في تجربتنا السياسية، وربما في تجارب غيرنا، أن الساسة الذين أتخذوا السياسة وسيلة وليس غاية، يلجأون الى حل المشكلات بإثارة أزمات أقوى منها وأشد تأثيرا!
ووفقا لهذا المعطى التجريبي، يمكننا تلمس طريقنا، ونحن نرقب ما يحدث من تطورات دراماتيكية في المحافظات التي أستقوى فيها تنظيم القاعدة الإرهابي، الى حد أعلن نفسه دولة!..ووفقا للمعطى التجريبي ذاته، فإن لهذا التنظيم الشرير إمتداد جغرافي غير منقطع في الشام، وأن خطوط إمداده مؤمنة بنسبة عالية، وأن خطره أكبر من أن يردعه "ترف" الأدانات وبيانات الأستنكار التي لا تنفع الأموات شيئا، ولا تدرأ عن الأحياء خطرا..
مجلس الأمن الدولي أعلن وقوفه الى جانب العراق في مواجهة الإرهاب، وقيل أن جامعة الدول العربية قد فعلت على إستحياء الشيء ذاته..وأن دولا عديدة أعلنت بشكل منفرد الموقف ذاته، فما هي الخطوة القادمة إذاً؟
الحقيقة أن العراق اليوم يقف في مواجهة صعبة مع الإرهاب، وفيها لا يمكن تحقيق الأنتصار بالتصريحات النارية التي لا يدعمها سلطان القوة على الأرض، ويتعين أن يترجم من أعلن وقوفه مع العراق موقفه الى مفردات ملموسة، أما بدعم عسكري على شكل أسلحة ومعدات، أو بجهد إستخباري، أو بالعمل على تجفيف منابع الأرهاب ومحاربتها علنا، ويتعين علينا أن نقبل كل أشكال الدعم ولكن على قاعدة أن لا يكون مشروطا!
منابع الإرهاب باتت مكشوفة الظهر، السعودية وقطر والأردن الى حد ما، والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وأموال الخليج، هي تلك المنابع، وعلى العالم أن يلحق نفسه قبل أن تغرقه أموال داعمي الإرهاب في حرب عالمية ثالثة..
داخليا يجب أن نعزل الإرهاب عن أبناء المناطق التي أستقوى بها، ولن يتم ذلك قبل تفهم إنشغالاتهم وهموهم وإستيعاب رغباتهم المشروعة وطمأنة مخاوفهم، وعند ذاك لن يكون للإرهاب مكان بينهم، على أن لا يكون ذلك وسيلة للإبتزاز السياسي، والأسترزاق الشخصي من قبل تجار الأزمات..
هذه المفردات تشكل بعضا مما ورد في مبادرة "أنبارنا الصامدة" التي أطلقها السيد عمار الحكيم، مع ملاحظة أنه أطلقها بعد أن نفرت قواتنا المسلحة البطلة، رغم نواقص التجهيز والتسليح، وحققت مكاسب مهمة على الأرض، أفقدت فيها الإرهاب زمام المبادرة الذي كان يتمتع به..ومعنى هذا أن توقيت إطلاق المبادرة، يأتي في السياق الصحيح من حيث التوقيت.
https://telegram.me/buratha