سليم الرميثي
من يطلع ويقرأ تاريخ السياسة التركية ويقارن مابين السياسة الاردوكانية وسياسة الحكومات التي سبقته في حكم تركيا نجد هناك فرقا كبيرا خصوصا في سياستها الخارجية وحتى الداخلية ..لان تركيا عودتنا على سياسة الانفتاح مع الجيران ودول العالم وهذا ماادى الى استقرارها السياسي والاقتصادي رغم تعثر اقتصادها في بعض المراحل.. اما الان نرى ان سياسة الحكومة التركية مع شعبها اخذت تتجه بقيادة اردوكان الى سياسة تكميم الافواه اعلاميا وحتى على مستوى حرية الفرد..فالمواطن التركي كان يعيش حالة من الديمقراطية افضل بكثير مما هو عليه الان وكذلك الاعلام التركي ..ولكن نجد ان الاعلام التركي اخذ يتنافس مع الاعلام العروبي السلطوي في المنطقة وكثيرا مانشاهد محللين سياسيين اتراك لايستطيعون التحدث بحرية مثل ماكان سابقا قبل مجيء اردوكان وحزبه للسلطة وكثيرا مايكون المتحدثين عبر وسائل الاعلام هم تابعين للسياسة الاردوكانية..اما من يتحدث بجرئة وينتقد سياسة الحكومة التركية الحالية يتعرض لابشع الاتهامات والتهديدات من قبل اردوكان وحزبه مثل الاتهام بالعمالة او الخيانة تماما كما هو حاصل في الدول التي يحكمها دكتاتور وذات سلطة استبدادية..في السنوات الثلاثة الاخيرة نشاهد ونسمع لما يقوله اردوكان في خطاباته ومقابلاته عبر وسائل الاعلام فهي تقريبا جميعها لاتختلف عن خطابات قادة الحروب ومحبي السلطة وكلها خطابات تعكس حالة من الغرور والعُجب بالنفس الى حد اللامعقول..بل احيانا عندما يتكلم او يخطب اردوكان لانستطيع تمييزه عن خطاب احد امراء القاعدة أوداعش..فهل اصبح اردوكان زعيما داعشيا ام ماذا؟ خصوصاعندما نتابع ايضا ونسمع مثلا خطاباته عن الوضع في سوريا فلانجد فيها مايدين الارهاب والجرائم التي ترتكب هناك من قبل قادة القاعدة ومشتقاتها واذا ذكر الارهاب فيرميه فقط على النظام السوري وهذا يدل على امرين اما ان الرجل يخاف من القاعدة وردات فعلها او انه احد الداعمين لها والا ماذا نسمي دعمه وتسليحه لداعش وارساله الوفود بين الحين والاخر للتفاوض والتشاور معهم في سوريا واحتضانه لزعماء وقادة متهمين في قضايا قتل وارهاب؟.. لذلك نرى ان الشعب التركي وبعض كبار الساسة بالاضافة الى الجيش التركي اخذوا بالانتباه لما يجري في بلدهم وهم يحاولون الان ان يفرملوا هذه السياسة قبل ان تدخل تركيا في مأزق الحروب التي ليس لها نهاية على غرار الحروب العبثية التي اوجدها صدام في المنطقة..ومن هؤلاء الساسة الكبار هو الرئيس التركي عبدالله غول الذي اقرّ اخيرا بان سياسة بلاده تحتاج الى تغيير كبير.. وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية ..( أن غول أشار في كلمة أمام سفراء بلاده الى "أنّ أنقرة تدرس ما يمكن فعله للخروج بوضع يخدم مصلحة الجميع في المنطقة" وأضاف أنّ ذلك يتطلّب "الصبر والهدوء وعند الضرورة، الدبلوماسية الصامتة". وقال غول "إنّ الوضع الحاليّ هو سيناريو خاسر لكلّ دولة ونظام وشعب في المنطقة) وهذا دليل على قلق كبير من قبل القادة الاتراك على بلدهم ومصالحهم في المنطقة والعالم ودليل ايضا على ان تركيا تتجه الى تغيير نهجها وسياستها بشكل جذري وهذا لن يتم الاّ بسقوط اردوكان وحزبه..
https://telegram.me/buratha