ظافر الحاج صالح
أصوَاتٌ نَشَازْ، طَرقَت أبوُابَ مَسامِعِنا فِي وَقتٍ حَرِجٍ، لاَ يُسمَحُ لِأحدٍ بِألزِيارةِ، لِتَغتَصِب طَمَأنِينَةَ أذَانِنَا، وَتُشِيعَ الرُعْبَ فِي تَفكِيرِنا، وَلَعَلَ تِلكَ ألأصوُات هِيَ ألسَببُ فِي كُلِ مَا جَرى وَيَجرِي فِي ألعِرَاق، مُنْذُ 2003 وَحتَى يَومِنا هَذا.
ألأنْبَارُ؛ وَمَا يَجرِي فِيهَا مِنْ عَملِياتٍ عَسكَرِيَةٍ، يُسَانِدُهَا جَميِعُ مَنْ تَهُمهُم مَصلَحَةُ ألعِرَاق، مِنَ ألذيِن يَرُونَها قَضِيَةً وَطنِيةً، إجْتَمَعت عَليِهَا أغْلَبُ ألكُتَل ألسِياسِيةَ، ألتِي جَاءْت خِطَابَاتِها مُؤَيِدةً لِمَعركَةِ ألجَيشِ العِرَاقِي ضِدَ الطُغْمَة البَاغِيَة.
فِي ألأوُنةِ ألأخِيرَةِ، أُطْلِقَتْ مُبادَرَةٌ كَسَابِقَتِها مِنَ ألمُبَادرَاتِ، ألتِي جَاءْت مَبنِيَة عَلَى أسَاسِ قِرَاءَاتٍ جَيِدَة للوَضعِ ألإقْلِيمِي وألدُوَلِي، أتّت فِيها رِسالةً وَاضِحَةً لِلإخوَةِ ألسُنَة، إنَ ألحَربَ عَلَى ألإرّهَابِ سَيَشمِلَكُم، وَعَليِكم أنْ تَنْتَبِهُوا إلَى حَجمِ ألأخْطَارِ ألمُحَدقِة بِكُم، وَمَا سَيَنْتُجُ عَنْها مِنْ خَسائِرَ جَسِيمَة بِألأنْفُسَ، وَألمَالِ، وَألأمْلَاك، وَضَيَاعُ ألأرَاضِي، وَأُمُورٌ أُخْرَى يَصعُبُ تَعويِضَهَا، وَتَخليِدُ مَبَادِئَ وَأفكَارً طَائِفِيةً، قَدْ يَستَحيِلُ مَحْوَهَا مَعَ مُرورِ ألزَمنْ، كَمَا إحتَوِت ألمُبَادَرةُ عَلَى رِسَالةٍ لِبَاقِي أطْيَافِ ألشَعب ألعِراقِي، تَعِضُهُم بِألتَرفُعِ عَنْ ألإنتِمَاءَاتِ ألطَائِفيِةِ، فَلِكُلِ شَخصٍ إنْتِمَاءَهُ، وَعَليِنَا إحتِرَامُ إلجَمِيع وَألإعْتِزازُ بِهِم، سَوَاءً كُنَا شَيعَةً، أوُ سُنَةً، أوُ مَسيِح، أوُ كُرّد، أوُ صَابِئَة، أوُ أيِزِيدِيَة، أوُ غِيِرِ ذَلِكَ مِنْ أطيَافِ ألمُجتَمَع، وَلَكِن بِنَفسِ ألوَقتْ يَجِبُ أنْ تُستَثْمَر هَذِهِ ألإنْتِمَاءَاتُ لِغرضِ وَقفِ ألتَنَاحُرِ ألطَائِفِي، وَألحَد مِنْ مَبدَأِ ألبَقَاءِ لِلأقْوَى بِـ(ألسُلطَةِ)، وَلِنُنّقِذَ ألشَعْب مِنَ ألإحتِضَارِ وَسَيَلان ألدِمَاء ألبَرِيئَة بِغَزارةٍ.
أصْوَاتٌ مُنَاوِئَةٌ؛ أرَادَت أنْ تَعلُو عَلَى أكًتَافِ غَيِرِهَا، مُعْتَمِدَةٌ مَبَدُأ ألتَسقِيِط، فِي إنَ ألمُبَادَرةَ تَسْعَى لِتَموُيِلِ ألإرّهَابِ! وَمُسَاعَدَتهُ فِي تَحوِيلِ ألأنْبَار إلَى مَقْبَرَةٍ للشِيِعَةِ، تُوَازِي قُبُورُها (وَادِي ألسَلَام)! وَفيِهَا إنْتِهَاكٌ لِحُقُوقِ ألشِيَعةِ، وَإتَاحَةُ ألمَجَال لِقُطَاعِ ألطُرُقِ، وَعَودَتُهم لِمُزَاوَلَةِ نَشُاطُهُم بِقَتلِ أهَاليِنَا ألمُسَافرِين، كَمَا كَانُوا يَفعَلوُن طِيلَةَ ألسِنينَ ألمُنْصَرِمَة!هُنَا يَسُوقُنَا ألأمَرُ إلًى أنْ نُثيِرُ تَساؤلاتٌ عَديِدةَ، عَلّنّا نَجِدُ إجَاباتً وَافيِةً لَهَا، ألذِينَ سَقَطوُا شُهداءً فِي ألأنْبَار، هَلْ هُم ضَحَايَا ألمُبَادَرة، أمْ ضَحَايَا ألتَخطِيط ألفَاشِل؟ هَلْ هُم ضَحَايَا ألمُبَادَرَة؟ أمْ ضَحَايَا ألتَسليِح بالعِتَادِ الفَاسِد؟ هَلْ هُم ضَحَايَا ألمُبَادَرة؟ أمْ ضَحَايَا أزلامُ ألبَعْث ألَذِين يَقوُدوُنَ ألعَمليَة ألعَسكَرِية؟ هَلْ هُم ضَحَايَا ألمُبَادَرة؟ أمْ ضَحَايَا لُعْبَةُ ألحَربُ ألطَائِفيِة، ألتِي تَلعَبُها ألحُكُومَة كُلَما أحَستْ بِقُربِ نِهايَةِ عَهدِهَا؟ ألَيسَ مِنْ ألأفْضَل أنْ تُعْطَى ألأموَالُ لِمَجالسِ عَشائِرِ ألمُحَافَظَات بِألعَلنِ بَدلَ ألخَفَاء، مِنْ أجلِ إعْمارِ ألمُحَافَظَات، وَإقَامَةُ ألمَشاريِع، وَتفَعيِلُ دَوُر أبْنَاءِهَا عَلَى العَمَلِ؛ لِلإرتِقَاءِ بِمستَوَى ألمُحَافَظَات؟
ألعَمليَةُ ألسِيَاسِيَةُ، لَا تُدَارُ بِمَبدَأِ ألقَائِدِ ألأوُحَد، وَإنَمَا تَتِمُ إدَارَتُهَا مِنْ خِلَالِ ألإنْتِصَارِ بِألجيشِ، وألإنْتِصَار بِألعَشائِرِ، ألتِي أكَدَتْ إنْتِمَاءَهَا لِلعِرَاق وَلَيِسَ لِلطَائِفَة، وَهُنَا يَكْمُنُ مَغزَى ألمُبَادَرة، فَهِي لَا تَبغِيِ أنْ تُوَازِنَ بَينَ شَيئَيِنْ، وَلَكِنَها تُطلِقُ أمَلْ وَتُدِينُ فِعْل، لَا يَختَلِفُ إثنَان عَلَى إنَ ألإرّهَابَ هُوَ ألفِعْلُ المُدَان، وَألمُبَادَرَة أكَدَتْ عَلَى ضَروُرَة ألتَصَدِي ألعَسكَرِي ألحَازِم لَهُ، فَألعَملِيَة ألعَسكَريِة فِي ألأنْبَار، تَسيِرُ بِألإتِجَاه ألصَحيِح، لِأنَ ألجَيِش لَمْ يَدخُل ألمُدُنْ،فَدُخُولُهُ سَيَخلُق فَوُضَى عَارِمَة لَدَى تَنْظِيِم ألقَاعِدَة، تَجْعَلُهم يَستَبِيحُونَ دِمَاءَ ألنَاس فِي ألمُدُنِ.
ألمُبَادَرَةُ ألتِي أطْلَقَهَا رَئِيسُ ألمَجْلِس ألأعْلَى ألإسْلَامِي، لَا تَعُدُ فَرّضَاً عَلَى ألحُكوُمَة، وَإنَمَا هِيَ مُقْتَرَحٌ بِإمْكَانِهَا تُسوِيفُهُ، كَمَا عَوَدتْنَا عَلَى ذَلَكَ، فِي تَعْطِيِلِ مُبَادَرَاتِ ألبَصْرَة، وَمَيسَان، وَألسمِاوَة، وذِي قَار، وَوَاسِط، وَألدِيَوانِية، وَبابِل، وَمَشرُوعُ (بِتْرُو 5 دُولَارّ)!
تَسَاؤلاتٌ كَثيِرَة، تَجوُلُ مُضطَرِبَةً، فِي عُقُولِ أبْنَاءِ ألعِرَاق ألغَيَارَى، تَبحَثُ عَنْ إجَابَاتٍ شَافِيَةٍ؛ تَجبُرُ بِهَا جِراحَاً، سَبّبَهَا جَهْلُ ألسَاسَة بِإدَارَة ألدَوُلَة، وَلُهَاثُهم وَرَاء ألمَصَالِحَ ألشَخصِيَة، هَلْ بِمَقْدُورِ قُوَاتِنَا ألأمْنِيَة ألقَضَاءَ عَلَى بُؤَرِ ألإرّهَابِ؟ فَألقُوُاتُ ألأمريِكِيةُ بِترّسَانَاتِهَا وَمُعِدَاتِهَا، وَأقْوَى وَأحدَث ألتَجهِيزَات وَألخُطَّط ألعَسكَرِيَة، صَرّحَتْ بَعدَ حَربِهَا عَلَى تَنْظِيِمِ ألقَاعِدَةِ، إنَهَا إستَطَاعَت إضْعَافَهُ فَقَطْ! هَلْ سَتَعِي ألكُتَلُ ألسِيَاسِيَة أهَمِيَةُ ألمُبَادَرَة؟ أمْ سَتَستَمِرُ بِألحَملَةِ ألتَسقِيطِيَةِ لِدَعمِ مَوقِفِهَا ألإنْتِخَابِي؟
https://telegram.me/buratha