( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
قلنا قبل بضعة ايام ان الخطط الاستراتيجية لا يمكن تقويمها وحساب نتائجها بوسائل وآليات عادية، هذا من جهة ومن جهة اخرى فان الطبيعة الحقيقية للنتائج التي ستتمخض عنها أي خطة او مشروع هي التي بالامكان اعتمادها كمادة يراد تقويمها وفق السياقات التي ترتكز اليها ان كانت امنية ام سياسية ام ميدانية.لقد كان متوقعاً جداً ان نسمع او نرى خروقات امنية تحصل في هذه المنطقة او تلك في العاصمة بغداد اثناء تطبيقات الخطة الامنية فالدولة عندما جندت كل قواها وسخرت معظم امكانياتها وقدراتها لحساب نجاح الخطة انما يأتي هذا التجنيد والتوظيف بناء على قراءتها المتفحصة والدقيقة لشكل وحجم الهدف الذي تواجهه وما ضخته الدولة من قدرات عسكرية ولوجستية وخدمية وتعبوية في الشارع العراقي خلال الايام الستة او السبعة الماضية انما يعكس ادراك الدولة ومعرفتها بشراسة العدو وفهمها او تشخيصها لطبيعة تحركه وقدرته على اقتناص الفرص وتوقيتها ليس فقط لاحراج الدولة انما ليعبر عن اجندته الخاصة به ويسجل حضوره الميداني امام الرأي العام باي شكل من الاشكال.
الانفجاران اللذان شهدتهما منطقة بغداد الجديدة والآخر الذي حصل في ساحة الحمزة بمدينة الصدر كانا اقل من المتوقع ضمن حساباتنا الميدانية، لكن وبالرغم من اهمية الميدان ونتائجه يبقى التفاعل الجماهيري والنخبوي والكتلوي السياسي بشتى اتجاهاته هو المقياس الحقيقي للمشروع او الخطة الامنية الجارية في بغداد.ان الملاحظ في هذه الخطة تحديداً انها قد حظيت ولاول مرة بقبول الاطراف السياسية المؤيدة والمعارضة للحكومة في سعيها الحثيث لصنع دولة القانون والمؤسسات وهذا بحد ذاته يعتبر الانجاز الاول الذي يفوق في نتائجه أي نتائج ميدانية تنحصر دائرتها في العثور على مخابئ للاسلحة واخرى للاعتدة او القاء القبض على متهمين او مطلوبين او مشتبه بهم، فالذي لا اشتباه فيه، قد حققته خطة امن بغداد مرة لانها اظهرت لنا قدرة الدولة ميدانياً وعسكرياً وسياسياً وخدمياً ومرة لانها نجحت في صنع التوافق الوطني الذي تحتاجه الخطة كشرط اساسي لنجاحها وما عدا ذلك من اعمال تخريبية ارهابية سيبقى اشبه بالمفرقعات التي ستنتهي بالتأكيد في لحظة ما وان كانت تشظياتها قاسية ومؤذية لجهة حصدها للارواح العراقية وارهاقها لدماء بريئة.في هذه المرحلة تحديداً يحتاج العراقيون الى جانب الخطة واتجاهاتها وقدراتها الى خطاب وطني عراقي صميمي مسؤول يقرّب ولا يبعّد، يوحّد ولا ينفّر وهذا ما تبدو ملامحه واضحة بشكلها العام عدا استثناءات قليلة نتمنى هي الاخرى ان تنظم الى المسيرة الوطنية العراقية الجديدة القائمة على الشراكة وحق العراقيين جميعاً في وطنهم دونما تمييز او الغاء لاي طرف من الاطراف.
https://telegram.me/buratha
