المقالات

الداخلية من الداخل

1596 19:53:00 2007-04-01

( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )

ربما شكلت هذه الوزارة خصوصا بعد سقوط النظام الصدامي الهاجس الأكبر بالنسبة للعراقيين جميعا نظرا لما تنهض به من دور خطير وحساس ومفصلي في بناء الدولة والحفاظ على أمن مواطنيها ومؤسساتها وهيكليتها. وقد تباين اداء هذه الوزارة من حقبة الى اخرى، ولو تتبعنا هذا التباين فاننا سنلحظ وبسهولة ان الوزارة هذه كانت لا تتعدى حدود الاسم زمن استيزار الوزير نوري البدران كأول وزير داخلية في حقبة ما بعد صدام وفي تجربة مجلس الحكم تحديدا، وبالرغم من ان اداء الوزارة كان ضعيفا وغير لافت الا ان الوقائع والاحداث الجنائية والارهابية كانت هي الاقل في ذلك التاريخ لسبب بسيط هو ان الزمر الارهابية والتكفيرية والصدامية كانت تعيش هول الصدمة التي اوقعتها في دائرة الاستشرافات المخيفة بسبب سقوط اعتى النظم دكتاتورية ووحشية وقسوة وشراسة ، فضلا عن ان التدخل الخارجي في المشهد الامني العراقي ما كان بالشاكلة التي عليها الان وربما كانت معظم الخروقات الامنية التي شاهدها وعاشها العراقيون آنذاك تكاد تكون محصورة بعمليات السلب والنهب على الطرقات البعيدة والرابطة بين المحافظات النائية.

المشهد تطور الى وضع غير الوضع الذي كانت عليه الوزارة ايام البدران حيث استطاعت الزمر البعثية الصدامية والتكفيرية من التسلل الى دوائر الوزارة من جديد مع استيزار السيد فلاح النقيب ابان حكومة دولة رئيس الوزراء الاسبق الدكتور اياد علاوي فقد وجد البعثيون والصداميون على وجه التحديد طريقهم سهلا للولوج ليس فقط الى الوزارة وانما حتى الى مفاصلها الاساسية والرأسية والمتمثلة بقيادة اجنحتها الميدانية، وبناءً على ذلك فقد بدأت دراما الموت والجريمة الفظيعة تلعب دوراً هاماً في مسيرة التجربة العراقية الجديدة حيث بات العراقيون في تلك الحقبة يتحدثون عن مصطلحات ومسميات غريبة منها مثلث الموت وطريق الهلاك ودائرة الخنق ومنظومات (العلس) الى غير ذلك، وقد دفع العراقيون في تلك الحقبة من الارواح والممتلكات اثمانا باهظة خصوصا على الطريق الرابط بين بغداد – الحلة وبغداد – عمان دمشق. وفي معظم الطرق الرئيسية الاخرى، وقد رافق ذلك ايضا توافد فرق الارهاب القادمة من خلف الحدود وبسهولة مفرطة الى الداخل العراقي.

المرحلة الثالثة التي عاشتها الوزارة تمثلت مع دخول العراق التجربة الانتقالية بمجيء حكومة الدكتور ابراهيم الجعفري واستيزار السيد بيان جبر لهذه الوزارة حيث قام الاخير بخطوة اولى وهي تطهير الوزارة من معظم المتسللين الصداميين اليها، وشهدت الحكومة في تلك الفترة تطورا نوعيا في اعادة بناء وهيكلة الوزارة فقد تشكلت العديد من الالوية والافواج وقوات التدخل السريع فيما نجحت الوزارة الى حد بعيد في كسب ثقة الشارع العراقي بالرغم من حصول عمليات ارهابية من الوزن الثقيل ، لكن مرد تلك الثقة كان نفسيا وامنيا في آن معا، ولا شك فان الوزارة استطاعت ان ترسم لنفسها خارطة جديدة غير خارطة البدران والنقيب.

في تلك الحقبة ايضا اتصفت الوزارة بقوة القرار الامني والاداري والاستعداد النفسي واللوجستي لتحمل اية مهام يطلب منها وربما نستطيع قياس ثقة الشارع العراقي بوزارته من خلال انه لم يصل الى درجة الاحتقان ضد الوزارة وليس ضد الفعل الجرمي، وهذا ما افصحت عنه عمليتا تفجير المرقد الطاهر للامامين العسكريين(ع) وفاجعة جسر الائمة، بل ان العراقيين تأسفوا كثيرا لتوديع بيان جبر لوزارته مع مجيء حكومة الاستاذ المالكي.

وللتأكيد اكثر فان الاعمال الارهابية التي حصلت زمن الوزير جبر لم تدفع الشارع العراقي للمطالبة باقالة الوزير انما جعلته يتشبث به اكثر والازمة التي عاشتها فترة تشكيل حكومة المالكي كانت بسبب بقاء جبر في وزارته من عدمه.

هنا ندخل المرحلة الرابعة لهذه الوزارة بقيادة الوزير الاستاذ جواد البولاني ونستطيع ان نقسم هذه المرحلة الممتدة الى سنة تقريبا الى ثلاثة مراحل، فالاشهر الثلاث الاولى كانت اشهر ترقب وحذر من الشارع لاداء الوزارة ولا نستطيع ان نسجل موقفا عمليا ثابتا عن ادائها انما هناك مواقف بعضها انفعالي وبعضها واقعي وربما يكون سبب هذه المواقف متأتي من كون شخصية الوزير قد حظيت بموافقة اطراف وكتل نيابية لم تنل بعد ثقة الشارع العراقي لحداثة تجربتها في العملية السياسية الجديدة من جهة، ولتصاعد العمليات الاجرامية الارهابية في تلك الفترة من جهة اخرى، لكن الوضع اختلف خلال الاشهر الاربعة التي تلت الثلاثة اشهر الاولى حيث بدأت جسور الثقة تمتد بين الوزارة وشارعها عندما نجحت الوزارة بالتمدد الميداني واللوجستي طوليا وعرضيا وصارت لها اكاديميات ومؤسسات وتشكيلات وتجهيزات وحضور ملحوظ في المناطق الساخنة فيما حصلت انفراجات ملحوظة على بعض الطرق في حين بقي البعض الاخر كما هو..وقد يكون قبول الشارع عن وضع الوزارة يُسجل لصالح الوزير البولاني والوزارة معا حيث ان هذا القبول مهد للوزارة ان تلعب دورها المفترض اينما تقتضي المصلحة الامنية ولهذا فقد تحركت الوزارة في النجف الاشرف كما في احداث الزركة وكتحركها في مناطق ابو غريب واللطيفية دون ان يجرؤ احد على وصفها بالطائفية وهذه ميزة يجب توظيفها امنيا وميدانيا، وكما بدا ذلك واضحا مع زيارة العاشر من محرم والزيارة الاربعينية حيث كان للوزارة دور مهم في التصدي للجماعات الارهابية ويزداد هذا النجاح اهمية اذا ما اخضعناه للغة الارقام حيث توافد على كربلاء في الزيارة الاربعينية وحسب كل الاحصاءات ما يقرب من السبعة ملايين زائر من مختلف مدن العراق والبلاد المجاورة، ولذلك فان ما حصل من خروقات كاحداث الحلة اعتبرها المراقبون حالات طبيعية بالقياس مع الكثافة البشرية التي توافدت على كربلاء المقدسة ، وهذا النجاح للداخلية عزز روح الثقة فيها مرة اخرى كما كان عليه الحال ابان المرحلة التي سبقتها لكن هذه المرة مع احتساب الفارق الكبير لجهة الكثافة البشرية التي اتجهت الى كربلاء.

ليس من الصحيح حصر نجاح الوزارة حاليا في هاتين الفعاليتين انما ينبغي ان نأخذ المشهد كاملا حيث لم تتعرض دولة من دول المنطقة ولا في دول العالم قاطبة الى موجة ارهابية هستيرية شرسة كالموجة التي يتعرض اليها العراق، واذا ما عرفنا الدور الذي تنهض به الوزارة بدقة فاننا بالتأكيد سنجد ان الخروقات الامنية التي تحصل هنا وهناك تكاد تحصل ايضا في دول لا تعاني من تدني في مستوى الامن ولا هي من التي تخوض تجارب سياسية جديدة على انقاض تجارب قديمة كتجربة البعث وصدام وهذا ربما ما يبرر للوزارة بعض الخروقات التي تحصل هنا وهناك والتي نتمنى ان لا تحصل مستقبلا.

يبقى ان نشير الى الدور الاخر للوزارة وهي تصطف الى جانب الوزارات الامنية في تصديها الى تحقيق خطة فرض القانون وهذا يعتبره الكثير من المراقبين بانه نقطة تسجل لصالحها في ظروف يبدو انها حاسمة بالرغم من خطورتها وعدم وجود شبيه لها على مر الحقب والمراحل وهنا لابد من الاشارة الى ضرورة تفاعل الشارع العراقي مع وزارته تحقيقا لامنه واستقراره خصوصا وان الوزارة بدأت تهتم بالاستماع لشكاوى المواطنين وملاحظاتهم وهي محل اهتمام معالي سيادة الوزير شخصيا كما اتضح لنا هذا عمليا وميدانيا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك