المقالات

كيف قرأنا الصدر الشهيد ؟


ظاهر صالح الخرسان

ان شهادة الصدر العظيم أحدثت منعطفاً ملحوظاً في حياة الأمة العراقيــة فان هذه الحادثة العظمى والمصيبة الكبرى بحاجة إلى مزيد من التأمل والدراسة والقراءة خصوصا في لحظات الصراع الذي يدعونا أن نتجاوز الصعاب حينا والخلافات حينا ،ويدفعنا لأمتلاك روح المبادرة وعقلية التحليل وتفكيك تلك المخططات التي تستهدفنا سواء كان منشأها الذات أو الأخر ،كما يدفعنا أن نقارن بين تعاطينا للتحديات وما كان يمارسه الصدر المقدس من خلال أخلاقياته وخطواته في ظرف كان ينظر فيه للإسلام كدين للعجائز والبطالين ،أخلاقياته وخطواته التي كانت نتاج العقيدة لا نتاج نفسه ، البعض منا فهمه حسب ما تمليه ثقافته بان الصدر كان قوة أصولية امتداد للثورة العملاقة في الفكر والأصول التي قادها بن عمه باقر الصدر فأخذ البعض يتقمص هذه الثورة الفكرية من اجل بناء مملكته وبالتالي ليكون المرجع المؤهل والوريث لأقوى فكر أنتجته هذه المدرسة ،ليتبارى به مع الآخرينفي حين نجد البعض فهمه كمفكر أكاديمي كبير محاولا أن يقتطع جزء من تراثه بما ينسجم مع اهتمامه لينتهي بنظريات استثنائية قد اكتشفها دون غيره ،حيث كُتب عددا من الرسائل والبحوث الجامعية في هذا المجال .البعض ذهب باتجاه الحركية وفهم الصدر كونه مجدد حركي ومؤسس لمنهج إصلاحي حيث جرد قلمه واخذ يدون السيرة والمواقف ليكون بذلك دور إخباري مؤرشفا ووثائقيا لإثبات إدانة الآخرين وتمجيد البعض حسب معيار القرب والبعد منه !البعض استخدم الصدر واختزل مشروعه العملاق في قوة رمزية والاستقواء به في الصراع السياسي والاجتماعي فهذه القراءات المتعددة قد أثرت ومن المؤسف جدا على المواقف وخاصة المشروع الإسلامي العراقي والنهضة المهدوية المباركة حيث برّر البعض بما يملكه من قراءة خاصة لمواقفه الحيادية والمواقف المنحرفة ، لقد أثار مشروعه "قدس" جدلاً حاداً في الواقع الإسلامي الداخلي العراقي غير انه جدل ايجابي في محصلته النهائية وعلى الرغم من معرفة السيد الشهيد (قدس) بما سيثيره مشروعه من جدل أو خلاف إلا انه اجتهد أن يفجر قضية الإصلاح للواقع الإسلامي عبر أنموذج العراق لذلك فالتجربة الصدرية مثلت صورة جديدة من صور حركة "الإسلام السياسي" في المسيرة الإسلامية العامة في العالم الإسلامي بكل صورها المتعددة ..فكانت القراءات التجزيئية والتقطيعية لمنهج الصدر كانت ظلما وعدوانا يضاف إلى مظلوميته حيث أصبح هؤلاء المنتمون إليه كل حسب قراءته شراذم صغيرة يخافون أن يتخطفهم الناس لم يقدموا أي مشروع إصلاحي او يتقدموا خطوة لمواصلة النهضة الصدرية الكبرى على كافة المستويات حيث تأطرت بعض القراءات بالحزبية والرمزية الجديدة لمن يريد ان يتبوأ الوراثة ليلتحق بالمفخرة الصدرية وركوب موجة آل الصدر التي ضربت في أعماق التاريخ والبعض قد انهار نتيجة الإخفاق ونتيجة الضربات التي توجهت إلى هذه النهضة لذلك فأن توجه و تصدي السيد الصدر القائد قد شكل توجهاً فكرياً إسلاميا رساليا و قد تبنى سماحته من خلال شعوره بالمسؤولية تجاه مشروع وثوابت المدرسة الصدرية وكذلك اتجاه الجميع دون تمايز طبقي أو عرقي او طائفي وقد كون هذا التوجه رؤية إستراتيجية لواقع البلد الذي يعتبره ميدانا للمشروع الإسلامي المهدوي مستقبلاً وقد عمل على إيجاد أُطر عامة وفضاءات تتحرك فيها إستراتيجيته التي تبناها والاستفادة من مختلف الوسائل التي جاء بها والده العظيم ليصهرها في بوتقة واحدة ومن حيث امتلاكه للمستوى العلمي والثقافي والرؤية السليمة كان له الأثر كبيرا في رؤية استشراقية مستقبلا حيث قرأ الصدر المقدس من كل جوانبه واعتمد على الإرث الفكري والمنهج الإصلاحي دون تقطيع ونراه اليوم يتحمل مسؤولية عظمى وهي قراءة الصدر على مختلف الأصعدة وتنضيد تلك القراءة إلى واقع انتمائي في المجمع بعيدا عن أصحاب المنهج التقطيعي الذين شنوا حربا شعواء ضده وضد أنصاره الذين انصهروا في مشروع الصدر الميداني بعيدا عن التنظير والفلسفة والانا الحزبية المقيتة وببركة السيد الصدر القائد قد أثمرت تلك الحركة التي قطعوها وإعادة مجرى الدم في شريان العملاق (الخط الصدري) وأزال التراب عن الوجوه المؤمنة وألبسها ثوب العزة والكرامة فيا لها من قيادة ربانية كسرت العبودية للذات وعبودية الأصنام البشرية المستورثة التي صنعت أنفسها وقد أحيت نداء العودة إلى الله والى الصدر العظيم فما أحلاها من عودة وما أروعه من ثبات لا يشعر به الآخرين ابدا

فيا دمعة الثوار بالله خبري بأن لواء الصدر ما زال باقيا فليس فقيدا من يموت وفخره يكون كالطود في العلى متساميا

وسلام عليك سيدي المرسل وعلى النجلين الطاهرين وعلى الشهداء الذين اقتفوا الأثر

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك