المقالات

تركيا الأردوغانية وإشاعة التغريب باسم الإسلام...بقلم: عبد الجبار كريم


 

ما الذي جعل تركيا تبرز على اكثر من صعيد في الوقت الذي لايزال باب انضمامها الى الاتحاد الاوروبي موصدا في وجهها  وبالمقابل مفسوح المجال امام تبني دور الجسر في نقل القيم الغربية والترويج للتغريب ثقافيا وسياسيا في بلاد المسلمين وخصوصا في شقها العربي.

تركيا الاردوغانية تمثل اليوم النموذج الذي كانت اميركا تبحث عنه في علمانية بغطاء ديني، واليوم يتم الترويج له خصوصا في العالم العربي وبالاخص في الدول التي شهدت ربيعا عربيا ، وبرز فيها الاسلام السياسي كمنتصر ، والتي يراد دفعها باتجاه تبني النموذج التركي كافضل انموذج متوفر حاليا لتسويق المشاريع الغربية والاميركية وعلى مختلف الاصعدة.

ان الدور الذي تلعبه تركيا الاردوغانية في تكريس العلمنة وبغطاء اسلامي يمثل مستوى جيدا مما تطمح وتتطلع اليه اميركا والغرب عموما في مواجهة النموذج الاسلامي الايراني والحؤول دون انجذاب التيارات الاسلامية التي تولت مقاليد السلطة في بلدانها لهذا الانموذج الذي يحارب الاتجاه الغربي بمختلف مشاريعه الثقافية والسياسية.

كما تسعى اميركا الى تضييق الخناق على الاتجاهات السلفية والمتطرفة عبر استغلال سذاجتها وجهلها للانتقام بواسطتها والانتقام منهم في عملية ميكيافلية برعت اميركا في استثمارها وباشكال مختلفة، محققة اهدافا عديدة من خلالهم ، فمن جهة تستغل هذه الاتجاهات الجاهلة بالسياسة لدفعها الى ممارسات تسيئ للدين الاسلامي في ابرز ثوابته وقيمه ومفاهيمه، بل وتخلف صورة ممقوتة للقيم الدينية السمحاء حتى لدى المسلمين ناهيك عن غيرهم.

هناك عبارة وردت في مقدمة كتبها (هنري كيسنجر) وزير الخارجية الاميركي الاسبق لدراسة اوائل الثمانينات من القرن المنصرم تحت عنوان (الترابط الخطير بين الطاقة والامن القومي الاميركي) جاء فيها بالنص: ان التغيير الداخلي لامفر منه ولايمكن قمعه، وان علينا ان نقف الى جانب قوى التغيير، ولكن يجب ان لا يغرب عن البال ان لدينا مصلحة حيوية في طبيعة هذا التغيير، وفي نجاح اولئك الذين يؤيدون التغيير السلبي واستمرار الروابط مع الديمقراطيات الصناعية) - مجلة النهار العربي والدولي البيروتية بتاريخ 28 – 2 -1982 .

ان الابداعة التي حققها رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ليتخلص من سيطرة الجيش على مقاليد السلطة في تركيا ، ولوضع حد لمحاربة الاتجاه الاسلامي في تركيا كلما انبرى لتولي مقاليد السلطة في هذا البلد، انه اخذ يعطي مفهوما مغايرا وغير مألوف للاتجاه الاسلامي الا وهو الارتباط بالغرب والعمل معه بالاتجاه الذي يرتأيه الامر الذي فسح المجال امام الحكومة التركية ذات الخلفية العثمانية لتطرح نفسها كبديل وحل لمختلف المهام والمشكلات في الشرق الاوسط ، وبمختلف الاشكال والاساليب المبتدعة اردوغانيا ليؤمن مصالح تركيا لعقدين من الزمن على الاقل.

ولكن ككلمة اخيرة نقول ان تركيا مهما برزت في ظل الضوء الاخضر الاميركي فهي محكومة بالزوال والاضمحلال طالما بنت سياساتها وفق ما يشتهيه الغرب  وتكريسا لمصالحه، وليس وفق ما يخطط هو لنفسه من دور بعيدا عن السطوة الاميركية المعروفة بالتنكر لاقرب حلفاءها في الاوقات الحرجة والعصيبة.

19/5/13514

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك