( بقلم : ناهدة التميمي )
لاول مرة تعرض قناة الشرقية الارهابية برنامجا معقولا يحكي عن معاناة ومآسي المعدمين من ابناء مدينة الثورة او الصدر.. فلم نتعود من هذه القناة ان تذهب الى مناطق الفقراء لتساعد شابا فقيرا على الزواج اولتعين في حل مشكلة ما لشخص من هذه المناطق المهمشة والمحرومة وتسلط الضوء على كوارثهم الانسانية وحرمانهم.. بل على العكس من ذلك فلطالما رايناها تذهب الى بيوت الموسرين والاغنياء واصحاب الشركات ورؤوس الاموال لتنثر عليهم ذهبها وعطاياها غير المحتاجين لها.
اليوم عرضت الشرقية برنامجا يدمي القلوب عن اطفال العراق في ضواحي مدينة الثورة في بغداد وهم يعيشون وياكلون وينامون في الزبالة .. وربما تكون الشرقية قد عرضت ذلك من باب نهجها الدائم في زيادة النقمة وهدم اي جهد للاصلاح وخلط الاوراق .. ولكن ذلك لايمنع من الاعتراف بوجود هذه الفئة التي تعيش خارج الزمن والانسانية وليس لديها ابسط حقوق الانسان .. وكان ضمن البرنامج لقاءات مع بعض الناس والاطفال الذين يمتهنون هذه المهنة وهي العيش على المزابل والاكل منها.. وقد ظهرت احدى النساء المسكينات الارامل وهي تعيش في شيء شبيه بالجحر او الكهف قرب هذه المزابل على شكل خيمة صغيرة بنيت من عدة صفائح ( تنكات) ومغطاة ببعض الخرق وقد ملأت ارضيتها الاقذار والذباب.. وقد انهمرت دموع هذه السيدة مدرارا وهي تحكي قصة عذابها وقالت انها هي واولادها الصغار ياكلون من المزبلة لانها ليس لديها اي مورد ولاتستطيع شراء صمونة واحدة .. واضافت والدموع تنهمر من عينيها انها تتمنى وتحلم ببيت او غرفة مبنية بالطابوق تعيش فيه مع اولادها لتعرف طعم البيت وكيف يكون شكله اذا كان مبنيا من طابوق .. ثم قالت طفلة اخرى انها وسبعة من اخواتها الايتام واصغرهم معوقة لاتقوى على المشي يمتهنون هذه المهنة يجمعون القناني والزجاجات الفارغة ليبيعوها ببعض الملاليم علها تسد رمقهم وانها فقدت اصبعها اي قطع اصبعها الصغير الجميل في المزابل حينما طبق عليها باب احدى السيارات القديمة فقطعه.
وكان هنالك اطفال صغار كثيرون واناس اخرون ممن كتب عليهم الشقاء يملأون المكان مما لايتسع له المجال لذكر قصصهم وماسيهم وحرمانهم من اعز سنوات عمرهم سنوات الطفولة الحالمة فهذه المزابل حلت محل ملاعب الطفولة الوردية الندية في بلد يعوم على بحيرات النفط وخيرات لاتنتهي .. ايعقل ان يعيش هؤلاء بكل هذا الحرمان ومجلس النواب يلهو سادرا باصدار قوانين امتيازات اضافية للنواب والذين لم يحلموا يوما ان يحصلوا على عشر رواتبهم الحالية .. وهل يعقل ان يعاني الشيعة كل هذه المعاناة ويقاسون كل هذا الحرمان ومعظم ثروات العراق تتركز في مناطقهم والكل بدون استثناء يبرطع بخيرات نفطهم الاهم .. اين شبكة الحماية الاجتماعية لماذا لم تشملهم .. وان لم تشمل هؤلاء فمن المشمولين اذن.. ولو اني عرفت من مصادر موثوقة ان التجار والموسرين واصحاب الاعمال الحرة ممن يستطيع ان يدفع رشوة اربعمائة دولار هو من يحصل على رواتب الحماية الاجتماعية وليس هؤلاء المساكين.. اين الدولة لتنصفهم واين المنظمات الخيرية والاسلامية والدينية لتضع حدا لمعاناتهم وتساعدهم على العيش كبشر.
ناهدة التميمي
https://telegram.me/buratha
