المقالات

اصدقائي في شارع المتنبي..


( بقلم : سعد خيون البغدادي )

جريمة اخرى تكشف عن مدى زيف ادعاءات التكفريين والصداميين. جريمة ابادة جماعية للجنس البشري جريمة تذكرنا بفعل فاشية البعث حينما كان متسلطا على رقاب الشعب العراقي . نتذكر ضباط الامن والمخابرات الذين زرعهم الطاغية وسط شارع المتنبي المجرم العقيد عبد العزيز الراوي والمجرم الرائد محمد الحديثي والمجرم العقيد جمال عسكر وخالد السامرائي وعشرات الضباط بل ان جهاز الامن الصدامي استحدث شعبة في الامن العامة متخصصة لمتابعة شارع المتنبي ورواده

وبعد سقوطه المريع.. كان المتنبي بكل مايحمله من تحد وكبرياء هدفا للصداميين فكان استهدافه اكثر من مرة على يد تلك القوى الظالمة. ومنذ بداية الفجر الجديد تم استهداف شارع المتنبي من اجل زرع الخوف والرعب في نفوس العراقيين الا ان الارادة العراقية كانت اكبر من ذلك التحدي واعظم من ارادة الصداميين

شارع المتنبي جسر الثقافة العراقية وملتقى المثقفين من شتى انحاء العالم وفي العراق من يمر بشارع المتنبي ومن لم يتجول بين الباعة واصحاب المكتبات لم يتذوق ابدا معنى الثقافة والشواهد كثيرة ؟ شارع المتنبي لم يكن محصورا لبيع الكتب والمجلات والمخطوطات النادرة والتحف الفنية والكتب العلمية واقراص الكومبيوتر بل تعداه الى حضور ثقافي كبير وحلقات نقاشية في الثقافة والسياسية والادب وفيه تشكلت الجمعيات الثقافية والمنتديات السياسية حتى ان اصحابه المخلصين حينما انشاوا تجمعا لم يجدوا افضل من اسم

التجمع الثقافي في شارع المتنبي. من شارع المتنبي انطلقت بذور المعارضة لفاشية البعث وتم فضح كل السياسيات الديكتاتورية والفاشية من خلال عملية استنساخ الكتاب الذي هز مضجع البعث ونخر كل بنائه الايدلوجي الفاسد في شارع المتنبي تم طبع اول كتاب استنساخ وعنوانه البعد الدولي لاغتيال الشهيد محمد باقر الصدر وتم تداول الشيعة والدولة القومية لحسن العلوي وتم استنساخ كتاب حنا بطاطو العراق وتصفح العراقيون المتنبي ووجوده بعد طول انتظار وبدت حركة المعارضة الصامتة من خلال الكتاب الممنوع وانشرت لتعم كل مدن العراق انطلاقا من شارع المتنبي, في شارع المتنبي عرف العراقيون معنى ان يكون البعث فاشيا وكيف انه نظام فاقد للشرعية وفيه ايضا كان جمع المثقفين يتداول شؤون العراق وفيه حضر كل ادباء العراق من المهجر اول شئ يفعلونه هو زيارة المتنبي وتذوق كبة السراي وشاي الشابندر وشراء كتاب من شارع المتنبي ذو الرائحة المتميزة جدا اسماء كثيرة جدا لاتعد ولاتحصى مرة على هذا الشارع. مثل ما مر عليه ايام من المطاردة البعثية وضباط الامن والمخابرات كنا نهرب اياما ثم نعود تعلمنا كيف نخفي الكتاب قدمنا العشرات الى السجن بتهمة الكتاب الممنوع من منا لم يسجن من منا لم تطارده قوات الامن من منا لم تطارده البلدية؟؟

لكن مع كل هذه المعاناة لم نترك المتنبي لانه ببساطة كل العراق ولانه الحيز الوحيد الذي صنعناه لمقاومة البعث ولانه تاريخ حافل بكل هذه الامجاد وهذه الذكريات كان لابد استهدافه كان لابد قتل كل باعة الكتب وكل المثقفين الذين رفعوصواتهم بالضد من الفاشية .

كان لابد ان يموت سيد عبود ..صاحب العائلة الكبيرة والذي لم يتوقف يوما عن ارتياد شارع المتنبي ولابد ان يموت كريم حنش. مكتبة الحنش. ورفيقه علي خنجر وابو اشرف وعدنان وحميد عبد وحسن وابنه الصغير صاحب ولابد ان يموت محمد فخري؟؟ اه يامحمد صديق طفولتي وابن منطقتي كنا نتناول الكتاب الممنوع منذ بداية الثمانينيات ولايزال كتابك محاضرات في الفاشية نتداوله؟ في شارع المتنبي اذا دخلت قيصرية المصرف فانك لابد ان تتعرف على يوسف ذلك المثقف الرافض للنظام بكل جسده.. تتعرف عليه من خلال لحيته الكثة يقول انا مثل كاسترو لااحلق لحيتي حتى يسقط صدام وحينما سقط ظلت لحيته؟؟ احتجاجا على الجميع كما يردد؟؟ سرعان ما تعرف انه معارض فقط قف امامه وتافف

سوف ينطلق لسانه السليط كل هولاء اصدقائي سقطوا في يوم واحد وفي ساعة واحدة ماتوا وهم يحتضنون الكتاب وعينهم ترمق العراق ماتوا وشاهد العالم والبغداديون كيف تطايرت اوراق الكتب المحروقة لتصل الى ابعد نقطة من بغداد ماتوا وكل العالم سمع ان المتنبي اغتالته يد البعث

ماتوا وصباحات العراق ماتزال مبللة بدم الابرياء. المتنبي هذه المرة جراحاته عميقة وصوته حزين ونهاراته دموية. اصدقائي في شارع المتنبي اي زرع زرعتموه واي ارض في بغداد صارت لكم قبرا تراني والاخرون هل نستطيع المرور مرة اخرى لشارعنا الحزين ترانا قادرين على المرور ؟؟ والنظر الى مجالسنا هنا كان يجلس وهنا كان يبيع وهذه بسطية محمد وتلك بسطية صفاء وذاك محل بشير . هل نحرق الكتب احتجاجا على غلقه كما فعلنا ذات يوم ؟ ومن سيحرق كتبه ؟وانتم نيام اصدقائي عطاءكم بعطاء العراق وجثثكم التي تناثرت عاليا فوق الابنية وعجنت باوراق صفراء سوف تبقى والله سوف تبقى( وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون)

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك