المقالات

عيد (المهراجات) في وطن (البالات) /...بقلم : حافظ آل بشارة


 

هناك تغير خطير في مفهوم العيد ، وثقافة العيد ، فالعيد هو بهجة روحية خاصة يشعر بها الصائم بعد اداء واجبه الشرعي ، لكن حاليا ساحة العيد يحتلها الناس الذين لم يصوموا ! الاثرياء واصحاب الاموال المشبوهة يغزون الاسواق بضراوة استعدادا للعيد وهم مفطرون ، هناك تقاليد سيئة اعتاد عليها الناس ليؤذوا انفسهم ، اخطرها شراء ملابس جديدة في العيد ، وهم يعرفون بلدهم غير مشمول بالاعياد ، في كل يوم لدينا رتل من التوابيت يأخذ طريقه الى المقابر الكبرى وسط عويل نساء يبكين بلا دموع ، الصوم وحرارة العراق وعطشه الوحشي تجد ان ضحايا الانفجارات لا تنزف جراحهم لشدة العطش وهم صائمون ، والذين يبكون عليهم لا تذرف عيونهم دموعا لشدة العطش وهم صائمون ، الشهيد صائم والباكي عليه صائم ، غياب ملحوظ للدماء والدموع مع انهما العمود الفقري لأي كارثة ! كيف يمكن تمرير العيد ؟ شعار العراقيين منذ قرن : (الصوم للفقراء والعيد للاغنياء) هذا الشعب يعد من الشعوب المشهورة بالفقر والحرمان ، لكن التطور الجديد حاليا هو نمو الطبقية الاقتصادية كحصيلة لتحالف تقليدي بين الساسة والتجار والعسكر ، قرون وسطى خاصة بنا تشرعنها الديمقراطية ، حالات ترف نخبوي لا مثيل لها ، تقليد للنموذج الهندي في القرن التاسع عشر ، فهناك اثريا (مهراجات) يلبسون احذية مرصعة بالمجوهرات الثمينة الى جانب الملايين المعدمين الذين ينامون في الحدائق ويعيشون على التسول ، تصاعدت نسب البطالة العامة والبطالة النوعية ، عامل بناء يحمل شهادة ماجستير يعمل في بناء منزل مدير عام ، المدير العام خريج متوسطة ! … فشلت الأمة في التخلص من تقاليد شراء ملابس العيد لكنها استطاعت تحويرها ، ونجحت عملية التحوير ، كيف ؟ شاهدوا حشود الشعب تتدفق على محلات الملابس المستعملة ، العراقيون لهم تأريخ مشرف في شراء الملابس المستعملة ، هي جزء من الفلكلور الشعبي ، يسمونها (اللنكات) ثم اصبحوا الآن يسمونها (البالات) ، وهذا العام يسجل حضورا استثنائيا في اسواقها الرائجة ، فهي رخيصة الثمن ، ثم انها من ماركات عالمية معروفة بالمتانة ، وهي افضل بكثير من الملابس الجديدة التي يستوردها تجار يفكرون بالربح فقط بلا اشراف حكومي ولا متابعة للمواصفات النوعية ، كل شيء في هذا البلد مستعمل ، شعب مستعمل ودولة مستعملة ، وشخصيات مستعملة ، وهنا لا بد من الاشارة الى ان القصيدة الشهيرة التي مطلعها (خرجت يوم العيد / بالملبس الجديد) تنطوي على كذبة كبيرة ، فالملبس ليس جديدا بل مستعمل ، قصيدة مستعملة ، وربما كانت قصيدة المتنبي ردا استفزازيا عليها وهو يقول : (عيد بأية حال عدت ياعيد / بما مضى ام لشيء فيك تجديد / أما الاحبة فالبيداء دونهم / فليت دونك بيد دونها بيد) المتنبي عراقي كوفي يشكو الاقصاء والتهميش ، وكانت تهمته انه شاعر مستعمل .

19/5/817

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك