المقالات

العَدلُ أساسُ المُلكِ


سعد الفكيكي

كلمةُ من ثلاثةِ حروف، خفيفة باللسان وثقيلةُ في تطبيقُها، وردت كلمة (عَدل) في القرأن مراتٍ عديدة ومنها قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النحل/90] .بفتح العين وتعني الأنصاف، وهي لغةُ الأستقامة وميزان الله على الأرضِ، وأن الله سبحانه وتعالى يُقيم دولةٍ الأيمان على أساس العَدل . اِن الشعوب التي آستطاعت أن تُطبق جزءً من العدلِ آجتازت مراحل في التقدمِ واِن لم تكن مسلمة، فما بالكَ أن يكون تطبيقه بالكامل، ومن مواصفات دولةِ الأمام علي (ع) آنه قام على تطبيق القسط في جميع النواحي السياسيةِ والأجتماعية ويقول أبنَ خلدون العدلُ أساسُ المُلكِ. ونحنُ نتذكر ما مرت علينا من سنينٍ عجاف قاسيةُ في العراقِ خلال حكم النظام السابق، كُنا نحلم بالدولةِ العصريةِ العادلة التي تُحقق لنا الراحة والرفاه والحاكم المنصف، فهل سيجد العراق راحةً بعد معاناة ؟ في ظلِ الوضع الحالي وما يدور بالساحةِ السياسيةِ الداخلية والأقليمية لا اعتقد بأن بلدنا سيشهد الهدوءَ والأستقرار، لكون القائمين عليها هم آنفسهم غيرَ متفقين ولا متوحدين، ناهيك عن الفسادِ الذي طرق جميع أبواب مؤسسات الدولة، فوقع الظلم والتقصير والأهمال . بعد انتهاء الحرب عام 2003 كُنا نتأمل خيراً وأعتقدنا اِن الطبقة القادمة للحكم من المترفين والمنفتحين لديهم رؤيا ومنظور حديث لأدارة الدولة، واِننا لن ننحسر مرةً اخرى بسياسة الحزب الواحد، ولا سيما أن العراق غني بمواردهِ الطبيعية، ولم نكن نعلم بأن الافكار القادمة ستؤدي الى التفرقة والضعف وفوجئنا باستيراتيجياتِها الضيقة وآمتداداتها الخارجيةِ الساعيةِ للوصول الى سدةُ الحكم مهما كانت النتائج، مع أن الساحةِ السياسيةِ لا تخلو من التياراتِ الوطنيةِ المعتدلةَ التي تملك رؤيا وطنية واسعة لكنها فقدت زِمام الآمور، مع وجود بصيص للأمل في عودتها الى مركز القرار، وأستذكر من قصيدةٍ للشاعر المِصري ( محمود سامي البارودي ) يقول :ـ"فيا قلبُ صبراً إنْ جزعتَ ؛ فربما جرتْ سنحاً طيرُ الحوادثِ باليمنِ فقدْ تورقُ الأغصانُ بعدَ ذبولها وَيَبْدُو ضِيَاءُ الْبَدْرِ فِي ظُلْمَة ِ الْوَهْنِ" نعم هنالك نوراً أحيا بنا الآمل، ونحنُ قادرونَ على أن نمضي ونثبت للعالم أننا آصحابُ دينٍ وحضارة وتأريخ، وآن التغيير قادم لا محالةَ والقائمين عليه يؤمنون بالله وبحكمهِ، وينتهلون من شريعةِ الرسول مُحمدُ (صلى الله عليه واله) وبنهج علياً (عليه السلام) بالحكم والدولة التي تقوم على آساسيات العدالة الأجتماعية القادرةِ على تقليل التوتر، والفوارق بين الطبقات عبر مساعدةِ الفقراء وأحداث التوازن ونزع فتيل الأزمة. اِن الدول المتقدمة لم تُبنى بالقتال ولا بالتناحر، واِنما بالفكر وآلعمل وآلتسامح، وآتخذت من مصلحةِ البلد أولاً وقبل كلُ شيء، وبوجود النظرية الصحيحة والملائمة لأدارة البلد، معززة بالسرعةِ للتنفيذ وآقتصار الروتين والأبعد من ذلك وجود البحث والدراسة والتخطيط لتطوير مناطق الضعف وجعلها تستوعب التوسعات المستقبلية لعشرات السنين، مما ذكر لا نستطيع أن نُحقق شيء ما لم يتحقق العَدلُ اولاً .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك