المقالات

الدولة الخبيثة..!


 

   ثمة أسئلة محرجة بعض الشيء، ولذلك فإن إجاباتها، مسكوت عنها، أسئلة من قبيل: هل يلزم أن تكون خبيثا لكي تكون إداريا أو سياسياً ناجحا؟ وهل أن السياسية فعلا لعبة خبيثة يلعبها خبثاء؟ وهل الخبث في العمل الإداري والسياسي إحتراف أم هواية؟ وهل هو ضرورة أم ترف؟!

   العقل الإداري والسياسي الخبيث ينتج دوما ما يخدمه، لا ما يخدم الشعب..وفي قراءة للصفحة الثانية من بعض الإجراءات الحكومية الأخيرة، نلمس بوضوح أصابع هذا الخبث..فتشكيل لجان حكومية رفيعة المستوى لحسم قضايا المعتقلين والموقوفين، كشفت عن قضية ربما لم تكن تخطر على بال صناع القرار..

   فبعض المعتقلين مضت عليهم فترات طويلة، دون أن تحسم قضاياهم أو توجه إليهم أتهامات واضحة، وحسنا فعلت تلك اللجان وأطلقت سراح هؤلاء، لكن في الوجه الآخر من الورقة، سنكتشف أن علينا أن لا نتوقع من هؤلاء المطلق سراحهم، أن يكونوا مواطنين منضبطين و"حبابين"، يرتدون حزام الأمان وهم يقودون سياراتهم في طريقهم الى مخبز الصمون لشراء إفطار أسرهم؛ فعدد كبير منهم وتحت عامل الشعور بالتعسف والظلم الذي وقع عليه، سيلجأ الى خيارات أخرى، ليس من بينها أن يكونوا مثلما وصفنا..

   ونفس العقل الإداري والسياسي الخبيث، و بتفعيل مخرجات نظرية الحكم القائمة على كيفية إستخدام القوة والنفوذ، ضمن مجتمع ما أو نظام معين، أنتج من بين ما أنتج حكاية الزوجي والفردي في سير المركبات، وفي قراءة للصفحة الخلفية من هذا القرار، الذي حاول حتى نواب من كتلة الحكومة تبريره بالوضع الأمني، نقرأ أن وراء هذا القرار عقلية تريد تطبيع الشعب على نظام من الطاعة بوسائل مبتكرة، ومن خبثه أنه وضع إستثناءات خبيثة، ليخلق حالة من الإرباك والتحاسد والتباغض المجتمعي، والشرطي الذي قتل مواطنا في بغداد قبل يومين لأنه خالف هذا القرار، كان يمارس مفردات هذه العقلية من حيث لا يدري، لأن رؤساءه ثقفوه عليها، وهم بدورهم ورثوها عن العقل الإداري الخبيث الذي خلفه لنا نظام صدام..

   إن التفكير المنطقي والإيجابي، يذهب بإتجاه البحث عن تفسير للسياسة، يستخدم للدلالة على تسيير أمور أي جماعة وقيادتها، ومعرفة كيفية التوفيق بين التوجهات الإنسانية المختلفة،والقيام بما يصلح الأمور وفقا لأجراءات وطرق ووسائل وغايات مشروعة؛ فليست السياسة هي الغاية تبرر الوسيلة، وليست العاب قذرة خبيثة، فهذا منطق المنافقين الأنتهازيين..

   وربما ولأن نظامنا القائم لم يستوعب بعد دهاء هذا العقل المستحكم بالدولة العراقية، نراه ينساق مع مخططاته متصورا أن هذا هو ما يناسب شعبنا، واليوم نقف كشعب إزاء مشكلات اقتصادية واجتماعية كبيرة، لا بد من معالجتها لصالحنا، وليس لصالح الخبثاء...!

   إن التحدي الحقيقي الذي تواجهه طبقتنا السياسية المأزومة دوما, والذي يتعين عليها النهوض به, ولكن ليس بأدواتها الحالية؛ بل بأدوات جديدة، تحتاج الى تنوع جديد، وقوى إضافية جديدة، ونهج جديد وسياسات جديدة، ودماء جديدة: دماء عاملة وليست دماء قتلى!

   إن الحاجة ماسة جدا لمن يريد المضي الى نهاية المرام، أن يصول على ذاته أولا، والصولة على الذات تبدأ بتطهير الذات من آثامها المتمثلة بقوى إدارية وسياسية صارت خارج التغطية، وبدولة مثقلة بجهاز إداري مشبع بالجمود والفساد والخبث..!

كلام قبل السلام: لا يظهر المستحيل ...سوى فى أحلام العاجز!

 

سلام. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
اخت الشهداء
2013-09-18
قبل اربع سنوات رأيت رجل دين معمم في احدى الولايات في اميركا فقلت له ان البعثية لازالوا يحكمون والذين ظلموا اليوم صاروا اكثر بسببكم جاوبني بكل ثقة وعصبية شنو انسويلهم قابل انذبهم بالبحر!! فقلت له اقرز السلام على العراق اذا هجي افكار ونمايمم متخفيه تحت العمامه. رديته قلت على الاقل المجرمين الذين كانوا سبب قتل الوف من شبابنا حاكموهم .فقال هولاء كانوا مجبورين !!!!!ابكاني بهذا الجواب وجعلني اخرج من المؤتمر.... فهولاء لايهمهم شى لانهم كانوا يأكلون بزمن صدام واليوم صار عندهم مناصب كبيرة ..............
أخت الشهداء
2013-09-18
تحية طيبة ياسيد العجرش: هل يلزم أن تكون خبيثا لكي تكون إداريا أو سياسياً ناجحا؟ اعتقادي الشخصي والذي ارى العراق انه كذلك يجب ان خبيثا!! لعددة اسباب .لو اجريتم مسح على دوائر الدولة من اعلى منصب الى ابسط المكاتب كلها مراوغة رشاوي خباثة تعطيل بوك لااخلاق لاضمير والقصة لاتنتهي ابدا الى يوم تقوم الارض، اليوم لااستطيع ان اقرأ اي خبر عن العراق لانه مؤذي والذي يولمني هناك قلة قليلة من شرفاء هم مساكين العراق في حين ثلث ارباع شعب العراقي هم من اهل التصفيق وبالروح وبالدم كانوا يهتفون هولاء لليوم بمناصب !
كريم البغدادي
2013-09-17
نعم انها سياسة الخبثاء تعلوموها من عمو صدام وزادوا عليها اطنان بعدما خبروا ان الشعب كثرت عليه الضربات لم يحرك ساكنا وهواسلوب مبرمج للتمسك بالسلطه حتى وان لم ينتخبهم الشعب سيستدرجون من يأس من هذه العمليه السياسيه ولم يخرج للانتخابات لتكريس افكارهم المطبوخه في دهاليز المخابرات الدوليه .جحه بائسه الفردي والزوجي بتقليل العمليات الارهابيه ولايعلمون ان الانفجارات تضرب اليوم صباح ومساء بعد ان كانت تنفذصباحا بالامس البعث يبطش بنا واليوم شيعة السلطه والارهاب عقدوا القران على قتلنا باي حجه كانت
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك