الحاج هادي العكيلي
لا أعرف لا متى يبقى العراقيون يبنون حياتهم على الطلب والقرض . فمنذ صغري وإنا تلميذ في المدرسة الابتدائية وفي درس الرياضيات خاصة كان معلم الرياضيات في موضوع الطرح عندما يكون المطروح أصغر من المطروح منه فيقول لنا نذهب إلى المرتبة الاخرى ونتقرض منها . وبقى معلم الرياضيات للان يستخدم طريقة القرضه في الطرح . لا أعرف متى يتحرر من تلك المفاهيم المقيتة .وحتى الحانوت المدرسي فعند أخر درس يجولون به بين الصفوف عندما تكون هناك بعض السلع باقية ليسمحوا للتلاميذ بشرائها وفق مفهوم الطلب ليوم غداً والذي لم يسدد في اليوم الاخر ينال عقاب شديد فكنا نحرص دائماً ان لا نأخذ ( بالدين ) كما هو معروف لدى العراقيين لكي لا نعرض أنفسنا إلى المساءلة والعقاب .
وشاع مفهوم التقسيط المريح والقرض الحكومي والتجاري حياتنا على الرغم من ان هناك اشكالات شرعية لا أحبذ ان اخوض في غمارها ، لينطلق العراقي في بناء بيته وتأثيثه وشراء سيارة وأجهزة كهربائية وأجهزة الكترونية وغرف خاصة بالعرسان ووصول به الأمر حتى شراء ملابسه وغذاءه ،وقد تصل الأمور إلى توفير ( النساء ) بالتقسيط المريح والظاهر فقط عند جماعة ( داعش ) . لا أعرف هل هذه العادة مكتسبة أم متجذره في نفوس العراقيين .
لقد فتحت مولات تجارية وأسواق كبيرة وجمعيات ومصارف تجارية هدفها الرئيسي تزويد المواطن بالسلع أو المبالغ النقدية وتسديدها بالتقسيط المريح وفق أقساط شهرية أو سنوية فكان الاقبال عليها كبيراً ، علماً ان بعض المواطنين قادرين على الشراء النقدي ، ولكن لا أعرف لماذا يذهب للشراء بالتقسيط ( المريح ) علماً أنه يعرف أن هناك فارق في السعر كبير بين التقسيط والنقد .
الظاهر أن الحكومة قد أعجبها هذا المبدأ لترسخه في الميزانية الاتحادية لعام 2014 . فقد كشف وزير المالية وكالة صفاء الدين الصافي عن شمول الموازنة العامة للدولة لعام 2014 تخصيص الخمسة دولارات من كل برميل للمحافظات المنتجة للنفط وهذا ما تسعى اليه المحافظات المنتجة للنفط وما أقره مجلس النواب . وأعتبر الصافي أن هذا القانون نافذ وحق لها ولكن ليس نقداً بل على مبدأ التقسيط ( المريح ) نظراً للضغط والعجز في الموازنة للعام الحالي تم تخصيص دولار واحد فقط للمحافظات المنتجة ضمن مشروع البترودولار على أن يبقى بذمة الحكومة الاتحادية أربعة دولار وتعطيها كسلف في حال حاجة الحكومة المحلية للأموال . وذكر الصافي أن عجز الموازنة الحالي 23 تريليون دينار عراقي ، حيث أقر مجلس الوزراء الموازنة الاتحادية لهذا العام 150 مليار دولار .
أن هكذا أمور وتصرفات ستعرقل كثير من مشاريع المحافظات وخاصة المنتجة للنفط والغاز أو تلغيها أحياناً لأنها خططت مشاريعها وفق نسبة 5 دولارات وليس دولار واحد .وقد يكون هذا الأمر أرضاء للمحافظات غير منتجة للنفط والغاز ، فما ذنب أبناء المحافظات المنتجة للنفط مما يصيبهم من الامراض وتدهور في البيئة . فأن التقسيط المريح لا يخدم تلك المحافظات لنهوض بها لكي توفر الخدمات والمشاريع الاستراتيجية حيث لا يجدوا ضوء في هذا النفق ( الميزانية الاتحادية ) وعلى مجلس النواب أن لا يصادق على هذا الأمر ويبتعد عن التقسيط المريح لكي لا يتجذر اكثر في نفوس العراقيين .
https://telegram.me/buratha