المقالات

أهالي بغداد يعيشون أجواء البندقية بنسخة عراقية!


علي الغراوي

بيوتٍ ظلماء، وشوارع نهرية، وأجواء ممطرة تعيشها بغداد؛ يسودها الترقب من فوق سطوح المنازل خشيةِ وصول الماء الى ما نتوقعه! وظلام المنازل الناجم من أنقطاع التيار الكهربائي، قد جعلنا لا نرى ما تحت أقدامنا؛ فأمانة بغداد: جالسة وكأنها تشاهد فلم سينمائي، وهي مستمتعة بأجوائه الغامرة؛ أما الشهرستاني: يراقبنا بهدوءٍ تام مع فنجاة قهوته المفضلة من فوق قلاع منطقته الخضراء، وهو يفكر بماذا يقول غداً؛ بعد وعوده الخيالية التي أصبحت حديث الساعة بزيفها اللاذع. طرائف الحديث وسخرية القدر؛ أن العاصمة بغداد- ستصبح نسخة من مدينة البندقية في أيطاليا! ربما تكون كذلك- لكن بدلاً من الزوارق الخشبية المثيرة؛ أستخدمنا حطام ألأخشاب و(جنابر) بأئعي السكائر، وعربات الحاجات المنزلية( حاجة بربع) للتجول بين شوارع العاصمة، وبدلاً من الأضوية ذات أللوان الجميلة التي تضيء المدينة ألأيطالية؛ أستعلمنا ضوء الموبايلات، وعوضاً عن المنازل الخشبية على ضفاف نهر البندقية؛ بنينا العشوائيات ألآيلة للسقوط نتيجةً لأزمة السكن، وبدلاً من الخدمات المتوفرة في نهر مدينتهم؛ طافت النفايات المتراكمة فوق سطح الماء في عاصمتنا، وبدلاً من مجلس بلدية مدينتهم الذي يخطط ويعمل ليل نهار من أجل جمالها؛ لدينا أمانة ومجلس محافظة و وزارة طاقة يعملون من أجل ملىء جيوبهم بألاموال, وهم داخل سيارتهم المظللة؛ ربما البعض منا يكبده اليأس بما آلت أليه المدينتين- لكن المقارنة ساخرة ومؤلمة في نفس الوقت، والفوراق كثيرة، كالفرق بين الليل والنهار. المشهد الفيضاني في بغداد، والسيارات المعطلة بين طرقاتها، وسيلِ مياه ألأمطار من سقوف الغرَف المثَقبة على جالسيها، وغيرها من المأسي؛ أقل هولاً عن مشهد كوينزلاند في أستراليا، وكذلك فيضان ولاية كولورادو الأمريكية؛ لا شك إن شدة فيضانات هذه الولايات أقوى وأكثر دماراً من مأساة عاصمتنا- لكن نجد ألأحتياطات معدة سلفاً، لتقليص حجم الخسائر الناجمة في كل ولاية من جراء الفيضان الذي أصاب كلاً منهما، بينما الأحترازات التي أتخذتها أمانة بغداد زادت من الطين بلة! في أنتشار أتلال النفايات وألأهمال في شبكات الصرف الصحي، ومشاريع رديئة المستوى غير منجزة، أما عبقري الطاقة الشهرستاني؛ فسننتظر بما يخرج في جعبته من أبداعات كلامية مؤثرة حول ملف الكهرباء المعجزة!لا بد أن لا نضع أللوم على ألمسؤولين الكرام؛ فهم منشغلين بأداء مراسيم عاشوراء هذه ألأيام! لذا لا نريد أن نحملهم وزر ما حصل من فيضانات، وأنقطاع التيار الكهربائي، والحالة المززية التي يعيشها المواطن في هذه ألاجواء؛ ندعهم بعد أن يستفيقوا من سباتهم، ويصحوا ولو لساعات قليلة لكي يروا هطول الأمطار تعصف منازلهم الفخمة.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك