المقالات

من هم الأولى بطي الصحائف؟


الكاتب والإعلامي قاسم العجرش

كشعب حي ضارب الجذور في عمق التاريخ، لا نعدم وسائلا وسبلا لتصحيح مسارات التاريخ حينما تنحرف تلك المسارات, وتكون عمليات التصحيح ضرورية جدا حينما يتعلق الأمر باستمرار مسؤولياتنا في رفد الإنسانية بعناصر الحضارة، وبديهي أن الفترة المنصرمة من تأريخ هذا البلد وعلى الأخص منذ عام 2003 شهدت حراكا خارج نطاق حركة التاريخ المنطقية، ومن سوء طالع العراق والعراقيين أن عددا كبيرا من أبناءه كانوا يفكرون ويتصرفون خارج منطق التاريخ، ومن سوء طالعه أيضا أن الحال قد وصلت إلى حد لا يمكن معها إلا القيام بمعالجة كبرى للخروج من الخانق الضيق الذي وجد فيه الوطن بمواطنيه نفسه فيه، جراء تراكم الأخطاء التي ارتكبتها أبناءه (قوى وأفراد) أضرت بالبنية الوطنية، وتركت آثارا لا يمكن تجاوزها بجراحات تجميلية أو ترقيعية. ومع أن مقدار الحيف الذي لحق بالمتضررين يدفعهم مبدئيا باتجاه التشدد في مطالبهم بالقصاص من المجرمين، ومع إن القفز على المشاكل لا يحلها بل يؤجلها، لكن مستوى التنافر الذي وضع الوطن أمام مفترق طرق أسهلها مر، يستدعي علاجا خاصا وخارج نطاق العلاجات الاعتيادية، والعفو العام احد هذه العلاجات وان كان في جوانب كثيرة من نتائجه لا يتسم بالعدالة، ويترك المجرمين بمنأى عن العقاب أو يعتبر بمثابة مكافأة على جرائمهم، ويعطيهم حق تصور عدالة منهجهم مادامت الدولة قد "رضخت" و"قبلت" بالتعامل معهم, إن فكرة العفو العام التي توشك أن تبصر النور هي الثانية بعد عفو عام 2008، وترك ذلك العفو آثارا سلبية ، فقد شمل إرهابيين سرعان ما عادوا إلى قتلنا ،لكننا نعتقد أن الوقت قد حان لإطلاق نسخة ثانية من العفو العام كوسيلة فعالة لإيقاف تداعي الوطن وانحداره إلى لعبة الفائز فيها خاسر لا محالة، وتكمن فعالية العفو العام في انه يوفر مناخا ملائما لمن "تورطوا" وسلكوا طريق العنف في معاداة العملية السياسية، التي هي احد مرتكزات بناء العراق الجديد, لان يعودوا عن هذا المسار والتخلص من الورطة التي وجدوا أنفسهم فيها, ويوفر أيضا فسحة تنتظرها أطراف سياسية تعمل خارج العملية السياسية ونطاقها, كما أنها - أي عملية العفو العام - تسمح بتطور إستراتيجيات فاعلة تضمن تشكيل صف وطني جديد... إن العفو العام خطوة مفصلية ينبغي أن يؤسس لها تأسيسا مدروسا إذا أريد لها أن تتمخض عن نتائج كبرى ومضمونة بحجم التضحيات الجسيمة التي سيقدمها الشعب بقبوله لها على الرغم من الآلام التي سببها من سيعفى عنهم له.. وأول متطلبات التأسيس هو قوننة الفكرة بمعنى إخضاعها للمقاسات الدستورية لضمان تطابقها مع المعايير القانونية و الأخلاقية. كما يتعين أن لا تقف الجهات المشرعة للقانون طويلا عند الجرائم والجنح والمخالفات الصغيرة، فمرتكبيها هم أولى بأن تطوى صحافهم، وهم أولى بأن تفتح لهم كوى أمل في حوائط الوطن التي تنخرها فئران السياسة بلا توقف ...كلام قبل السلام: العاقل من يضع قارباً يعبر به النهر، بدلاً من أن يبني حوائط حول نفسه تحميه من فيضانه.سلام....

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
قاسم العجرش
2012-03-18
السلام عليكم: معك ياسيد عبد الله في مخاوفك، ولست معك في أتهامك المبطن بأني من المترفين، ولست معك فيما ظلمتني بأني لم أعاني من الأرهاب، لقد أحرقوا بيتي بأثاثه وبملابسنا خرجنا منه في ليلة سوداء، وبقينا منذ 2007 لغاية 20012 بلا سقف يأوينا إلا رحمة ربك،ومع ذلك أدعوا الى ما دعا اليه رسولنا الأكرم وديننا الحنيف من عفو وتسامح مع ذوي الذنوب الصغيرة، لا أبرئك الذمة على أتهامك لي ومع ذلك أحترم رأيك..
قاسم العجرش
2012-03-17
أخي العزيز السيد عبد الله السلام عليكم من قال لك أني أدعو الى العفو عن القتلة والسفاحين؟ ومن قال لك أني لست متضررا من هؤلاء الأراذل،لقد أحرقوا بيتي وخرجت وعيالي بلا ملابس شتاء حتى وبقيت بلا سقف ثلاث سنوات، ومن أعطاك الحق أن تصفني بالمترف وانا أبن الجياع والمحرومين؟ وهلا قرأت المقال مرة أخرى لتفهم أطروحتي، أني لا أقول لك سوى أني لا أبرئك الذمة على سوء ضنك وتهجمك المبطن علي،وألقاء الكلام على عواهنه بلا مسؤولية لا أضنك تقبلها لغيرك معك، وعموما أشكرك جدا على ملاحظتك التي أرسلتها بلا تحية أوسلام.
عبد الله
2012-03-17
من الضامن ان العفو عن القتله والسفاحين هو قارب العاقل ...ان هذا العفو هو اشبه بالثقب الذي سوف يغرق القارب براكبه العاقل...عذرا اخ قاسم لكن هل لك اخ , ابن او اب قتله هؤلاء بلا ذنب او جريرة وكنت مضطرا ان تنظر للايتام الذين تركهم كل لحظه من حياتك الباقيه... فضلا عن ان توفر لهم الحياة الكريمه وتحاول ان تقوم بواجبات ابيهم الراحل... ان العدل هو اساس كل بناء وكيان وطنا وشعبا او غيرهما...والا اي وطن وشعب هذا يؤمن فيه القاتل واللص والرذيل ولا يؤمن المواطن البريء على حياته وعياله...الكلام سهل على المترفين
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك