المقالات

حكومة كويتية من هذه النماذج !


( بقلم : علاء الزيدي )

كتب وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة ووزير المواصلات الكويتي شريدة المعوشرجي مقالا ً في جريدة " الوطن " الكويتية تحت عنوان " أمير المؤمنين يزيد بن معاوية " ، كال فيه -على الطريقة السلفية الوهابية – أطنانا ً من المديح ، لقاتل الإمام الحسين ، سبط النبي وريحانته ، رغم أن كتب التاريخ الإسلامي وكبار المؤرخين السنـّة قبل غيرهم ، كابن كثير في البداية والنهاية ، وابن الأثير في الكامل في التاريخ ، وابن خلدون في العبر ، والذهبي في تاريخ الإسلام ، وغيرهم كثير ، استفاضوا في رسم صورة دقيقة لهذا الحاكم الأموي الظالم ، تجعل وصفة بأمير المؤمنين عارا ً أسود َ على كل مؤمن ومؤمنة وإنسان وإنسانة !واستقر ّ رأي الزملاء في المجلة ، على أن أتحمـّل مسؤولية الردّ الصاعق على المعوشرجي . فكتبت المقال-الرد ونشرته المجلة في عددها الصادر يوم الخميس من الأسبوع نفسه الذي صدر في مطلعه عدد " الوطن " المعنيّ . وهكذا ، فقد بدأ يزيد بن معاوية ذلك الأسبوع أميرا ً لـ " المؤمنين " في " الوطن " ، وانهاه في مجلتنا أميرا ً للمنافقين والفاسقين ! وهذه هي حال الدنيا .. فالله يداول تلك الأيام بين الناس ، ولاقدرة لأحد حتى لو كان سلفيا ً يستمد العون والغوث من ابن تيمية على ردّ قدره وقضائه سبحانه وتعالى !

في مطلع الأسبوع التالي ، أعاد شريدة المعوشرجي الكرّة ، وكتب مقالا ً ناريـّا ً آخر في " الوطن " كانت خلاصته تتمحور حول المطالبة بإحالة المدعو " أبو تحسين " إلى النيابة العامة ، لاستهزائه برموز الأمة وعلمائها ، وتفتيت المجتمع الكويتي وتهديد وحدته وتماسكه . كان المعوشرجي منفعلا ً أكثر من اللازم ، فجاءت عباراته خالية من الذوق أحيانا ً . فالتمست له العذر ، إذ كيف أنال في مقال أوقـّعه بكنيتي وليس باسمي الصحفي أو الحقيقي ، من رموز بلغ تقديس السلفيين الوهابيين لها حدّا ً جعلها تقترب من العصمة ، وجعل مؤلـّفاتها كتبا ً مقدسة لايأتيها الباطل من بين يديها ولامن خلفها ، فأكتب على سبيل المطايبة والمداعبة والمفاكهة " لاشأن لنا بالحاكم النيسابوري أو الديناصوري .. ولا بالإمام البخاري أو الهوائي .. أو ابن القيـّم الجوزية أو اللوزية ، أو بحديث مرسل من هنا أو هناك .. مادامت كلمة فطاحل المؤرخين ودهاقنتهم تصافقت على نتانة سيرة يزيد وميوعته وتهتـّكه وخموره وقروده " كيف " أكفر " بالمقدسات السلفية الكبرى على هذه الشاكلة الجريئة ؟ أجـُنـِنت ُ أم جُنـِنت ُ .. أم لعلـّي جُنـِنت !

لم أرتجف أو أخف ، لاشجاعة ً وإقداما ً . فالإحالة إلى النيابة تعني تسفيري إلى العراق ، على الطريقة الكويتية مطلع الثمانينات ، ووضعي لقمة سائغة بين يدي جلاوزة صدام وزبانيته ، لكن لأنني على موعد مع السفر إلى منفى ً ثان ٍ بعد يومين فقط .. وباسم مستعار أيضا ً !

كان فصول هذه القصة تجري ، في الثلث الأخير من شهر آب ( أغسطس ) من العام 1982 . وكانت مجلة " صوت الخليج " التي يمتلك امتيازها ويرئس تحريرها الكاتب والصحافي الكويتي البارز المرحوم باقر خريبط ، تكاد تكون الوحيدة ( إن غضضنا النظر عن مجلة الطليعة ومؤسسها المرحوم سامي المنيـّس ) التي تسبح ضد كل التيارات : صدام وعتاة السلفيين والتيار الوهابي الفظ ّ المتسلط على الجارة السعودية وجهات أخرى ، وقد دفعت المجلة بالفعل ثمنا ً غاليا في هذه المعركة الطاحنة ، شارفت معها على الإفلاس عدة مرات ، وشارفنا معها على الجوع والعري والتشرد .

شريدة المعوشرجي ، أمسى الآن أحد أعضاء الحكومة الكويتية الجديدة . وقبل ذلك ، تنقـّل بين العديد من المحطـّات فكان عضوا ً في التنظيم السلفي " التجمع الشعبي السلفي " و" جمعية إحياء التراث الإسلامي " السلفية هي الأخرى ، و كان له عملان فنيان ككاتب درامي ، هما " أوه يامال " الذي يتحدث عن الغوص والبحر والتجارة ، و" أسد الجزيرة " وهو مسلسل تاريخي يروي سيرة الشيخ مبارك الصباح ( أو مبارك الكبير كما يدعى كويتيا ً ) ويقال أن هذا المسلسل بالذات ، كان جواز مرور المعوشرجي إلى الحقيبة الوزارية ، بل قيل أنه كان من المقرر أن يصبح المعوشرجي وزيرا ً للصحة بفضل هذا المسلسل وماهو بطبيب ولا مضمد . وقبل المسلسل الكنز وبعده كان شريدة المعوشرجي عضوا في مجلس الأمة وأمينا عاما له ورئيسا أو عضوا في عدد من التجمعات والمنظمات السلفية ، كما أصدر العديد من الكتب التاريخية والدينية حسب المذهب الوهابي ، ومنها كتابه المعنون " جولة مع الرعيل الأول من أمة الإسلام " الذي من المعتقد ( فلم أقرأ الكتاب ) أن تكون صفحاته مسرحا ً وميدانا ً لاستعراض السير العفنة ليزيد ومعاوية وأبي سفيان وهند وغيرهم من رموز تاريخنا العربي والإسلامي المجيد والحميد والرشيد !

الحكومة الكويتية الرشيدة الجديدة تضم العديد من النماذج الشبيهة للأخ شريدة المعوشرجي ، الأمر الذي يتطلب من مواطنينا في جنوب العراق المزيد والمزيد من الحيطة والحذر ، فأول القطر خطب ومنشورات تنهمر على حواضن الإرهاب ومفرخاته وأحصنة طروادته تحت عنوان : قال شيخ الإسلام وقالت أم المؤمنين ، ثم نفاجأ على حين غرة بجمل وهودج وفتنة عمياء وقودها الناس والحجارة ، كما شهدنا ونشهد في أكثر من مكان ، غربا وشرقا !عيون الكلام : فيلسوف : تقول الحكمة : من التمسني فلم يجدني فليعمل أحسن مايعلم وليترك أقبح مايعلم فإذا فعل ذلك فأنا معه وإن لم يعرفني .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك