المقالات

لاجئي رفحاء بين التهميش والعقوبة


خضير العواد

عندما أنتفض الشعب العراقي عام 1991 وخرج على بكرة أبيه رافضاً لحكم الطاغية ومعبراً عن رفضه بمختلف الطرق الثورية العسكرية منها والسلمية ، بالرغم من النتائج الوخيمة التي كانت تنتظره إذا فشلت الإنتفاضة ولكن الشعب لم يكترث بما سيلاقيه إذا لم ينجح في تغير النظام ، لأنه قد سئم الحياة في ظل النظام الصدامي الدموي الذي قضى على كل شئ حي في العراق ، فلم يفلت من جرائم البعثيين إلا من ركع لهم أما الأحرار من إنسان وحيوان وبيئة قد عانوا من أفعاله الدموية المستهترة بكل مبدأ وقانون ، وعندما شاهد الأمريكان وأتباعهم من الخليجين شعارات المنتفضين عندها قلبوا الموازنة وغلّبوا المصلحة على المبادئ والشعارات الفضفاضة التي يتغنى بها الأمريكان والأوربيين في مساعدة الشعوب لتحقيق مصيرها ، فقاموا بمساعدة أكثر الأنظمة إجراماً في العالم وإعطاءه الضوء الأخضر في سحق الثوار بالإستعمال أشد الأسلحة فتكاً تحت أنظار طائرات الأمريكان التي كانت تملئ سماء العراق ، فسقطت المحافظات واحدة تلو الأخرى بالرغم من المقاومة التي كان يبديها المنتفضين ولكن هناك أسباب كثيرة أدت الى عدم نجاح الإنتفاضة بالشكل المطلوب أهمها عدم وجود التنظيم والقيادة ، وبسبب تقدم الجيش المدعوم من القوى الكبرى والدول الطائفية في المنطقة ولحفاظاً على النفس من بطش النظام الصدامي وأزلامه ،هرب عدد ليس بالقليل من المنتفضين بإتجاه الحدود السعودية والكويتية نحو القوات الأمريكية التي قامت ببناء مخيم للاجئين في منطقة رفحاء السعودية التي تبعد 10 كيلو متر عن الحدود العراقية ويرافق هؤلاء الثوار النساء والشيوخ والأطفال الذين هربوا من القتل المحتم ، وهؤلاء اللاجئون حملوا معهم قضية العراق الى العالم وأوصولها بأمانة الى كل المحافل الدولية وعرّفوا العالم بمظلومية الشعب العراقي ، وأصبح قادة المعارضة في الخارج أكثر حرية في التنقل مع حفاوة الأستقبال في أغلب دول العالم ، وقد عانا اللاجئون أشد المعانات في مخيم رفحاء وهم يعيشون في سجن كبير وسجّانيهم من الوهابية الذين يعتقدون بكفرهم ويجوزون قتلهم وتحيط بهم الصحراء القاحلة من كل جانب ، ولا يمكن لهم اللقاء بأي شخص إلا موظفي الأمم المتحدة أو زيارة بعض قادة المعارضة العراقية ، وبعد هذه المعانات والتضحية توقع اللاجئون سيجدون الأيدي الحنينة والكريمة تمد لهم بعد هذه السنيين المملؤة بالألأم والمآسي ، وهم قد ضحوا بشهاداتهم ووظائفهم وأعمالهم وعمرهم بعد هذا الزمن الطويل من الأحتجاز لا لذنب أقترفوه فقط لأنهم كسّروا كبرياء طاغية الزمان صدام المجرم، ولكنهم وجدوا قلوب لاتكن لهم أي أحترام ولا تقدر تضحياتهم بل عاملتهم بقسوة أو بالأصح كأنما تعاقبهم لأنهم قد ثاروا وأنتفضوا فلم تقدم لهم أي تسهيلات فكانت معيشتهم أصعب ما يمكن وهم الذين فقدوا مصدر العيش والسكن وعدم إمتلاكهم للقوة والعمر الشبابي من أجل البحث على لقمة العيش ، حتى بدأت التساءلات تقرع أفكارهم ويقولون لو أن النظام البائد قد أعطاهم عفو فماذا كان سيقدم لهم في أسوء التقادير فأنه سيعيدهم الى وظائفهم وأعمالهم وهذا لم تفعله الحكومة الحالية ، بل يشعر اللاجئ إن الحكومة تعاقبه أشد العقوبة عندما تركته يصارع من أجل العيش بكرامة ولكنه ليس بألأمر السهل مع كل التضحيات التي قدمها اللاجئون ، ألم يكن أجدر بالحكومة إحتضان اللاجئين وتقديم لهم كل التسهيلات والدعم كما فعلت مع أمثالهم من ضحايا النظائم البائد وكذلك أزلامه الذين يملئون مؤسسات الدولة العراقية والذي لم يستطع منهم العمل تطالب الحكومة بإعطائهم رواتب تقاعدية كأعضاء المجلس الوطني الذين عانا منهم الشعب العراقي بشكل عام لمساندتهم لنظام صدام وجرائمه ، فهل من العدل لا تساوي الحكومة الضحية حتى مع جلاديه وقتلته بل تهمشهم وتتناساهم علماً بالأمس كان يتجمع أمام بوابة مخيم اللاجئين أغلب المتصدين في الحكم اليوم لكي يحصلوا على تأيد اللاجئين أو محاولة جعل المخيم تحت إطار تنظيماتهم وعندما وصلوا لمصادر القرار في العراق تناسوا المخيم ولاجئيه ، كان أولى بالسياسين العراقيين وخصوصاً الحكومة تقدم كل الدعم لهؤلاء اللاجئون عرفاناً لتضحياتهم وضياع عمرهم في سجن رفحاء السعودي بدلاً من التهميش واللامبالاة التي يعانون منها اليوم .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
jwadalali
2012-04-21
وهل ناديت حيا تمت القراءة الاولى لشمول سجناء رفحاء وبعدها تم غلق الموضوع بدعوى ان مجلس الوزراء طلب التريث واعتقد ان الاصح اننا انتفضنا ضد محبوب الجماهير فلماذا لا نهمش
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك