المقالات

بين حق المتهم وحق الضحية /


حافظ آل بشارة

لم يعد ممكنا النظر الى الازمة السياسية الراهنة على انها استمرار لمعركة المصالح فقط ، انها من زاوية نظر اخرى تعد أول اختبار لارادة الدولة العراقية وقدرتها على معالجة مشاكلها السياسية بنفسها ، قضية السيد طارق الهاشمي اول اختبار نتائجه لا تبشر بخير ، تصورت الحكومة انها تتحرك تحت شرعية الدستور والانتخابات وتمارس صلاحياتها ، فعلمت بعد وقوع الازمة ان الدستور والقانون والانتخاب وحب الوطن والقيم العليا امور غير فاعلة حاليا في حياة العراق ، اللبرالي والاسلامي والبعثي والكردي والقومي كلهم ينادون بالدستور ويدعون اليه ، لكنهم عندما تتضرر مصالحهم يتشابهون في مخالفة الدستور وخنقه واحتقاره واتهامه بالنقص ، كل طرف يرى الشرعية معطفا له ويخلعها عن الآخرين ، قضية الهاشمي صدمة كبيرة معبرة عن هشاشة بنية العراق السياسية والقانونية ، خاصة عندما يجري حلها باسلوب مقلوب ، الموضوع قضائي وقد بني على حقائق جديرة بالاهتمام ، ولكن الآن اللوم لا يقع على من ارتكبوا جرائم واعترفوا بها ، بل يقع اللوم على القضاء ويجري اتهامه بالتسييس ، ايهما اخطر ارتكاب جرائم والاعتراف بها أم ارتكاب اخطاء قضائية وسياسية في معالجة الملف ؟ هل يمكن اغلاق ملف جرائم اعترف بها اصحابها بما فيها من خطر ودماء وحرمات والتشبث كل هذا الوقت بأخطاء المعالجة القضائية للملف ؟ مرتكب الجرائم هو الذي يحاسب اولا ثم يحاسب بعده بالدرجة الثانية من حاول تسييس الموضوع . اصبحت حقوق الضحايا غائبة في هذا الملف ، هناك خوف هائل على المتهمين من ان يصيبهم الظلم ! فاصبحت حقوق المتهمين أهم من حقوق الضحايا ! وبسبب هذا الخوف يجب الغاء وشطب الجرائم والاعترافات وتسجيلها ضد مجهول ! هذه هي اغرب اختراعات عراق ما بعد الاحتلال ، ومهما اثير من غبار فلا يمكن اخراج الموضوع من دائرة القضاء ، الا ان الهزة التي سببها هذا الملف زعزعت كثيرا من المشاريع والعلاقات والثوابت ، تدهورت العلاقات مع تركيا ، وتصاعد قلق اميركا ، انسحبت كتلة رئيسية من البرلمان والحكومة ، تطويق الأزمة يلزمه مؤتمر وطني ، ثم تأسست حاليا تقاليد خطيرة جدا ، مفادها ان الدولة العراقية تبقى عاجزة مستقبلا عن التعامل مع اي مسؤول تثار حوله اشكاليات تتطلب المقاضاة ، سيكون كبار المسؤولين وقادة الاحزاب محصنين ويفعلون مايشاؤون ، فكل منهم يعد ملكا صغيرا يقضي ولا يقضى عليه ، ويجير ولا يجار عليه . يجب ان يتطور مفهوم الولاء في داخل الكتل والاحزاب والشخصيات حتى يرى كل منهم ان أهدافه تتحقق من خلال الوطن الام مجتمعا وموحدا وليس من خلال كتلة او حزب ، الذي يرى نفسه من خلال حزبه فهو صغير ، الكبير هو الذي يرى نفسه من خلال العراق ، العراق لا يبنيه الا من يؤمن بوحدته ورمزيته ، فهل الاطراف المتنازعة الآن قادرة على استحضار قيمة وطنية واحدة ؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
اين المنطق يا عاقلون؟؟ انشروا حالا يرحمكم الله
2012-01-21
الخطوة القادمه هو أن يتقدم ذوو الضحايا برفع شكاويهم ضد من ذرف دماء ضحاياهم على شرط تكذيب كل شاهد يتهم كبار المسؤولين حتى لو قال أنا القاتل وتحت القسم المغلظ هذا يذكرني بمهزلة عدي ومن قتل اذ خاطب الأب الضروره خاطبه وزير العدل قائلا لا تظلم الولدالحباب فهو ذهب ربماغطاه بعض الغبارالعابر ثم تقدم ذوو المقتول للريس طالبين نسيان الموضوع اذ كلهم بالروح والدم فدوة له ولعدييه الذهب فيا أهل الضحايا تهيأوا وألكم الله او شدوا حيلكم وأقيموا دعاواكم كلها ضد من قتل ضحاياكم بلكن مو الهاشمي بلكن؟
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك