبيعوا ما تبقى من قيم، وفي الوقت نفسه يتآمرون على جارهم العملاق العراق بشتى المؤامرات لضرب أهلة الكرام والتجاوز على تجربته القائمة رغم أنوفهم.
ان العالم العربي الصامت على جراحنا إلا ببعض عبارات الأسف من بعض بقايا البشر لديهم سوف يدفع ثمن تآمره وخذلانه لنا إن عاجلا أو آجلا وسوف يرى صولة وجولة المظلومين كيف تجرف بطريقها كل جبار عتيد و قزم عنيد من حكام عرب تفاهتهم أزكمت الأنوف والنفوس وضاقت بهم الأرض فشكت لبارئها أن لا يبقي منهم على وجهها من احد وان يجعل أيامهم عدد وأعمالهم بدد، فالعراقي اليوم وصل حد التخمة من تلك المؤامرات التي تحاك ضده وتقف حائلا دون تحقيق الاستقرار والبناء والعمران الذي يرنو له، فمن حق هذا الإنسان المتعب أن يرى خير بلاده يصرف علية وعلى رفاهيته، من حقه ان تكون آماله وأحلامه في العيش بسلام وأمان واقعا معاشا يتلمسه وينعم به.
وحديثنا هذا يشمل كل من يريد تأجيل هذه الآمال والتطلعات من الطفيليين الانتهازيين من قوى وتكتلات عراقية ترى مصالحها فوق مصالح الشعب الكادح. هؤلاء المتذبذبين المتصابين الذين لا يفقهون من السياسة والحكم حتى ألف بائه تراهم ينسحبون يوما من مجلس النواب ويعودون إليه آخر، جعلوا من مجلسنا عبارة عن فوضى وفرجة للقاصي والداني، والبعض الآخر استفاد من جو الحرية في ضرب إخوانهم النجباء في مدن كانت تعد آمنة نوعا ما لينقلوا لنا صور التقاتل بين الأخوان مباشرة من على شاشات الفضائيات اللاهثة وراء أخبار الدمار والخراب.ان بناء البيت العراقي يجب ان يبدأ من بناء النفوس التي تهشمت وتصدعت من أفعال أصحابها الذين أحلوا حرام الله وحرموا حلاله، لكي يستمروا في مسلسل الدم الدائر بين أبناء الوطن الواحد، فإلى متى نبقى نحلق في فضاء السلبيات واللامسؤولية، في حين يدفع المواطن المغلوب على أمره ثمنها بسبب عجز قادته الأفاضل، فبعض وقف على التل وبعض يتاجر بكرامة العراقيين، وبعض بين هذا وذاك، ولسان الحال: الصلاة مع علي أتم، والأكل مع معاوية أدسم، والوقوف على التل أسلم!
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)