( بقلم : علي حسين علي )
منذ مئات السنين واتباع اهل البيت ((عليهم السلام)) يحيون ذكرى استشهاد الامام الحسين ((عليه السلام)) ويسيرون بمواكب طويلة من اقاصي البلاد الى كربلاء في اربعينيته .. هذه الشعيرة (الاربعينية) وقبلها اقامة المآتم ومجالس العزاء بذكرى عاشوراء لم تنقطع الشيعة في العراق عن اقامتها، ورغم ما تعرضوا له من اضطهاد وظلم وجور من الحكام المستبدين الا انهم كانوا يتحدون السلطان الجائر ويواجهون اقسى الظلم واشد الجور مصرين على اقامة مآتم العزاء والمسيرات المليونية مشيا على الاقدام الى كربلاء المقدسة حيث مرقد الامام الشهيد واخوته واهل بيته واصحابه الذين ضحوا بحياتهم من اجل دين محمد ولاصلاح هذا الدين الحنيف مما اعتراه من تشويه على ايدي الحكام المستبدين ووعاظ السلاطين.
وطوال خمسة وثلاثين عاما من تاريخ العراق، تعرض اتباع اهل البيت الى شتى صنوف الارهاب والتخويف والقتل والسجن والتهجير والتعذيب كي يتركوا ما جبلوا عليه من صحبة لعلي بن ابي طالب وعترته (عليهم السلام).. ولم تخفهم اساليب الطغاة او ترهبهم بل واصلوا اقامة شعائرهم الحسينية رغم كل الظروف وفي اصعبها ايضا.
وكانت شعائر الشيعة في عاشوراء وصفر صرخة بوجه الظلم والطغيان، صرخة مدوية ارعبت الطاغوت واتباعه فلم يستطع الطاغية صدام وكل اجهزته الامنية ان تمنع شيعيا واحدا عن زيارة مراقد ائمته الاطهار، ولا استطاعت ان تظفئ جذوة الحب والتعلق بالنجب من آل البيت عليهم السلام.وخلال خمس وثلاثين سنة واجه المؤمنون الحكام الطغاة بكل ما استطاعوا وبذلوا الانفس وقدموا اعز التضحيات واجلها من اجل ان تظل ثورة الامام الحسين ((عليه السلام)) شاخصة امام كل الحكام الظلمة والمستبدين ترهبهم وترعبهم من جهة وتقوي جموع المؤمنين المظلومين، وما قولة (انتصر الدم على السيف) التي ظلت تتردد منذ يوم الطف في الحادي والستين الهجرية الى يومنا هذا.. وظلت مقولة سيد الشهداء ابي عبد الله الحسين (هيهات منا الذلة) راسخة في الضمائر والنفوس لم ولن تزعزعها صولات الباطل.لقد كان لاربعينية الامام الحسين وكذلك لعاشورائه دلالات كبيرة في قلوب العراقيين، وكان موقفه عليه السلام ضد الحكم الاموي اليزيدي الجائر وتحديه للطاغوت الظالم قدوة لاتباعه وانصاره ومحبيه، فان كان قد سار الى كربلاء قبل اكثر من الف عام وهو لا يملك من النصير الا القلة ووقف بوجه اعتى واشرس جيوش ذلك الزمان، وقدم روحه وارواح بنيه واخوته وانصاره من اجل اصلاح دين جده .. فان المؤمنين المجاهدين ساروا على نفس طريقه، ولاقوا نفس ما لاقى فاسترخصوا ارواحهم من اجل كلمة الله اكبر .. وقدموها فدية على طريق الاصلاح لدين العدل والانصاف.
وفي الايام التي سبقت يوم الاربعين وتحديدا في السابع عشر من صفر عام 1397هـ تزاحمت صفوف المؤمنين على الطريق الى كربلاء وكانت السلطة قد اعدت عدتها لمواجهة هذا المد الايماني وكلفت اعتى واشرس قواتها للقيام بترهيب وقتل الجموع المليونية على طريق النجف – كربلاء .. وعملت كل صنوف اسلحة الطاغية على صب نارها على السائرين على طريق الحسين.. كل ذلك حدث وكل الاسلحة فتحت على الذين لا يحملون الا قلوبهم المؤمنة وتمسكهم بحب آل البيت .. ولكن صرخة شهيد المحراب آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم في ذلك اليوم (ابد والله ما ننسى حسيناه) هذه الصرخة هزمت القوة ودحرتها وانكشف عن الظلم والظالم زيفه وعلت كلمة (ابد والله ما ننسى حسيناه) على صوت المدافع والقنابل وهدير الطائرات.كان صوت الشهيد الحكيم في ذاك اليوم وتلك الساعة زلزالا هز عرش الطغيان وارعب الطغاة.. ومن كربلاء، ومن الطريق اليها ترددت تلك الصيحة في سهول وبوادي العراق من ذلك اليوم وحتى هذه الساعة (ابد والله ما ننسى حسيناه).
https://telegram.me/buratha
