المقالات

ايها العراقيون..ماذا عن المستقبل..؟؟


علي بابان - وزير التخطيط السابق

أثار إعلان الجهاز المركزي للإحصاء بأن عدد سكان العراق سيبلغ 43 مليونا عام 2025 العديد من الأسئلة و الشجون حول المستقبل العراقي ، فوفقا لهذه التقديرات فأن العراقيين يزدادون مليونا كل عام أو يزيد على ذلك بقليل ..مثل هذه الأرقام تجعل التساؤلات ..و معها المخاوف.. تتقافز إلى الذهن إذ كيف سيكون حال العراق عندها..؟؟أين هو الهيكل الاقتصادي ..أو الهيكل الإنتاجي الذي سيستوعب هذه الملايين التي ستدخل سوق العمل و نحن نعلم حال القطاعين الزراعي و الصناعي في العراق..؟؟كيف سيتم توفير الغذاء لهذه الملايين العديدة و التي ستصبح ثمانون مليونا عام 2050 ..؟؟ ما هو الشكل الذي ستتخذه المدن العراقية التي ستصاب بالتورم و تطوقها احزمة الفقر و مدن الصفيح ..؟؟ثم كيف سيكون الحال لو وضعنا هذه التساؤلات كلها مع سيناريوهات إنحسار دجلة و الفرات و تقلص إمداداتهما حد التلاشي كما تقول بعض التقارير و تحذر..؟؟تبدو الإيرادات النفطية المرشحة للتصاعد ( نقطة الضوء الوحيدة) في صورة المستقبل المتوقعة ، و لكن هنا أيضا الصورة ليست مشرقة تماما إذ ليس المهم أن نعرف كم ستبلغ العائدات و لكن ما هو اهم من ذلك أن نعرف كيف ستنفق هذه العائدات ...؟؟ و هل ستكون كافية للتغلب على التحديات الآنفة الذكر...؟؟ و هل ستنجح في أن تشكل رافعة للإقتصاد العراقي من خلال بناء قاعدة إنتاجية متطورة..؟؟المؤشرات التي بين ايدينا لا تبشر بخير ابدا و إذا لم تفلح موزانة المائة مليار في وضع الاقتصاد العراقي في مدار سليم فمن المشكوك فيه أن تفلح ميزانية المائة و خمسين مليار في ذلك، مع الإشارة إلى أن الموزانة الاستثمارية كلها و كما كان الحال في الموازنات السابقة لا تكفي لسد إحتياجات قطاع واحد من القطاعات الاقتصادية ولا تنفيذ مشروع عملاق واحد كما أن النفقات التشغيلية تزحف على الاستثمار الحكومي كما تزحف الصحراء على اراضينا الزراعية و تصيبها بالبوار ..و هذه النفقات التشغيلية معرضة للإرتفاع مع زيادة السكان و بطريقة تفوق قدرة أية حكومة على منع ذلك . فترة تصاعد الإنتاج النفطي لن تزيد على السبع إلى عشر سنوات بعدها يبدأ انتاج الحقول بالانحدار السريع و هذا يعني أن السنوات العشر القادمة ستكون ( حاسمة) في مسيرة الاقتصاد العراقي فإذا لم نحسن خلالها استخدام العائدات في بناء قاعدة انتاجية متطورة و اصلاح البنية التحتية و اذا استمر الانفاق على ما هو في صورته الحالية فمن المشكوك فيه اننا سننجح في تحقيق ذلك بعد هذه الفترة اذ ستغدو المهمة اكثر صعوبة و استحالة .وفي الواقع فأن هذه السنوات العشر لن تكون حاسمة على صعيد الاقتصاد فقط و لكن على صعيد السياسة ايضا ففيها سيتحدد شكل التطور السياسي في العراق و قدرة الكيان العراقي على الصمود و التماسك.ربما يعتبر البعض أن طرحنا لهذه التساؤلات هو من قبيل التشاؤم..و لكننا في الواقع لا نأت بشيء من عندنا بل هذا ما تشير إليه الارقام ..فقط الذي نفعله هو اننا نمد الأرقام ..و المنحنيات عشرين أو ثلاثين سنة إلى الأمام.و ربما يرى آخرون أن هموم يومنا تشغلنا عن طرح الأسئلة حول المستقبل فما فائدة في الحديث عن سكان..و مياه ..و غذاء ..و مدن لا تصلح للسكن في دولها كيانها السياسي مهدد ..و جسدها موضوع على طاولة التشريح الدولي ..فلقد جاء الحدث السوري ليفتح شهية الكثيرين للحديث عن خرائط جديدة للمنطقة و العراق..و عن مخاطر و عواصف توشك أن تعصف بوطننا ..و ما أظن من يتوجس من ذلك أو يتخوف منه بالمبالغ ابدا..بل اظنه من اصحاب الحدس السليم.لكن المخاطر تبقى كما هي مخاطرا و أن تزاحمت و تكاثفت..ولا يفترض ابدا أن تنسي الهموم بعضها بعضا ...و في آخر المطاف لابد من الاحساس بالمسؤولية و تقدير كل تحد بحجمه الحقيقي دون اهمال أي منها لا سيما أنه لا يمكن عزل المهددات السياسية عن المخاطر الاقتصادية و الاجتماعية فهما متداخلان بطريقة يتعذر معها فصلهما.لنتذكر دائما مقولة الآمام علي ( صديقك من صدقك لا من صدقك) ..فليس الأمر تفأولا أو تشاؤما و لكن من الضروري تقدير الأمور بأحجامها الطبيعية و رؤية الأشياء بألوانها الحقيقية..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
كلمة
2012-08-12
مقال واقعي جدا وارى ان وزراة التخطيط لابد ان تكون لها اذرع فعالة في كل الوزارات لتدخل توقعهاتها واحصائتها حيز التنفيذ من ناحية التخطيط المعالج لكل ازمة ولكن ما يحصل في الوزارة ان سماء الوزارة تمطر ايفادات على الموظفين هذا فقط
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك