المقالات

المجتمع المدني: قفازات حرير..؟!


 

   ليس مثل موضوعي المجتمع المدني والديمقراطية ما يماثلهما في إنفتاحهما على الأسئلة أكثر مما تقدمان أجوبة..

   ففيما يفترض أن يكون للمجتمع المدني دورا فاعلا ومهما في تصحيح مسارات الديمقراطية، كأداة لكبح جماح  مضاداتها، ,كجزء من عملية الضغط المتنامي من أجل تحسين أنظمة الحكم، و تأكيد احترام كرامة الإنسان وصيانة حقوقه، والحرص على سلامة بيئته،  نرى أن المجتمع المدني  قد تحول الى أداة بيد القوى السياسية لتلميع أسنانها وتبييضها، والى وسيلة للهيمنة على مسارت الديمقراطية وتوجيهها الوجهة التي ترغبها تلك القوى أو رعاتها الخارجيين، مما أنتج منظمات مجتمع مدني هشة، واقعة تحت التأثير التمويلي لتلك القوى..!

   وشيئا فشيئا تحولت تشكلات المجتمع المدني الى الحلقة الأضعف في التنظيم المجتمعي، بل وبدت وكأنها قد إستسلمت للسلطة وهيمنها..اقول للسلطة وليس للدولة بما تعنيه من معنى وطني واسع، وبإستسلام تشكلات المجتمع المدني الى السلطة،  صارت واحدة من أدواتها، تسيرها بيدها لخدمة عملية إحكام  تسلطها..

   ففي حين يعطي مفهوم المجتمع المدني معنى كيانيا مستقلا عن الدولة والسلطة والأقتصاد، بكونه مجتمع لتنظيمات تعمل بلا غايات ربحية، نجد أن المنخرطين في النشاط المدني أنفسهم غير مهتمين بالوصول الى هذه الغايات، وحتى إذا بدت الصورة وكأنهم يعيرونها إهتماما بدرجة ما، نرى أن هذا الإهتمام يكون ليس هو الغاية الأساسية، بل  إنه في أغلب الأحوال مفتاح لولوج نشطاء المجتمع المدني الى الحقل السياسي، إن لم يكونوا مزدوجي الإنخراط أصلا..!

   وتلك لعمري إشكالية يتعين تفكيك أصولها ومعطياتها ونتائجها، وستؤدي عملية التفكيك هذه الى إنفتاح بوابة ألأسئلة التي أشرنا أليها، على الرغم من التغذية المستمرة لعملية بناء الصورة الأسطورية المرسومة للمجتمع المدني، رغم هشاشته البنيوية و ضحالته المعرفية..

فبينما يفترض بأن يكون المجتمع المدني وسيلة فعالة للنأي بالمجتمع الأوسع عن صراعات الرؤى والأفكار والسياسة والأيدولوجيات، نراه قد تحول الى موضوع من مواضيع تلك الصراعات والمجابهة بين أطراف عديدة.، وليس أدل على ذلك من وجود منظمات مجتمع مدني ينحصر نشاطها بين أوساط طائفة بعينها، مما يعني أن مثل تلك المنظمات باتت أدوات لتكريس الطائفية عبر بوابة المجتمع المدني..!

   والنتيجة أن المجتمع المدني كما أرادته الليبرالية العالمية الجديدة، ليس إلا نموذجا مطوعا خادما لأهدافها، كبؤرة مقلقة توظف توظيفا مزدوجا لتمرير أجندات مشبوهة، تعمل بعناوين براقة كالإصلاح والتغيير، من خلال عمليات الاختراق الواسعة لهذا القطاع..

كلام قبل السلام: معظم الملوك والمتسلطين والمستبدين..كانوا يلبسون قفازات حرير..!

سلام...!

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
مراقب بدقة12
2013-08-27
ان عمل منظمات المجتمع المدني هو كسب الاموال ومحاربة الاسلام والدعوة الى الجعارة باسم الانفتاح
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك