المقالات

الخروج من المدخنة !


 

  لا ريب أن عالماً جديداً بدأت ملامحه تتضح، فقد مضى على عالمنا الراهن أكثر من سبعين عاماً، حيث تشكل في أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية، ومنذ قرابة الثلاثين عاماً، بدأ الوهن والتعب يدبان في أوصال هذا العالم، المتشكل على أساس معطيات تلك الحرب الكونية..

  ولسنوات قليلة خلنا أن العالم بات يدور في فلك قطب واحد، بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، لكن تفكك الإتحاد السوفيتي في العشرة الأخيرة من القرن الماضي، لم يكن إلا محطة مؤقتة، في تعطيل نظام الثنائية القطبية العالمي شبه الدائم؛ إذ ما لبث الدب الروسي أن أفاق من صدمته، ليعيد ترتيب مناطق نفوذه، الى وضع يقارب وضعه السابق..

  الروس وهم يستعيدون مناطق نفوذهم، سلبوا الرأسمالية الأمريكية سلاحها الذي كانت تشهره في عدائها للاتحاد السوفيتي السابق، فروسيا اليوم، وهي الوريث الشرعي للإتحاد السوفيتي، ليست شيوعية، بل هي تتبع نظام السوق الذي يتبعه الغرب، والعداء على أساس أيدولوجي، بين الغرب الرأسمالي وروسيا الشيوعية لم يعد له وجود، والصراع اليوم على أسس اقتصادية ومجتمعية.

  الفكرة التي تصوّر الدب كحيوان غبي صورة ليست صحيحة، وأثبت الروس أن دببتهم أذكى كثيراً على الأقل، من الحمار الديمقراطي الأمريكي، أو الفيل الجمهوري الأمريكي، وهما شعارا الحزبين الرئيسين في الولايات المتحدة الأمريكية..

  فمع أن لروسيا أسبابها الاجتماعية التي تربطها بسوريا، على إعتبار ان سوريا؛ مهد الأرثوذكسية المسيحية التي تدين بها روسيا؛ لكن هذا سبب واحد، من بين مئات الأسباب، التي تدفع روسيا للوقوف مع سوريا الى نهاية المآل.

  فقد تيقن الروس أنهم بدعمهم للنظام القائم في سوريا، سيمضون قدماً في عملية تكسير جدران القطب الواحد، وأنهم إذا ثبتوا على موقفهم، سيلتف حولهم كثير من الذين يريدون الخروج من هذا النظام المتعسّف، وكان يوم 12 شباط 2012، بداية عملية التحول إلى نظام متعدد الأقطاب، حيث شهد هذا اليوم، تصويتاً روسياً صينياً مشتركاً، بالفيتو في مجلس الأمن، ضد مشروع قرار يجيز استخدام القوة العسكرية في سورية.

  في البداية لم يفهم الغرب والأمريكان رسالة الفيتو، وأعتقدوا أن بإمكانهم القفز على معطيات هذه الرسالة بيسر، سيما من خلال بوابات التهديد بإستعمال القوة العسكرية المنفردة، لكن تلك التهديدات تحولت الى نكتة، ولاحقاً تمنى مطلقوها، أن لم يكونوا قد أطلقوها، فقد وضعوا أنفسهم في حرج شديد أمام الإعلام والرأي العام. لكنهم بلعوا الموس، وبحثوا عن طريق آخر ليفكك ما أوقعوا أنفسهم فيه.

  في خلال عملية بحثهم عن طريق يخرجون منه من المدخنة بلا سخام، مروا على الملف النووي الإيراني، وتعيّن عليهم أن يلعقوا بصاقهم، وقبلوا بإيران نووية بشروطها !.وفي ما تبقى من مسافة داخل المدخنة، سيتخلون عن أصحاب الدشاديش البيض، التي أضحت سوداء مثل وجوههم، لأنهم سوّدوا صفحات التأريخ بجرائمهم، سواء في سوريا أو في العراق وأينما وصل نفوذهم..

  كلام قبل السلام: سيحاول هؤلاء أن يلحقوا أنفسهم، ويجدون لها طريقاً ما، لكن النار بدأت تستعر تحت أرجلهم، وما أوقدوه سيحرقهم، وقد أكتشفوا ذلك، لكنهم كانوا متأخرين جداً!..

  سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
كريم البغدادي
2013-12-13
كل دوله فيها عظماء عندما تتهاوى دولتهم يخرجون كمنقذين ويسيرون الامور الى ان تتعافى من جراحها لتبدأ بأخذ المبادره من جديد كما هو في روسيا وسياستهاالجديده جعلت اوربا تتدحرج من مكانها وامريكا صار سقوطها من المحتومات فلابد من ظهور قطب جديد موازن للهزات العالميه ليس كما تريده اسرائيل لابتلاع المنطقه بتفريخ اتباع جهاد النكاح اما مشكلتنا نحن حكومتنا حمار يحمل اسفارا، فنرجو ان تكون فيل في المره القادمه
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك