المقالات

انتخابات أم احتجاج رمزي ؟

537 17:24:00 2013-04-21

حافظ آل بشارة

نصف الناخبين المسجلين فقط شاركوا في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت امس ، وهو تحذير واضح من الناس للقائمين على العملية السياسية ، شعور بالاحباط واليأس وتكرار للسؤال : ماذا قدموا لنا ؟ سؤال ممل ، كل طرف يجيب عنه بشكل مختلف ، ولكن الجواب الشعبي الشائع هو : لم يقدموا لنا شيئا ، وجواب الشعب معيار حتى لو انطوى على ظلم للحاكمين ، مقهى الحي مزدحم بلاعبي الدومينو ومدخني النارجيلة في ظهيرة يوم الانتخابات ، منهمكون في موضوعات أخرى غارقون في الضجيج ، لا أحد منهم يفكر بالذهاب الى المركز الانتخابي الذي يبعد عن المقهى مئة متر ليدلي بصوته ، وكأن الانتخابات تجري في بلد آخر ! العاصمة حققت النسبة الادنى في المشاركة وهي 33% رقم له اكثر من معنى خاصة وان العاصمة تمثل طليعة البلد وعيا وموقفا ، انه احتجاج رمزي لاهالي بغداد ، تجاه الانتخابات والدولة والحكومة والعملية السياسية ، انه فقدان ثقة بالسابقين واللاحقين على حد سواء ! الجمهور تقدم خطوة في وعيه فهو يرفض الوعود ، ولا يصدق اي تبريرات للفشل ، ويبحث عن حلول سريعة ، ويتهم اغلب الاطراف السياسية بالفساد ، حتى يبدو اصلاح سمعة القوى السياسية الحالية مهمة في غاية الصعوبة ، الجمهور ليس أميا بل يمتلك معلومات هائلة ، بوجود شبكات الاعلام وتبادل الرأي لم يعد بالامكان مخادعة الشعب واقناعه باكاذيب وارقام مزورة ، الناس يعرفون بدقة حجم الموارد النفطية للبلد ، وحجم الموازنة ، وحجم الفشل في عمل الدولة ، ومستوى الفساد والمحسوبية السائدة ، ويعرفون بالاسماء تلك الدول التي لا تملك اي مورد اقتصادي وهي مع ذلك افضل عيشا وعمرانا من العراق ، الناس يعرفون كل شيء ، ولم يعد هناك عراقي يخاف من الحكومة او الاحزاب ، ولم يعد احد مستعدا للتملق للرئيس او الهتاف باسمه ، لا يمكن اعادة الناس الى الوراء وقد تحقق هذا المستوى من الوعي ، لكن للاسف يقابل هذا النمو في الوعي الشعبي تراجع في ثقافة الرئاسات والنواب والوزراء وكبار المسؤولين ، فهم مازالوا يتصرفون بمنطق الامبراطور ، ما زالوا غارقين في اوهام الوجاهة ، والبحث عن التصفيق والتملق وقصائد المدح ، ما زال المسؤول يعتقد خطأ بأن بمقدوره ان يفعل ما يشاء ، ما زال يعتقد ان بامكانه التصرف باموال البلد كيفما يريد ، وان يخص بها من يشاء من ذويه واقرباءه واصدقاءه ، ومن يعترض فهو خائن وعميل ومتمرد ، تخلف ساسة البلد اخلاقيا سيؤدي الى انهيار الديمقراطية ، هذه الانتخابات محبطة ومثيرة للمخاوف ، خاصة وان 12 محافظة فقط هي التي اشتركت ، ثم تأجيل انتخابات اقليم كردستان لا نعرف المبررات ، وتاجيل لاكبر محافظتين اخرى ، تأجيل يؤدي في النهاية الى ترسيخ حالة التجزئة ، والايحاء تدريجيا بأن هناك اوضاع مختلفة في بلد غير متشابه في ظروفه ، تقزيم للحالة الاتحادية ، تآكل مفهوم الوطن الواحد عبر الزمن وتطبيع التشرذم حتى يصبح معتادا ، ايضا اسهمت الانتخابات بهذا الشكل في حصر التنافس والصراع بين مواطني مكون مذهبي واحد يقابله عدم وضوح صراع مماثل في المذهب الآخر لانه يدور في مناطق مختلطة ، هذه المعطيات تؤشر تراجعا عاما في العملية السياسية ، لكن ضمن مواقف الجمهور الواعية تصاعد نسبة الذين اعطوا اصواتهم للكتل غير المشتركة في الحكومة والتي مازالت صفحاتها بيضاء من التهم هربا من اصحاب الصفحات السوداء او الرمادية ، القوى الجديدة التي ستدخل مجالس المحافظات يعول عليها في اعادة الثقة بالنظام السياسي الجديد في العراق والاستمرار في ازاحة القوى الفاسدة بالتي هي احسن .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك