المقالات

التهجير ألقسري – معالجة أولية

1805 03:17:00 2007-04-03

( بقلم : السيد ابو مرتضي العسكري )

بدون حاجة لشروحات عن مشكلة التهجير ألقسري الذي تعرضت له أطياف واسعة من أبناء شعبنا على أيدي عصابات التكفير، لأن هذا موضوع اشبع بحثا وتناولته الصحافة والمؤسسات الإعلامية حتى بات من برامج الأحزاب والقوى والكتل السياسية، بل و مادة دائمة في البيانات الصادرة عن مراجع الدولة ومجلس النواب وتصريحات المسؤولين الشبه يومية.. وتحصيل الحاصل إننا نقف أمام مشكلة وطنية, والمشاكل الوطنية تكون معالجتها من هذا المنطلق.. مشكلة وطنية بمعنى انتشارها على مساحة الوطن العراقي كله.. ومشكلة وطنية بمعنى أنها خارجة عن قدرت الأفراد والقوى المحلية على معالجتها.. ومشكلة وطنية بمعنى أنها تحتاج إلى حلول جذرية لا ترقيعية.. ومشكلة وطنية لأنها نشأت وتكونت وفقآ لمسببات سياسية بدعاوى وطنية.   وفي قبالة ذلك فأن وقوف الحكومة ومجلسي الرئاسة والنواب عاجزين إزاءها أو مهملين لها في أحيان أخرى أو تاركين مهمة حلها للزمن، يفصح عن إن الإرادة السياسية لحل هذه المشكلة غير متوفرة ألان على الأقل, وهو مؤشر خطير, بل إن بعض التحليلات تذهب ابعد من ذلك، إلى حيث التصور بأن هناك إرادة سياسية ربما رسمية مشجعة على التهجير متصورة أن فيه الحل للعقدة الطائفية التي تعاني منها مناطق متعددة ذات وجود مختلط للمذاهب والمكونات متناسية أن سياسات التهجير أمر أسسه  النظام السابق وكان من أصعب مورثاته إيانا، ومن المؤلم إن مثل هذا التحليل الذي يذهب إلى وجود مثل هذه الإرادة يجد له مصاديق على ارض الواقع، والمعطيات التي أمامنا كثيرة في هذا الصدد، ولعل في إيراد بعضا منها هنا يؤكد ما ذهبنا إليه, لأن إهمال المشكلة منذ البداية و ( القبول بها ) أدى إلى تفاقمها, حيث أن أجهزة الدولة لم تكتف بالإهمال في بداية الأمر بل ( نفت ) أو (انكرت) حصولها بالمرة في البداية، ثم ( قللت) من أهميتها على الرغم من تصاعد وتيرتها, وإذا صدقنا أن ذلك كان بحسن نية وتخطيط لتقليل انعكاساتها السياسية و خفض مستويات الاحتقان الطائفي في البداية، فان الاستمرار على هذا النهج بالتعامل بعد تصاعد المشكلة إلى مستويات بلغت مئات الألوف من الأسر المهجرة مع ما رافق ذلك من ارتكاب مجازر بشرية ، يعد تهاونا وتقصيرا لا يمكن السكوت عنه.بل وتشكيل مصمم للمشكلة.

 وبديهي إن احد وسائل المعالجة هو في رعاية الأسر المهجرة وتقديم الدعم المالي لها وهو أمر شهدنا فيه أيضا تهاونا وإهمالا جسيمين، فمبلغ الـ (100000) دينار المقدم لهذه العوائل لا يسد حتى أجور ارتحالها إلى ألاماكن البديلة على بؤسها، وشمول هذه الأسر بشبكة الرعاية الاجتماعية مقتصر على الأسر التي هجرت قبل شهر 10/2006 وما صدر في وسائل الإعلام من إعلانات في دوائر الهجرة والمهجرين من ضرورة المراجعة إلى فروع الوزارة في المناطق التي ارتحلت إليها الأسر لاستلام المعونة بقي حبراً على ورق, وكذبة كبيرة بالحقيقة. وحتى لو استلم المرحلون مبلغ الـ (250000 ) دينار المعلن عنه فهل يعوضهم عن أملاكهم ومساكنهم وأموالهم التي صادرها التكفير يون وفقاً للتعميم الذي صدر عن هيئة علماء السنة ؟ ثم هاهي الدولة بقضها وقضيضها يقف أمامها من قاموا بعملية التهجير بكل صلف وغرور وعنجهية دون أن تقتص منهم أو حتى تعاتبهم! او ليس من واجب الدولة والحكومة أن تحمي المواطن ؟ وإذا كان كذلك، فأين حق مواطن فقد  أملاكه جراء التهجير الذي حصل نتيجة إما لعدم إمكانية أجهزة الدولة من توفير الحماية له أو تقصيرها أو (رغبتها!!) في تمرير هذه السياسة؟

إن الدولة ليست مسؤولة فقط عن تعويض الأملاك المفقودة أو التي احرقها الارهابين والتي تعود للأسر المهجرة ،بل مسؤولة قانوناً عن تعويض اسر ضحايا الإرهاب عن فقد المعيل وتوفير راتب تقاعدي لهذه الأسر يحفظ ماء وجه هذه الأسر ويغنيها عن الوقوف على أبواب اللئام! وإذا كان دستور العراق يؤكد في ديباجته إن الإسلام مصدر رئيسي للتشريع  فان الدولة مسؤولة عن ديات الشهداء والجرحى والمعوقين جراء أعمال الإرهاب وفي مقدمتهم من تعرض لظلم مزدوج بالتهجير والقتل.  ولعلنا في طرحنا هذا لا نغالي في نقل معاناة تلك الأسر إذا وصفنا أنها ألان تواجه مشاكل اجتماعية وأخلاقية خطيرة أيضا وهذه الأسر وعددها كما أسلفنا أصبح مئات الألوف فقدت ثقتها تماماً بالدولة والحكومة بل إن اسم الدولة والحكومة أصبح لها عنواناً للتقصير ومثالا ً للظلم ومثاراً للسخرية والتندر. واغلب هذه الأسر لم تحصل من الدولة ومؤسساتها على شيء يستحق أن يحكى عنه, وكل الذي حصلوا عليه هو بطاقة الأسر المهجرة – التي قال احد موظفي دائرة المهجرين لأحد الذين. سألوه بعد إصدارها لهم ماذا نصنع بها فأجاب(انقعوها واشربوا ماءها)...

ومازال معظم الأسر المهجرة بدون حصة تموينية لبقاء حصصهم لدى وكلاء المواد الغذائية في مناطق سكنهم الأصلية وعجز أو امتناع أجهزة وزارة التجارة عن نقل بطاقات تموينهم إلى المناطق التي ارتحلوا إليها، وهاهي البطاقات التموينية الجديدة  للعام 2007 قد صدرت، ولكن وزارة التجارة لم تنقلها إلى المناطق الجديدة على الرغم من أن المواطنين المهجرين قدموا ألاف الطلبات إلى مراكزهم التموينية الجديدة والتي كانت تعدهم بأنها ستحول تجهيزهم حال صدور البطاقات الجديدةإلى وكلاء بالمناطق التي ارتحلوا إليها، وقسم كبير منهم لم يستلم الحصة التموينية لسنة مضت، بل إن وزارة التجارة تطلب منهم مراجعة مراكز التموين في مناطقهم القديمة لاستلامها وهو أمر مستحيل وأشبه بالدعوة للانتحار.

إن عظم المشكلة يتطلب جهداً بحجمها وربما أكثر منها حتى يمكن تجاوزها, والحلول ممكنة وهي إن بدأت بالأمن فأنها تنتهي به ودعواى أجهزة الدولة للأسر المهجرة بالعودة إلى دورها هي بمثابة دعوة إلى القتل على يد الارهابين الذين مازالوا يمسكون بالمناطق التي هجروا منها تلك الأسر... ثم كيف يطمئن الذين هجروا مثلا من الطارمية وسبع البور والاسحاقي ومحيط بلد  والد جيل وأبي غريب والخضراء والعامرية والجامعة والعدل ومازالت الجوامع مراكز للإرهاب وأئمتها يصيحون بكل عقائرهم (اقتلوا الروافض حيث ثقفتموهم ) وكيف يمكن أن مثلاً أن يعود من احرق جيش عمر داره في حي العامل بأثاثها وافلت بجلده بعياله بالوقت الضائع – وما هي الضمانة التي تقدمها أجهزة الأمن له وهي منشغلة بتأمين أمنها وامن جامع أبو بكر الصديق! الذي انطلقت  منه زمرة الشر الإرهابية لتقوم بعملها الدنيء الذي قتل أي إمكانية للتعايش مستقبلاً .. وحتى إذا دسنا على جراحنا فمن يضمن أن ينكأ الضاري والد ليمي واضرابهما تلك الجراح التي تزداد عمقا يوما بعد يوم..ومن الله التوفيق                                                                                                                                        السيد ابو مرتضى العسكري

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك