المقالات

التوازن والتعاون


جواد العطار

يقوم النظام البرلماني على مبدأ الفصل بين السلطات .. واساس هذا المبدأ هو تقاسم السلطات وعدم تركيز وظائف الدولة في سلطة واحدة (حماية للسلطة ذاتها وللمحكومين من الاستبداد) بل توزيعها على شكل هيئات او مؤسسات حسب الاختصاص وبما يؤدي الى تمركز القوة وتوزيع القدرة ، فالتشريعية تتخصص بالتشريع والتنفيذية في تنفيذ القوانين بينما تقوم القضائية بتطبيق القانون وتقديم المشورة القضائية ، في اطار من التوازن والتعاون المرن والتنسيق المتبادل والمساواة بين السلطات الثلاث .فالتوازن والتعاون والمساواة بين السلطات هو الذي يتيح لآليات النظام البرلماني النجاح عند التطبيق؛ وبالذات بين السلطة التشريعية والتنفيذية التي تتكون فيها الاخيرة من طرفين هما رئيس الدولة ومجلس الوزراء ويلاحظ عدم مسؤولية رئيس الدولة امام البرلمان ، اما مجلس الوزراء او الحكومة فتكون مسؤولة امام البرلمان بصورة فردية او جماعية طبقا لقاعدة (حيث تكون المسؤولية تكون السلطة) . ومع ان السلطة التشريعية لها وظيفة التشريع فانها تمتلك الحق ايضا في مراقبة اعمال السلطة التنفيذية والتصديق على ما تعقده من اتفاقيات ، مثلما للتنفيذية حق اقتراح القوانين ومناقشتها داخل قبة البرلمان ... ما تقدم يؤكد ان معظم العلاقة بين السلطتين مبنية على اسس التوازن والتعاون لا الصراع او الصدام والتناحر ، لان ذلك غير ممكن اصلا؛ فالبرلمان هو الذي يمنح الثقة للحكومة وهو الوحيد القادر على مراقبتها ومحاسبتها وحجب الثقة عنها ان امتلك النصاب اللازم بين اعضائه ، في حين من حق رئيس الوزراء او رئيس الجمهورية الدعوة الى حل البرلمان ذاته قبل انتهاء دورته النيابية وعرض الموضوع للتصويت وان حاز الاغلبية البسيطة اتجهت المؤشرات الى انتخابات مبكرة ، فلكل طرف اذن ادواته الدستورية التي تحقق نوعا من الردع للطرف الآخر ، يحول دون تضارب المصالح بينهما ، او اللجوء الى مثل هذه الحالات الا عند الضرورة القصوى . لكن ما يجري في العراق هو التضارب التام بين السلطتين ، فرئيس الوزراء يصرح بان البرلمان مختطف ويجب اجراء اصلاحات داخلية تعيده الى سياقه الطبيعي ودوره الدستوري ، بينما يوقع رئيس المجلس النيابي اتفاقية خارج قبة البرلمان لسحب الثقة عن رئيس الوزراء .. ويدعو الى تدخل دولي لحماية الديمقراطية في البلاد ردا على تصريحات اعلامية ... وفي ذلك خرق تام وواضح لمبدأ التعاون والتوازن ولمبدأ الفصل بين السلطات الذي يقوم عليه النظام البرلماني .. وكان الاحرى بممثلي السلطتين التشريعية والتنفيذية التوجه الى :1. اللقاء المباشر والتداول في القضايا المشتركة؛ وهو ما طلبه رئيس الوزراء وفقا لتسريبات اعلامية في بداية الازمة؛ ورفضه رئيس مجلس النواب على غير العادة البروتوكولية في الانظمة البرلمانية .2. تحريك الكتل السياسية لاعضائها في البرلمان لممارسة الضغوط او استخدام ورقة سحب الوزراء من داخل الحكومة او التهديد بها . 3. التحرك نحو الحلول الاخيرة؛ والغير مفضلة في حالة العراق الراهنة؛ بسحب الثقة او حل البرلمان واجراء انتخابات مبكرة . هذه الخطوات كان ممكن ان تكون بديلا طبيعيا ودستوريا ، عن التوجه الى الاعلام والدعوة الى التدخل الدولي او شخصنة الموضوع بين اعلى سلطتين ودفعهما الى التصادم ، بشكل يضر بدون ادنى شك بالعملية السياسية ومستقبل الديمقراطية في البلاد.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك