المقالات

لماذا تلاشتْ مفردةُ العدوّ الصهيونيّ مِنَ الخِطابِ العَرَبّي السياسيّ والدّينيّ ؟


صالح المحنّه

منذ أن إحتلَّ الإسرائيليون فلسطين وأسسوا على أنقاضها دولتهم ، إنتفض العربُ ورفعوا شعارات الثأر والمطالبة بالإنتصار الى فلسطين حتى صارت هذه المفردة إنشودةً للأطفال وملهمة الشعراء ورمزاً وشعاراً للحركات السياسية وكادت أن تُرفع في الآذان خمس مرات في اليوم ، فصارت ملازمة للآذان لا يغفل عنها المؤذنُ بعد أن ينتهيَ من آذانه فيدعو على اليهود ويدعو للشعب الفلسطيني بالعودة والإنتصار على المحتلين ، ويختلف الخطاب العربي التثويري من بلد الى آخر ففي العراق بلغ التحدّي ذروته وبدون تراجع فلايقبلون بأقل من تدمير إسرائيل فكانت الهوسات الشعبية تردد (لازم بالقدس يخطب ابو هيثم ) وشعار(كلُّ شيء من أجل المعركة ) على واجهات الدوائر الرسمية والمدارس الإبتدائية ! ومثلها الكثير في باقي الدول العربية !ولكن خطاباتهم ومهاتراتهم كلّها إنتهت الى الفشل والإنهزام في جميع المعارك التي هاجمتهم فيها إسرائيل ، بل كرّموها بإضافة أراضٍ جديدة من الدول العربية المجاورة لفلسطين ، وقد أثبت العرب للعالم أنهم أمّةٌ تقول مالا تفعل ، وهذا ماوصفهم به القرآن الكريم (لِمَ تقولون مالاتفعلون ) ويبدو ان اسرائيل قد أدركت معنى هذه الآية الشريفة فما عادت تأبه بأقوال العرب وخطاباتهم ...، بعد الإنهزامات المتكررة أمام المحتل الإسرائيلي تغيّرَت لهجة الخطاب العربي الرسمي وبدأ التراجع الثوري واضحاً في مضامين ومفردات خطاباتهم حتى أنتهت بعض الأنظمة الى حظر الشعارات المنددة بإسرائيل ! وظلَّ البعض الآخر على نفس الوتيرة الثورية الفارغة الى وقتٍ قريب ثمَّ إلتحق بركب الدول التي خنعت وجنحت للإستسلام ، إلاّ إنَّ الخطاب الديني بجميع تياراته ومذاهبه ظلَّ يدعو على اليهود بالويل والثبور فكانت لاتخلوا خطب الجمعة والجماعة والأعياد من الدعوات المهلكة على بني إسرائيل مصحوبة بالبكاء والنشيج على الحرم القدسي والمسجد الأقصى والأسرى وأطفال غزّة ! حتى وقعت الواقعة ... سقط النظام البعثي في العراق ولاح في الإفق عدوٌّ جديدٌ قد حذّرهم منه ابن تيمية ، إنقلب الخطابُ رأسا على عقب فأسقطوا منه المفردات التي تشيرُ الى المحتل الإسرائيلي ولو كانت نفاقاً وتوجهوا بكل ما يمتلكون من شرٍّ وحقدٍ وبغضٍ موروث كانوا قد ذخروه الى عدوهم الحقيقي الشيعي !!! توحّد الخطاب السياسي والديني واجمعوا على إستهداف الشيعة اينما حلّوا وتركوا فلسطين التي كانت قضيّتهم الأولى والقضيّة المركزية! فعمِلَ رجلُ الدين على تعميق الخلاف السني الشيعي وترسيخ عوامل التفرقة بين الجانبين ! فيبدأ خطبته لاعناً الشيعة ويختمها داعياً عليهم بكل الشرور ! وتحوّل العدو الذي إغتصب فلسطين والقبلة الأولى للمسلمين(القدس) كأنه وليٌّ حميم! وإستأسدوا على العدو الجديد المُفترض والذي تربطهم به علاقات ومشتركاتٌ دينية وتأريخية وجغرافية لايمكنهم إلغاءها.وتحوّلت حربهم الطائفية من حالة التكفير في المساجد والإذاعات الى التصفية الجسدية ! مستخدمين أسلحةً تدميرية لاتبقي ولاتذر ، وحوّلوا شبابهم الى قنابل واحزمة ناسفة تتفجر أجسادهم بين المسلمين الذين يشاركونهم الأوطان ! فترك الفلسطينيُّ أرضه المغتَصَبة وعدوه الحقيقي وذهب ليفجر نفسه في اطفال العراق !حتى بلغَ عدد الفلسطينيين الذين فجروا اجسادهم في اهل العراق أكثر من 1201 حسب الأحصائيات الأمنية ! رجل السياسة المهزوم وجدها فرصةً لتبرير عمالته وإنهزامه أمام الإسرائيلي فراح يحذّر من التمدد الشيعي ودرء الهيمنة الفارسية متناسياً أن الشيعة هم عربٌ يشاركونهم الأوطان فأصدر حكمه عليهم ظلماً بأنّهم يخضعون للفرس ! وهذا قمّة الجهل والتجهيل ففي العراق الشيعة أغلبية الشعب، وهم من مختلف العشائر العربية الأصيلة ، ويشتركون مع السنّة في كل شيء تكاد تتناصف أغلب القبائل العراقية الإنتماء لكلا المذهبين ، كذلك شيعة الخليج ولبنان وغيرهم ، وإذا كان هناك حلمٌ فارسي بالهيمنة على الخليج كما تدّعون وتتخوفون، فما شأن الشيعة العرب بذلك ؟ خلطٌ للأوراق وإجحاف بحق الأمّة جميعا ، والكلُّ خاسرٌ في هذه المعادلة الطائفية ، فما صُرف ورُصد من اموال ومفخخين ومفخخات لو أرادوا منها تحرير القدس لحرّروها ! ولكنّهم لايستطيعون وكأنّهم يرددون قوله تعالى (رَبَّنا غَلَبَت عَليْنا شِقْوَتُنا وكنّا قوْماً ضَالِّين ) صدق الله العليّ العظيم

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك