المقالات

متلازمة السياسه...والتساؤلات المشروعه


الدكتور يوسف السعيدي

في قصيدته ( اغنية الى مزهرية اغريقية) يقول كيتس (حلوة هي الاغاني المسموعة لكن الاغاني غير المسموعة احلى)... فكيف اذا كانت اغاني الساسة التي تملأ الاذان مرة المذاق... هنا لا بد من الذهاب مع الجواهري (فالصمت خير ما يطوى عليه فم)...انا واحد من المواطنين اتساءل ما الذي جنيناه كشعب من اكوام التصريحات التي تنهال علينا يوميا؟ ومن الردود عليها؟ ومن الاتهامات المتبادلة؟ والمديح المتبادل؟ وسطحية الرؤية؟ وتهافت المنطق؟؟ وفجاجة الطرح؟ والادعاءات الفارغة؟ والوعود الجوفاء؟ والوعيد الاحمق؟حقا، ما الذي كسبناه؟مزيداً من الضحايا يتساقطون كل يوم كاوراق الخريف؟مزيداً من الفاقة؟مزيداً من اليتم والترمل؟نعم حصلنا على شيء يعتبره جميع السياسيين مكسباً وهو احداث شروخ عميقة في مجتمعنا وجروحً في الذات العراقية لن تندمل.حتى الآمال قد ذبلت ثم انطفأت كاضواء شمعة لم تبق فيها حشاشة شوق.لا احد ينتظر الفرح بعد اليوم فلقد لاح كشهاب مسرع في جنح الليل، ذهب الشهاب وظل (ثوب الليل مسدول)...لا أمل يغذي الانسان بالقدرة على البقاء فالناس دون امل لا يعيشون... وان لاحوا امام العين يتحركون فانهم (موتى بلا قبور) وذلك عنوان مسرحية لسارتر.منذ تأسيس الدولة العراقية في اوائل العشرينات من القرن الماضي، ونحن ننهش بعضنا، وكل منا يمنح ذاته من السجايا ما ليس فيها، وكل (يدعي وصلاً بليلى - وليلى لا تقر لهم بذاكا)...منذ تأسيس الدولة العراقية والناس يحاولون ان ينهلوا من المعرفة، ونحن ننهل من الدماء (الدماء، الدماء، وحدت بالمجرمين الابرياء - السياب)الناس يبنون ونحن نهدم...الناس يتوحدون ونحن نتنابذ كقطبي مغناطيس متشابهين...الناس ينهلون من الحياة اسمى ما فيها، وانفع ما فيها، والذ ما فيها ونحن نستسيغ الحنظل العلقم صابرون صبر ايوب عليه السلام نردد معه:"لك الحمد مهما استطال البلاء.ومهما استبد الالم...لك الحمد ان الرزايا عطاء...وان المصيبات بعض النعم..."نسينا ان نتوجه اليه سبحانه مثل النبي ايوب عليه السلام، بنفوس طاهرة، صافية النية: (اني مسني الشيطان بنصب وعذاب) ليجيء الجواب: (اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب)...واليوم ها نحن..... يتصدر اسم العراق نشرات الاخبار، لكنه تصدر مذموم... فالاخبار دائما (تبشر) بدماء اخرى انسكبت على ارصفة الشوارع، وتبشر بخلافات جديدة داخل من كانوا متآلفين، وصراعات بين المحاربين، كل ينسب لنفسه تاريخاً مجيداً، وحكمة لا تضاهى، ومواقف لا يأتيها الباطل، وأمالاً حاشا لله ان ينهض بها غيره، وكيلا للتهم على هذا وذاك... ثم تتحدث الفضائيات عن زيادة في تفشي انفلونزا الخنازير وتعتبر ذلك شيئا خطيراً لانها لا تعرف عدد ضحايا الكوليرا، والبهارزيا، والتدرن، والافات التي تنهش كل شيء، وما يفعل الصيف في امعاء الاطفال، وما يفعله الفقر المدقع... وأهم هذه الامراض هو ما تفعله السياسة التي يصح ان نطلق عليها (متلازمة السياسة)Political Syndrome (P.S) والاعراض المتلازمة لهذا الداء هي: كذب صريح، وادعاءات فارغة، وكسب حرام، وموت للناس بالتقسيط المريح...وسط هذا الغبار الملفع بالظلام...تختفي العيون التي ليس عليها غشاوة (الانا)...والاذان التي تسمع بوضوح...والكلمات الطيبة تضيع في حمأة التهريج الرخيص...واهل العقل منحوا اجازة اجبارية...والشخصيات والاحزاب المخلصة تدفع من شرايينها ضريبة الصمت، وضريبة العزلة، وضربية اللااكتراث...والاقلام التي تسيل اخلاصاً، وحصافة، ومحبة. صارت وقوداً لنيران الجهل والجاهلية، اذن ليست حلوة بل:مرة هي الاغاني المسموعة....لكن الاغاني غير المسموعة سجينة في زوايا النسيان ...

الدكتوريوسف السعيدي

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك