المقالات

وحوش صغيرة تبتلع عراقا كبيرا /


حافظ آل بشارة

بلغ التعاون بين الارهاب والفساد في العراق مرحلة متطورة جدا ، حتى ان تجربة العراق في هذا المجال اصبحت نموذجا لمن يريد ان يدرس الظاهرة ، الاجانب يدرسونها بحرص ، نحن لا ندرسها ليس لدينا وقت ! لدينا ما هو اهم من العراق دائما ، العراق يقدم نموذجا جديدا في ظاهرة المافيات الثنائية (المال- السياسة) تتجاوز ما حققته المافيات الاوربية في زمن الحروب ، في هذا البلد بدأ الفساد بصيغته البريئة المعبرة عن لحظة عابرة من الاثم المبرر تتمثل بأخذ مبلغ (هدية) مقابل تمشية معاملة بسرعة ، انه جيل الرواد من الفاسدين الشرفاء المؤسسين لاضخم امبراطورية انحطاط في بلاد حمرابي وكلكامش والوركاء ، وكانت نيتهم الشرعية هي تقديم ما ينبغي لتحصيل حق مشروع ، متذكرين صفقة قصي بن كلاب الذي يقال انه اشترى الكعبة بزق خمر ليؤسس التجمع القرشي حولها ، تحولت (هدية المعقب) الى اجور شبه علنية لتمشية المعاملات ، فيما انتقل مخترع الهدية الى مستويات مذهلة من الارتشاء ، مثل تمشية صفقات فيها الملايين ثم المليارات واخذ النسبة المقررة ، ثم شراء وزارة ! لانها وزارة تدر اموالا ، او شراء مديرية او قسم من وزارة ، وتطور الأمر الى شراء مجرمين محكومين بالاعدام وسعر المحكوم الصادر بحقه حكم واحد اقل ممن صدر به حكمان او ثلاثة وهكذا ، وهناك عمليات اخرى اكثر تركيبا وذكاء ، تطلب الحكومة معلومات عن أحد كبار الموظفين ان كان مشمولا بالمسائلة أم لا فهناك من يفبرك الجواب ايجابيا ويتسلم من المستهدف نصيبه ، تضليل الحكومة من داخلها ! لعبة الشراء المتسارعة شاركت بها دول اموال النفط تنهمر عليها كالمطر لا يعرفون ما يفعلون بها ، دولة من دول النفط تخطط لشراء اقليم كامل من العراق تقوم بتمويله واعماره واستخراج نفطه وغازه وترفيه اهله حتى يتحول الى نموذج خليجي ! ثم تفصله بعد الشراء ، مشروع مضحك يروق لقوم لم يحصلوا من الحكومة الا مزيدا من الرمال تذروه عليهم رياح الصحراء وهي تعوي بكرة وعشيا ، دولة أخرى تشتري وزيرا كما يشتري النادي لاعبا ، فالوزير في بغداد لكنه لا يعمل للعراق بل للدولة التي اشترته ، وهو محمي بطوق غير مرئي من الرجال والاجهزة ! كذلك اشتروا نوابا ومدراء وساسة ، محققون يقولون مازالت عقود الكهرباء والتجارة والاعمار والاسكان بأيدي رجال اعمال سابقين هاربين في عمان ، هؤلاء يعملون مع عصابات دولية وبأيديهم مفاتيح النقض والابرام! الفوائض الهائلة من الفساد والصفقات السرية وغسيل الاموال تذهب الى المجموعات المسلحة للاعاشة والتسليح والتدريب ، الشبكة الهائلة من الفساد والارهاب مرتبطة بسلطة سرية تمد اذرعها ، واشباحها يتحركون في كل مكان ، اذا لم يعثر العراقيون على حل جذري لمشكلة بلدهم المسروق بصمت ، فسيكون مسروقا في العلن ، انه كجثة ثور مذبوح يسحبه الذئب الى كهفه المظلم بصعوبة ، فريسة اكبر مما ينبغي ، فريسة اكبر من حلم المفترس ... مع الأسف .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك