المقالات

الاحتيال السياسي وخداع الرأي العام ...قانون التقاعد انموذجا

502 08:45:00 2013-09-17

خالد الخفاجي

ربما كان للاحتيال السياسي ما يبرره في العلاقات الدولية والسياسات الخارجية, طالما كان الهدف هو خدمة البلاد وفق المبدأ الميكافيلي "الغاية تبرر الوسيلة" التي نفتقدها تماما, بل غالبا ما تقمص محتالونا السياسيين دور الضحية الساذجة التي تقع ضحية الاحتيال الخارجي مقابل منافع شخصية على حساب المصالح الوطنية, ومع هذا فان الاحتيال السياسي يفقد كل مبرراته في إدارة شؤون البلاد الداخلية, ويتحول من دهاء سياسي إلى انتهازية وضيعة لمخادعة العقل الجمعي واستقطابهم واستمالتهم, تعكس التركيبة السايكولوجية والبيئة الشاذة التي نشأ بها هذا المحتال, وضعف ولاءه الوطني وتغليب مصالحه الشخصية على المصالح الوطنية في طريقة إدارته الدولة, والسير بها نحو الانحطاط في كل مجالاتها, ولعل أخطرها هو الانحطاط ألقيمي المجتمعي الذي يترسخ على أيدي أولئك المحتالين. ومما لاشك فيه إن المالكي يعد من ابرز الزعماء الذين تسيدوا الساحة السياسية بتناقضاته الخطابية, بل إن ديماغوغيته هي الصفة الوحيدة التي أهلته لتبوء منصبه, فهو من الخطباء البلغاء المتحمسين على الدوام لخداع الجماهير, مع وجود تنافر وتباين كبير في خطاباته يكمن في البون الشاسع بين التصريحات ومقتضيات تدبيجها بأرفع الكلمات وتزيينها بالوعود والانجازات, وبين الواقع الفعلي الذي يكذب ذلك الخطاب, حيث سرعان ماتتهاوى الشعارات وتصدم الجماهير بواقع معكوس تماما تتناقض فيه الأقوال مع الأفعال, هذا ان لم يكن خطابه جاء معكوسا لواقع الأحداث من الأساس, وهذه الازدواجية ليست حالة آنية عابرة, بل تكاد تكون هي الصفة المتلازمة التي تتصف بها تصريحات المالكي مع فعاله.ما أن أحال رئيس الوزراء نوري المالكي قانون التقاعد العام لنائبه لشؤون الطاقة"حسين الشهرستاني" الشخصية الحالمة التي يحتفظ العراقيين بذكريات مريرة عنها لتشريعه, حتى توجسنا خيفة مما سيؤول إليه القانون, وانتاب الشارع العراقي حالة من الارتياب بصدقية الحكومة في تنفيذها لمطالب المتظاهرين والمتعلقة بإلغاء الرواتب التقاعدية للدرجات الخاصة وإصدار قانون موحد للتقاعد بديلا عنه, وان خديعة سمجة ستنفذ ويجري الالتفاف على مطالب الجماهير, فالمالكي الذي وقف بكل ما أتته سلطاته من قوة شرعية وغير شرعية للحؤول دون قيام التظاهرات عاد بديماغوغيته ليعلن انه مع مطالب المتظاهرين بعد أن وجد إن المتظاهرين لا يعبئون بوعوده ووعيده, فاخرج قانونا بائسا للتقاعد أسوأ من سابقه سمي جزافا بالقانون الموحد وضعت فيه امتيازات للنخبة السياسية دون وجه حق, فلأول مرة نسمع إن هناك "خدمة جهادية" تمنح وفق قانون الانتهازية السياسي لمن قضى السنوات العجاف التي عاشها العراقيون وهو متنسما هواء أوربا العليل ومتنعما برواتب أجهزة مخابراتها, وان هناك خدمة تلقائية لا تقل عن خمسة عشر سنة للهيئات الرئاسية والوزراء, وان هناك خدمة ممتازة تتضاعف حسب الرضا والمقبولية من هذا الطرف النافذ أو ذاك, واغفل القانون تماما وضع سلما للرواتب لإيجاد نسبة وتناسب بين الحد الأدنى والأعلى للرواتب, وهذا ما يفتح الباب واسعا لمنح المسؤولين أنفسهم المزيد من الحقوق للارتقاء في هذا السلم الذي يعد هو الأكثر تباينا في العالم يبلغ أكثر من (300) ضعفا بين حديه الأعلى والأدنى بينما في الولايات المتحدة الاقتصاد الأول عالميا لا يزيد التباين بين الحدين عن (11) ضعفا.من الحماقة أن يتصور مزاولوا الاحتيال السياسي إمكانية الضحك على ضحاياهم بصياغة العبارات المنمقة وقدراتهم الخطابية وإطلاق والوعود والتعهدات من دون الوفاء بها خاصة مع شعب خبر هذه الأساليب جيدا, وإنما هم بذلك يكشفون عن خواءهم السياسي والأخلاقي وبيان معدنهم الحقيقي الذي لا يمكن توريته بتناقضاتهم.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
كريم البغدادي
2013-09-18
عجبت من هكذا رئاسة الوزراء ومجلسها ياليت ان يتحايلوا بمختلف الطرق لجلب السعاده للعراقيين وتقديم الخدمات للمواطن اما التحايل على قانون تقاعد المساكين ليست رجوله ولااحسب اي منهم رجل وعنده شيمه واباء لينتصر على المساكين ويدس راسه في التراب في مواجهة الارهاب والقتل اليومي بالاسلحه الكاتمه والسيارات المفخخه تفو على هكذا مجلس نجس ومخانيث ..نحتاج اليوم اشخاص مثل السيد عامر عبد الجبار لانحتاج مثل من ضيع دينه بدنياه ونال سوء العاقبه بامتياز اخزاكم الله في الدنيا قبل الاخره
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك