المقالات

العراق وشبح المركزية


خميس البدر

تحدث البعض كثيرا عن قوة المركز في ان تكون الامور كلها بيد الدولة ومنظومتها وان تكون القرارات الحكومية نافذة على الصغير والكبير القاصي والداني وأكدوا أن قوة الدولة تأتي من خلال الرجوع للمركز وان تمر القرارات والقوانين والأموال عبره ومنسجمة مع توجهاته وأهدافه لكن قالوا أيضا أهل مكة أدرى بشعابها .ولقد أثبتت التجربة العراقية فشل الاولى وتعثرها ومقت الشعب العراقي لها ولمنطقها ومنهجها خاصة وهم أصحاب تاريخ طويل ومرير معها وان مأسيهم ومعاناتهم وحرمانهم المزمن لم يأتي ألا بتجذر هذه النظرية واستفحال منهج المركزية المقيت في نظام الحكم وتدبير الأمور ,أما حلمهم في اللامركزية ومناداتهم بتطبيقها كانت تصطدم دائما بالتخويف والتهويل من الانقسام والضعف والوهن وتفكك الدولة وتضارب الصلاحيات وتداخلها وطموحات شخصية ضيقة لشخصيات تربت وتثقفت في ظل فكر المركز والقوة والقرارات الشجاعة والاستثنائية وشخصية القائد الفذ صاحب الإرادة التي لا تقهر والمعنويات الحديدية والعزيمة التي لا تنثني وهاهي نتيجة إتباع تحكم المركز فالمحافظات خاوية على عروشها حكومات محلية مسلوبة الصلاحيات في مواجهة مطالب وأحتياجات مواطنيها وقيامها بأعمال ومشاريع لامتلك ميزانياتها ومن يمتلك الميزانيات والاموال الطائلة أي الوزارات بعيد عن فهم تلك الاحتياجات وبهذا المستوى من الفهم والعقلية يحجب عن تلبية ما يريده المواطن في المحافظة مرة بقصد ومرة بغير قصد وفي كلتا الحالتين الخاسر الوحيد هم أبناء المحافظات ومع ازدياد النمو السكاني وبقاء الخدمات المقدمة على حالها او تراجع مستواها تتراكم المشاكل حتى تصل الى مستوى ظواهر أو أزمات مزمنة فيصعب تغييرها أو الحد منها لما يتطلبه من جهد وأموال ووقت لتصبح الحالات السلبية أمر واقع .ان ما عاناه العراق من دكتاتورية ومركزية مقيته طيلة مراحل تاريخه يحتم عليه ان يتوجه نحو اللامركزية وان تعطى المحافظات كامل الصلاحيات وان تتحمل الحكومات المحلية مسؤولياتها تجاه مواطنيها وهي قادرة على ذلك أذا ما توفرت الظروف المناسبة ,أما أن يبقى الوضع على ما هو عليه فلا تغيير ولا تطور ولا نجاح للنهوض بواقع المحافظات أو البلد بصورة عامة وستبقى الحكومة الاتحادية تعاني والحكومة المحلية تعاني ما دامت الحكومة الاتحادية او المركز طرفا في كل قضية بسيطة كانت أم عظمى وسواء انعقدت جلسات مجلس الوزراء في المركز أو في المحافظات لن توفر أبسط متطلبات تلك المسميات لأنها طرف ولأنها غير مؤمنة بإعطاء صلاحياتها أو جزء من تلك الصلاحيات والتي تدعيها لها ومن اختصاصاتها حصراً لا لشئ ألا لأنها حكومة مركزية فيجب أن تكون كل مقدرات البلاد بيدها , ومتى ما تحولت الحكومة الى العكس فسوف نضع أقدامنا على الطريق الصحيح وسيبدأ العراق مسيرة الاعمار والنهوض في بناء المؤسسات وليأخذ كل ذي حق حقه ولنبتعد عن كبرياء السياسيين وعنجهية الماضي فهي التي جعلتنا في هذا الحال ولا بد ان يستجيب قدرنا لنا أذا أمنا به وسلمنا باستحقاقات هذه المرحلة الحساسة من تاريخ العراق .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
سلام
2012-05-15
المشكلة تكمن في تعويد العراقيين وبفضل التربية الخاطئة بان رئيس الدولة يجب ان يكون قائد فذ وجبار يهابه الكل و و وحتى حكامنا الجدد بدؤوا يقلدون صدام في اسلوب حكمه وحتى في كلامه وفي بعض الحالات كان صدام يتحدث باسم الكل ولكن اخينا الجديد يقول انا سافعل هذا او اقبل بكذا ولا اقبل بــ وهكذا ونقول لهم ماهكذا تدار البلد يا معارضة الامس وحكام اليوم
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك