المقالات

الامن في العراق.. بين الازمات السياسية والاجندات الخارجية


 

اطلقت سلسلة العمليات الارهابية الاخيرة التي شهدتها العاصمة العراقية بغداد ومدن اخرى ... اوقعت مئات الشهداء والجرحى من المواطنين الذين كانوا متوجهين صوب مدينة الكاظمية المقدسة لاحياء ذكرى استشهاد الامام موسى بن جعفر اطلقت اشارات واضحة على وجود خلل وضعف في الخطط والاداءات الامنية ناهيك عن الاختراقات وكذلك اطلقت اشارات ربما اكثر وضوحا على انعكاس الاوضاع والمواقف السياسية المتأزمة والمحتقنة والمتشنجة على الاوضاع الامنية.

لايمكن بأي حال من الاحوال القول بأن الخطط التي تحدث عنها مسؤولون امنيون كبار في الحكومة العراقية لتأمين الحماية للزائرين قد نجحت بعد تلك المشاهد الدموية المؤلمة في اكثر من مكان وقبل كل شيء لابد من الاعتراف والاقرار بوجود ضعف وفشل ومن ثم البحث عن الاسباب والمسببات للعمل عل تلافيها وتجاوزها لاسيما وانه لاحاجة لبذل جهد وتضييع وقت للتقصي من اجل وضع اليد على الجاني بعد اعلان تنظيم القاعدة مسؤوليته عن تلك العمليات كما اعلن قبل فترة قصيرة مسؤوليته عن تفجير مقر ديوان الوقف الشيعي بمنطقة الباب المعظم وسط بغداد.

وحينما يتضح ان الفاعل هو تنظيم القاعدة فأن ذلك يستتبع بديهيا الحديث عن الاجندات والاطراف الخارجية وقراءة الدوافع على ضوء ايقاعات الحراك السياسي القائم.

في مراسم زيارة العام الماضي ومناسبات دينية اخرى مرت الامور بسلام ولم تقع سوى حوادث بسيطة متفرقة هناك او هناك في ظل اوضاع سياسية لم تكن بلغت مستوى خطير من التأزم والاحتقان او بعبارة اخرى لم تصل المعارك والصراعات بين الفرقاء الى مرحلة كسر العظم كما هو حاصل الان.

ومن دون شك ان الجماعات الارهابية سواء تنظيم القاعدة او من يدور في فلكه او بقايا حزب البعث المنحل تستغل الاجواء والظروف السياسية المتأزمة لتخلط الاوراق وتفرض الخيارات السيئة ففي منتصف عام 2007 طرح التنظيم استراتيجية له في العراق تقوم على ثلاثة مراحل هي:

الاولى: قيادة دولة العراق وجعل المجاميع المسلحة في العراق تحت خيمة عملها العسكري او بحسب تعبيرهاقيادة زمام الجهاد بعد خروج المحتل.

الثانية:قتال شيعة العراق وبعض القوى المرتدة مثل الجهات السنية المشاركة في الحكم كالحزب الاسلامي العراقي وتيارات اخرى حتى تطهير ارض العراق منهم.

الثالثة :استلام الحكم في العراق وادارة الصراع عقائديا وسياسيا مع الشيعة.

وتؤكد مختلف ادبيات القاعدة وخطب قادتها المنتشرة على مواقع الانترنت وفي الكتب والكراسات وغيرها من المطبوعات تشير بوضوح وبأستمرار الى ان اتباع اهل البيت عليهم السلام يشكلون هدفا اساسيا لها بأعتبارهم روافض وكفار ومشركين وان السنة المعتدلين او الذين لا يشاطرون القاعدة افكارها وتوجهاتها واطروحاتها يشكلون هدفا اخر بأعتبار انهم مرتدين وان الاكراد يشكلون هدفا ثالثا بأعتبار انهم خونة مهادنين للنصارى واليهود.

ولم يتردد تنظيم القاعدة في اعلان مسؤوليته عن العمليات الارهابية الاخيرة-مع اهمية التأكيد على ان المحتل قد غادر البلاد ان لم يكن كليا فبنسبة كبيرة-واصدر بيانا بهذا الشأن لايختلف من حيث المضمون عن بيانات سابقة كان يؤكد فيها بأستمرار على انه استنفر جانب من الجهد الامني والعسكري للدولة الاسلامية في موجة جديدة على رؤوس المرتدين وفي عمليّات متزامنة استهدفت مراكز وقيادات أمنيّة وعسكرية وإداريّة للحكومة الرافضيّة..والخونة الذين كانوا سبباً في تمدّد المشروع الصفوي بهذه الصّورة لمناطق أهل السنّة.

وفي اطار ترحيبه ومباركته لتلك العمليات الارهابية قال حارث الضاري المطلوب للقضاء العراقي عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) ان المقاومة العراقية البطلة أوقعت خسائر كبيرة في صفوف العدو وان ماذكرته وسائل الاعلام هو غيض من فيض. وشدد الضاري على ضرورة دعم هؤلاء المقاومين وحث بعض الدول لتقديم الدعم لهم من أجل المزيد من هذه الاعمال حيث قال ان العراقيين يعتمدون على جهدهم ومالهم الذاتي في التصدي للعدوان وإن الكثيرين منهم باعوا ما يملكون من أجل دعم المقاومة وإنهم بحاجة الى دعم إخوانهم!.

ومن غير المستبعد ان تقف جهات خارجية-دول اقليمية-وراء تلك العمليات وبيان القاعدة وتصريحات الضاري تشير الى هذه النقطة بوضوح ومايعزز ذلك هو ان اطراف اقليمية عديدة اقحمت نفسها خلال الشهور القلائل الماضية بالشأن العراقي واصطفت الى جانب قوى وشخصيات سياسية معينة وعبرت بكل صراحة عن مواقف متشنجة وانفعالية طغت عليها النزعة المذهبية الطائفية.

وماشجع تلك الاطراف على التدخل بطريقة استفزازية وفجة هو حجم الخلافات والتقاطعات الحادة بين بعض القوى والشخصيات السياسية العراقية التي بلغت مستوى خطيرا للغاية.

فمعارك كسر العظم فتحت الابواب واسعة للتدخلات الخارجية في الشأن العراقي بحيث ان ساسة كبار في مواقع رسمية عليا في اكثر من عاصمة اقليمية عبروا بوضوح-وربما بوقاحة-عن نهج طائفي منحاز لايمكن ان يساهم في حل الازمات بل على العكس تماما يعد كمن يصب المزيد من الزيت على النار.

وطبيعي ان تنظيم القاعدة حينما يستعيد حضوره ويوسع نطاق تحركه ونشاطه في العراق بعد انحساره خلال الاعوام الاربعة او الخمسة الماضية بنسبة غير قليلة فأن ذلك يعني فيما يعنيه وجود ثغرات وارضيات ومناخات سياسية مهيئة وبناءات هشة ومتصدعة واولويات مرتبكة.

وما ينبغي الاشارة اليه والتنبيه له هو انه بعد اقل من ثلاثة اسابيع سيحل الخامس عشر من شهر شعبان حيث ذكرى ولادة الامام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف ومعروف ان هذه المناسبة تعد من اهم وابرز المناسبات الدينية التي يحرص الملايين من اتباع اهل البيت عليهم السلام على احيائها من خلال التوجه الى مدينة كربلاء المقدسة وزيارة مرقد الامام الحسين واخيه العباس عليهما السلام.

ولعل بقاء الاجواء والمناخات السياسية المتأزمة وعدم وضع خطط امنية سليمة ومحكمة تأخذ بعين الاعتبار الاخطاء والهفوات السابقة سيتيح لتنظيم القاعدة ومن يدعمه ويسانده تكرار المشاهد الدموية التي وقعت يوم الاربعاء الماضي

2/5/621

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك