( بقلم : علاء الزيدي )
يبدو الشيعة العراقيون نمطا ً غريبا ً ، بعض الشيء ، من البشر ، إن لم أقل من سائر مخلوقات الله . فهم يفتقرون إلى حس فطري يتوفر عند البشر وغيرهم من المخلوقات وهو الحس الأمني ، وهم يتهافتون على مصارعهم المجانية بالعشرات والمئات والآلاف من دون التوقف السريع أو المتأني للتفكير في أسباب ودوافع ونتائج ودلالات هذا الموت المجاني .
وحينما يحصد الموت الجماعي ، غير القادم من المجهول قطعا ً ، رؤوس الشيعة العراقيين ، ويشوي أطفالهم شيّ الجداء ، يهرعون إلى أنفسهم صابّين عليها ألوان وصنوف الجلد الذاتي التي اشتهروا بها وأطبقت شهرتهم الخافقين ، متهمينها بأنها لم تفعل شيئا ً لدفع عجلة المصالحة الوطنية إلى أمام ! بينما ، من المفروض بهم أن يفكروا مليا ، بعقل وحكمة وتجرد ، في أسباب مايحصل من تطهير عرقي ، سواء ً لهم في الغالب ، أو لغيرهم في أطر أضيق ، وفي مقدار وحجم مايتحمله الإرث التاريخي لدى الأقارب والأباعد ، وخاصة العرب المختلفين معهم في المذهب والمعتقد ، من مسؤولية إزاء جرائم الإبادة الجماعية البتي تجري أمام أعين الجميع ، برضا ً من الجميع .
لاأدعي في هذه السطور السريعة قدرة عصاي السحرية على تبيان كل الأسباب وكل العوامل وكل الحلول . إنما عليّ قول الحق وإن أغاظ ذلك من شاء أن يغتاظ . والحق كما أراه ، أن على الشيعة العراقيين أن يتوفروا على قدر مناسب من الوعي المصيري والحس الأمني ، وهذان يفترضان فيما يفترضان التعاطي مع العرب المختلفين عنا في المذهب والعقيدة بدرجة أكبر من الحذر والتشكيك ، فكل المآسي التي يعانيها الشيعة العراقيون الآن قادمة من هناك ، وإن حاول بعض المغرضين تشتيت الأذهان هنا وهناك . فالإنتحاريون ومئات الآلاف من الدولارات والفتاوى التكفيرية والفكر السلفي والوهابي المدمر الذي لايرضى بغير أرواحنا وأعراضنا وثرواتنا مغنما ً كل ذلك هدية العرب إلينا ، ومن بؤسنا وهواننا على الله أن تذهب وفودنا برئاسات كاريكاتيرية ( موفق الربيعي مثالا ً ) إلى أكثر العرب حقدا ً على الشيعة العراقيين وغير العراقيين ( وهي المملكة السعودية الوهابية ) طالبين منها مساعدتهم في مكافحة الإرهاب الوهابي في العراق ، وهي منبعه وصانعته وداعمته ومغذيته بالأموال والأنفس والثمرات والفتاوى والخطب والمقالات وماتخفي الصدور أعظم !قد تبدو هذه السطور عاطفية أكثر منها عقلانية ، ولكني أعتقد أن وضع النقاط على الحروف أمر لامفر منه ، إذا ماأردنا أن نضع حدا لنزيف الدماء الجاري على أرض شنعار .على الشيعة العراقيين أن يدركوا ، أن العرب المختلفين عنهم في العقيدة والمذهب يفرحون لكثرة ضحاياهم ، ويحتفلون ويرقصون في مآسيهم ، ويعتبرون ذلك استمرارا لتاريخهم " المجيد " . وعند هؤلاء العرب تعتبر الإبادة الجماعية للشيعة وخاصة العراقيين منهم مقدمة لازمة للدفاع المزعوم عن الخلفاء . فليس هنالك داع لاستصراخ العرب أو استنهاض غيرتهم وذممهم وضمائرهم ، فإبادة الشيعة واجب ديني مقدس عندهم ، يذكرونه تاريخيا ً بابتهاج وجذل ولايستنكر عاقل منهم ذلك عليهم .وفي هذا الشأن لابأس في اقتباس السطور التالية لتبيان حجم حقد العرب على الشيعة ، هذا الحقد الذي لايمكن أن يقارن أبدا بأي حقد شيطاني لأية مجموعة بشرية على أخرى على امتداد التاريخ .ورد في كتاب " تاريخ الفتح العربي في ليبيا " للطاهر أحمد الزاوي ( وهو شيخ سلفي ليبي ) وفي طبعته الرابعة التي صدرت في آذار من عام 2004 بموافقة سلطات القذافي عن دار نشر " المدار الإسلامي " الليبية ، ص 223-224 مانصّه :" ... وقد اقتنع المعزّ [ بن باديس ] بفساد مذهب الشيعة ، واعتزم القضاء عليه في أفريقية ولكنه كان يتحين الفرص للتخلص منه ... وكان يوجد في عسكر المعز ّ كثير من الشيعة أنصار الفاطميين ... وكان المعز ذات يوم يسير في موكبه فكبا جواده فقال : أبو بكر وعمر ، فسمعها الشيعة فتنادوا لقتله وحال بينهم وبينه أنصاره ومن كان يميل إلى مذهب أهل السنة ويكتم أمره ، ووضعوا السيف في الشيعة حتى قتل مايزيد على ثلاثة آلاف ، حتى سمّي ذلك الموضع " بركة الدم " ... "ثم يواصل هذا الشيخ الملعون كلامه بسرور قائلا ً :" ونقل ابن الأثير في أسباب قتل الشيعة ماهو معقول أكثر مما تقدم ، فقال : إن المعز بن باديس ركب ومشي في القيروان والناس يسلمون عليه ويدعون له ، فاجتاز بجماعة ، فسأل عنهم ، فقيل له : هؤلاء رافضة يسبـّون أبا بكر وعمر ، فقال : " رضي الله عن أبي بكر وعمر " . فانصرفت العامة من فورها إلى درب المقلى من القيروان ، وهو مكان يجتمع فيه الشيعة فقتلوا منهم ، وكان ذلك رغبة العسكر وأتباعهم طمعا في النهب . وانبسطت أيدي العامة في الشيعة . وأغراهم عامل القيروان وحرّضهم ، وسبب ذلك أنه كان قد أصلح أمور البلد ، فبلغه أن المعز بن باديس يريد عزله ، فأراد إفسادها . فقتل من الشيعة خلق كثير ، وأحرقوا بالنار ، ونهبت ديارهم ، وقتلوا في جميع أفريقية . واجتمع جماعة منهم في قصر المنصور قرب القيروان فتحصنوا به ، فحصرهم العامة وضيقوا عليهم ، فاشتد عليهم الجوع ، فأقبلوا يخرجون والناس يقتلونهم حتى قتلوا عن آخرهم ، ولجأ من من كان منهم بالمهدية إلى الجامع ، فقتلوا كلهم .وانتشر خبر هذا الحادث بين الناس فتناولوا الشيعة بالقتل في جميع أنحاء أفريقية . ولمناسبة الثورة على الشيعة قال فيهم القاسم بن مروان الشاعر :وسوف يـُقتلون بكل أرض ٍ كما قـُتلوا بأرض القيروان ِوقال شاعر آخر :يامعز ّ الدين عش في رفعة ٍ وسرور ٍ واغتباط ٍ وجذلأنت أرضيت النبي المصطفى وعتيقا ً ( يقصد أبا بكر بن أبي قحافة ) في الملاعين السـِّفـَلوجعلت القتل فيهم سـُنـّة ً بأقاصي الأرض في كل الدول ... "
هذه السطور الحاقدة تتكرر اليوم إزاء الشيعة العراقيين ، وأخشى إن لم يعرفوا عدوهم الحقيقي ويكافحوه ويقفوا في وجهه ويغلقوا منافذ بلادهم أمامه ، من أن تشابه مأساتهم مأساة القيروان ، خاصة وأن بعض قادة المجتمع الشيعي هم من الجبناء والأغبياء والشخصيات الكاريكاتيرية المثيرة للسخرية والاستهزاء .سقت كلماتي المتألمة هذه ، بينما طرق سمعي أن نتيجة الزيارة الكاريكاتيرية لموفق الربيعي ووفده إلى السعودية الوهابية ستفضي إلى إطلاق مجرمين وهابيين مدانين بقتل مئات الآلاف من الشيعة العراقيين في عمليات تكفيرية سابقة ، وتسليمهم إلى آل سعود ليـُستقبـَلوا هناك استقبال الأبطال ، لذلك لاأتردد في الطلب إلى أبطالنا في الحرس الوطني والشرطة الوطنية أن " يجروا اللازم " قبل أن تجري هذه المهزلة ... والعاقل يفهم .
https://telegram.me/buratha