المقالات

بين صك الغفران وثورات الجياع


سليمان الخفاجي

من الممكن ان تقنع انسان بأن يصبر في إيجاد حل في قضية ما سواء أكانت سياسية او اجتماعية او ثقافية أو أيّ موضوعٍ آخر ولفترة قد تقل أو تطول وفي المجمل يمكن أنّ يصبر، لكنّ ان تطلب منه ان يصبر على الغذاء او تحرمه منه او تضيق عليه فهذا ما لا يستطيع أيّ إنسان أنّ يصبر عليه وقد تشهر السيوف مقابل من يطلب ذالك المستحل خاصة واذا كان طلب الصبر مفتوح ولمدة زمنية غير محددة قد لاتنتهي في وقت قريب او معلوم، والشواهد كثيرة في التاريخ على ثورات قام بها المحرومون أو ما يصطلح عليه بثورة الجياع رُبّما لا ينطبق هذا الوصف على موضوع البطاقة التموينية في العراق، لكنّ واقعها وكثرة مشاكلها واعتماد المواطن عليها يجعل منها ومن القائمين عليها في وزارة التجارة بما يشبه الى حدٍ بعيد من يطلب ذلك الصبر على البطاقة التموينية والسكوت على نقص مفرداتها ومحدوديتها و رداءة نوعيتها والروتين واللامبالاة في حاجة الناس وافتقار اجراءاتها وضوابطها الى العدالة والمساواة وغياب المعايير والموازين المعتمدة في صرفها وسوء التخطيط على الرغم من زيادة التخصيصات وتخصيص نسبة كبيرة من الموازنات المتعاقبة وبمليارات الدولارات والجهود المبذولة والاهتمام الكبير من أعلى مستويات الدّولة والتمثيل الحكومي، لكنّ بدون جدوى او تغيير حال تلك البطاقة او ان ينعكس بتحسن حالة المواطن المحتاج فعلاً لها والذي ربط مصيره وتلبية احتياجاته بها وبتوفرها حتّى باتت مشكلة ومعضلة كبيرة تهدد أمن المواطن الغذائي ويتجاوزه الى رفع مستوى الاسعار وتذبذبها في السوق وأن يبقى تحت رحمة التجار وبشكل ملفت للنظر، فمثلاً اذا غابت احدى المفردات المشمولة كزيت الطعام فمن الطبيعي ان يبحث المواطن عن بديل لتغطية حاجته فيزداد الطلب عليه في السوق مما يزيد من سعره وبحجج كثيرة قلة المعروض المواد مستوردة التأخير في الميناء او جشع التاجر الى آخره، المهم ان السعر يرتفع مما يشكل ضغط على المواد وارباك في السوق واستقرار الاسعار وتتكرر هذه القضية في غيرها من المواد وقد تصل لا ان توزع المواد لعدة اشهر فترتفع اضعاف سعرها الواقعي ومن ثم تأتي دفعة واحدة فيغرق السوق بها مما يجعل الأمر أشبه بالمضاربة والمغامرة بالنسبة للتاجر، أمّا المواطن فكان الضحية في كلّ الأحوال وهذه الحالة تشكل أوضح علامات ومصاديق هدر المال وتبديد الميزانيات كما يشير الى وجود برمجة غريبة وعمل ممنهج لكن عكس التيار وما يريده المواطن او ما يراد للبطاقة التموينية أنّ تحققه من أهداف ونتائج، وتبقى تراكمات البطاقة التموينية سنة بعد سنة ووزارة بعد وزارة وميزانية بعد ميزانية والحال هو الحال ملايين من المحتاجين فعلاً للدعم والرعاية والاهتمام وتوجيه جهود الدّولة نحوهم تقاسمهم جيوش ممن لايفكر ببطاقة او لايعرفها فعلاً ربّما يحتاجها كوثيقة اثبات او ورقة رسمية في معاملاته ومراجعاته، اما اذا لم تتمتع بهذه الصفة فما حاجة الجاليات العراقية في الخارج والتي تتجاوز المليونين للبطاقة التموينية وما حاجة التجار والميسورين لها غير كونها ورقة رسمية، وللأسف يبقى الحال على ماهو عليه الى ان يوقف من هذه القضية وقفة جادة وينظر لها بزاوية مختلفة وعقلية خارجة عن البيروقراطية وتخليصها من كلّ الشوائب والرواسب والمخلفات كي توجه فعلاً الى من يحتاجها وكي تؤدي دورها، وأريد أنّ أسأل عقلية انتجت وابدعت هذا النظام وهونظام دولي لمواجهة الازمات والحروب والحاجة الفعلية وعدم توفر البدائل ألا تستطيع عقلية ان تنتج نظام آخر يوجه تلك الأموال والجهود نحو مستحقيها الفعليين أم ان بقاء الوضع على ماهو عليه له مؤيديه ومريديه ومن اثروا على حساب المحرومين ومن تاجروا ويتاجرون بمعاناة ومأساة المحتاجين طيلة هذه الفترة وسيبقى النزيف مستمرا اذا بقت البطاقة التموينية تدار بنفس الطريقة.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك