المقالات

زيارة داود أوغلو لكركوك .. مجموعة عصافير بحجر واحد!....بقلم: نازلي وهاب

750 09:00:00 2012-08-12

 

كما يعلم المتابعون لشؤون السياسة والعلاقات الدولية فإن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو قام بزيارة لشمال العراق في 1-2 أغسطس  وقام فيها بزيارة عاصمة منطقة الحكم الذاتي التي يديرها الأكراد وقابل رئيس الإقليم مسعود برزاني ثم إنتقل في اليوم الثاني من الزيارة إلى كركوك في خطوة غير معلن عنها لأسباب أمنية كما تقول المصادر التركية.

ولقد أدت الزيارة التي قام بها داود أوغلو إلى كركوك إلى غضب حكومة بغداد المركزية التي إتهمت تركيا بعدم إحترام سيادة الأراضي العراقية وعدم مراعاة البروتوكولات التي تحكم وتنظم العلاقات الدولية. لتصرح تركيا بعد ذلك بأن ما أثير من قبل الحكومة المركزية لايمكن القبول به في خطوة هدفها الرد على السخط والغضب الذي قوبلت به زيارة داود أوغلو من قبل حكومة بغداد وبعض النخب المؤيدة لها. وفي الحقيقة فإن من المفيد تحليل الأسباب التي وقفت خلف الزيارة والبحث عن الأهداف المنشودة منها في محاولة لفهم هذه الزيارة المفاجئة وهذا الحدث الطارئ.

وبداية يمكن القول أن جرأة داود أوغلو وترحيب البارزاني في تنظيم هذه الزيارة ينم عن أهداف وأسباب متبادلة يملكها الطرفان. أهداف وأسباب داود أوغلو إن هدف تركيا من القيام بهذا النوع من الزيارة هو لأسباب تتعلق بالسياسة الخارجية والإقليمية لتركيا بالإضافة إلى أسباب تتعلق بالسياسة الداخلية للبلاد. وعليه يمكن إيجاز الأسباب والأهداف التركية لهذه الزيارة كما يلي:

 1. توجيه رسالة للبرزاني: مع إنسحاب النظام السوري من بعض المدن والقرى الكردية الواقعة في شمال شرق وشمال غرب سوريا وتركها لإدارة حزب الإتحاد الديمقراطي الكردستاني وتغلغل البرزاني في شؤون أكراد سوريا بدأت أنقرة تتخوف من خيانة محتملة للبرزاني ذو النوايا الغامضة. فكانت هذه الزيارة بمثابة رسالة للبرزاني في أنه في حال قيامه بخطوة إلتفافية على تركيا من خلال أكراد سوريا فأن تركيا ستقوم هي الأخرى بتأييد تركمان العراق وبالتالي إضعاف نفوذ البرزاني داخل الإقليم وحتى المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل والذي يتعرض إلى معارضة لايستهان بها من قبل حركة التغيير وبعض الأحزاب الكردية الإسلامية التوجه. حيث تتوارث العائلة البرزانية دور البطل القومي للأكراد وتحقق لها مشروعية غير قابلة للنقاش أو المنافسة من خلال ذلك.

2. نزع فتيل المعارضة في الداخل: كان رئيس حزب الحركة القومية التركي دولت باهجلي قد صرح قبل قيام قليلة فقط من زيارة داود أوغلو إلى كركوك عن نيته في زيارة المدينة وبالتالي توجيه رسالة للبرزاني وغيره بوجوب عدم التمادي فيما يخص الملف الكردي وتوجيه رسالة للرأي العام التركي بأن السياسات التي تتبعها حكومة العدالة والتنمية مع البرزاني هي سياسات غير مجدية وغير فاعلة ونابعة عن عجز تركي يتسول المساعدة من البرزاني في إنهاء حزب العمال الكردستاني الذي كثف من نشاطاته مع بداية الثورة في سوريا. وعليه قام داود أوغلو بزيارة إستباقية لزيارة دولت باهجلي وخفف من الضغوطات التي يتعرض لها حزب العدالة والتنمية داخل تركيا بسبب ملف أكراد سوريا وشعبية البرزاني المتزايدة بينهم.

3. وكسبب إقليمي لزيارة داود أوغلو يمكن القول أن تركيا تهدف ن هذه الزيارة إلى توجيه رسالة لحكومة بغداد مفادها أن بغداد وأنقرة لازالتا تملكان بعض الخطوط والأهداف المشتركة في خطوة تهدف إلى إستمالة حكومة بغداد التي قد ترغب في تحسين العلاقات مع تركيا بعد الإنهيار المحتمل لنظام الأسد في سوريا. أهداف وأسباب البرزاني لعل المتابعون للشأن التركي والكردي بالأخص قد إستغربوا ترحيب البرزاني بزيارة داود أوغلو أكثر مما إستغربوا من جرأة الأخير في القيام بهذه الزيارة. فبرزاني الذي كان إلى الأمس العدو اللدود لتركيا والذي كانت أنقرة لاتستسيغه وتستضيفه بإمتعاض يرحب اليوم بزيارة مسؤول تركي لكركوك إلى درجة القيام بتنظيم الأجواء الأمنية اللازمة للزيارة.

ويمكن القول أن سر هذا الترحيب يكمن في:

رسم صورة ضعيفة للحكومة المركزية: لعل من الآثار الجانبية لزيارة داود أوغلو والتي كان البارزاني وحتى تركيا على علم بها هي أن الزيارة ستجعل من صورة بغداد في عين الرأي العام العراقي ضعيفة وتقول لعامة الشعب العراقي أن الحكومة التي عجزت عن إسقاطها بعض الدول الإقليمية وحتى التحركات السياسية الداخلية ليست بالقوة التي بانت عليها خلال الأزمة السياسية. وأن بغداد التي حاولت شق صف البارزاني والعراقية من خلال قيام رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بزيارة كركوك ليست مؤهلة وليست بالقوة التي تسمح لها بضمان حماية المدينة من نفوذ شمال العراق. ولعل هذا هو أهم الأسباب التي تقف خلف غضب حكومة بغداد من زيارة داود أوغلو وإن لم يكن هذه الأمر هو الهدف الأساسي لتركيا من تنظيم الزيارة. 2. توجيه رسالة لبغداد: قام برزاني بالترحيب بزيارة داود أوغلو ليوجه رسالة إلى بغداد يقول فيها أنه حر في علاقاته الخارجية السياسية منها وليست النفطية فحسب ويستفز من خلالها بغداد التي قطعت عن الإقليم إمدادت المشتقات النفطية وبالتالي يقوي من موقفه أما الرأي العام الكردي. 2 . توجيه رسالة للمعارضة الكردية: أراد البرزاني أن يقول للمعارضة بأنه لايزال اللاعب الأقوى على الساحة الكردية وأنه لازال يحتفظ بدعم دول إقليمية له مثل تركيا وحتى السعودية التي قام بها بزيارتها في تاريخ غير بعيد كثيراً عن تاريخ زيارة داود أوغلو. وبالتالي إضعاف موقف المعارضة المناوئ لعائلة البزاني التي تحكم إقليم شمال العراق منذ سنين عديدة والتي تتخوف من ربيع كردي عراقي متأثر بموجة الربيع العربي التي عصفت بتونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن. وكخلاصة يمكن القول أن تركيا وعلى الرغم من العلاقات الوثيقة التي تبدو وأنها تتمتع بها مع حكومة شمال العراق فإنها لازالت حذرة فيما يخص نوايا البارزاني وأن عدم حسم الوضع في سوريا يجبر تركيا على لعب بعض الأوراق وممارسة بعض الأساليب الدبلوماسية التي كانت تنأى عنها في السابق. ونظراً لتغيير الذي طرأ على السياسة الخارجية التركية بعد تولي حزب العدالة والتنمية الحكم في البلاد والتغير الذي يشهده النظام الدولي فيمكن لحكومة بغداد الإبتعاد عن الخطابات المتشنجة والقيام بالتحاور مع جميع الأطراف وحتى الدول التي تسعى للعب دور إقليمي في المنطقة كما تفعل تركيا التي لاتتردد في مقابلة وإستضافة أي أحد وتمارس أسلوباً دبلوماسياً مفتوحاً على الجميع. ولعل هذا مايليق بالعراق صاحب ثالث أكبر إحتياطي في العالم والمؤهل للعب دور ليس بصغير على الساحة الإقليمية والدولية.

18/5/812

ـــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
عبد التميمي
2012-08-12
مقال جميل وتحليل راقي لاسباب زياره اوغلوا لشمال العراق وكركوك نرجوا من الاخوه في براثا اتحافنا بهكذا نوع من المقالات الجميله التي نشعر من خلالها ان مؤسسه براثا بلغت الاحترافيه والابتعاد عن بعض اشباه الكتاب الذي لا هم لهم سوى الانتصار لارائهم المتعصبه البعيده عن واقع الحدث وشكرااا جزيلا
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك