المقالات

ثورة المداد


 

*كاتب حر من مملكة آل سعود

 

صليل السيوف ينتهي بانتهاء المعركة، وصرير القلم يبقى ما بقي الدهر، دماء الشهداء لا يقارن بمداد العلماء فثمن الحبر أرقى من ثمن الدم، التضحية بالقلم أوقع على الجلاد من شلال الدماء، والمجهود الذهني يحقق ما لا يحققه المجهود العضلي وإن تُوهم خلافه، فكل ريشة عظيمة وراءها عقل حي وفكرٌ ينبض بالحياة.

 

الدماء قد تعوض من مصارفها البنكية، ولكن الفكر الذي تتحرك به الأقلام لا تعوضه أحبار العالم أجمع، قبور الشهداء تعبق بأريج الشهادة؛ لكن معتقل الرأي يناضل خلف القضبان، فحروفه تقتل الطاغية ألف قتله، فيجيش الجيوش لمحوها وحجب أشعتها وكنس ملامحها إلا أن قواه تخور وتنفذ إمكانياته، ولا يستطيع ملاحقة الحروف التي تطارده وتقض هناء مضجعه الوثير !

 

أسراء الرأي أحياء وإن غيبهم عنا السجان، ولو تطاول بهم العمر في المطامير، فرب كلمة أحيت أمة، سطور الكرامة والحرية توقظ ضمائر الجماهير، وحروف التمرد تُكسب صحوة، وأنّى للمدرعات أن توقف سياط الفكر؟!

 

القلم النشط يعرقل مسيرة الفساد ويحرض على إقتلاع مواطن الخلل وإن كان في قمة الهرم، التضامن مع أسراء الكلمة مسؤولية الكل، وهل توجد سلمية أكبر من ثورة المداد؟!، الوهن الذي يعاني منه السفاح لا يقف أمام قطرات حبر صيغت بأنفاس النور، إنها تتعقب شيطنته وتقيده وإن كان كاتبها في قعر الزنزانة.

 

هنيئاً لصاحب الأدب الرفيع والقلم الحر منسوجاته الملائكية التي لا تساوم بثمن، وهل يستطيع الباغي حبس نور الشمس في قفص صغير؟! لن يتمكن السلطان من قمع حرية البيان، فالسجن لا يخيف، وكلما قمع المداد زاد وانتشر، لعنة تطارد الظالم وتمتد دون قيد، كلما أرادوا لها الدفن والقبر تعاظمت وفاح أريجها.

 

القلم الباسل إذا وضع في مكانه الصحيح فإن عجلة الفساد ستكبح مرغمة، وتكسر أنوف الفراعنة كما كسر نابليون أنف أبي الهول في قصته التاريخية الشهيرة، القلم ليس بندقية ولكنه سلاح يهدد العروش المتجبرة، لهذا نشاهد التهديدات تلاحق أصحاب الرأي إن لم يغيب دون عودة، العاجز هو الذي يلجأ إلى قوة المادة أليس الفكر السقيم يحسد من علا ؟!

 

أبطال الرأي حاضرون في قلوب الأمة رغم غياب الشخوص، فمن بنى له قصراً من نور لا يحتاج لصدقة لص، المفكرون السجناء شموع أضرمت وهجها في ظلام الجهل فنالها من الألم ضريبة الضياء، أليس الأجر بقدر المشقة؟!، الفكر النير لن تتوقف كواكبه السيارة فموت العقول أكبر خسارة من موت الأجساد، فليشبعوا سجونهم الجائعة فنحن أحرار، والطليق المكبل هو من يكبل عقله وجمجمته لدراهم زهيدة تكون عليه وبالاً وإن سكن التراب.

 

لن يغيب الكتّاب المناضلون أصحاب كلمة الحق والتغريد الصادق، فمسيرة العلماء محفوفة بالمكاره، وطريق الشهوات لأراذل القوم، لن تتوقف الأقلام الأبية حينما تجابه بالتهديد والقمع والمساومة، الهدنة ليست من شيم الضراغم، إلا أن البعض ممن يمتلكون الحبر الأصفر يتذرعون بالسخيف من القول، ألا أنهم قد ضربت عليهم الذلة والمسكنة، العبيد هم من يبيعون حريتهم في قبالة الوحل فليتمتعوا فيه جيداً، ولكن الزنزانة الضيقة (كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ... يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ) حينما يصمد الحرف متمرداً يصك جباه الظلمة وأفاعيلهم الباطلة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك