المقالات

العراقيون حسينيون بالفطرة


حميد الموسوي

هذه التظاهرة العفوية المليونية التي لم تحل بينها وبين ارض كربلاء كل اساليب البطش والتنكيل ، بل زادتها تجذرا ورسوخا واتساعا واستطالة . اربعينية الحسين التي وصل عدد المشاركين فيها العام الماضي اكثر من ثمانية ملايين على اقل الاحصاءات .. هل سمعتم اورايتم بتظاهرة وصلت اعدادها نصف اوربع هذا العدد حتى في الصين المليارية اوالهند المليارية ؟. هل تدخلت الدولة في تحشيد هذا العدد ؟. هل تشاجر شخصان في هذا الزحام المذهل ؟. هل شكى احد جوعا اوعطشا ؟. هل حدث اقتحام لدائرة او سرقة محال .. هل وهل .. ما سر هذا اللغز المحير ..اي شغف هذا الذي ربط العراقيين بالحسين ؟.بين العراقيين وبين الحسين علاقة ابعد من روابط الدم والدين والعرق .. اشمل من بطون التاريخ وحدود الجغرافية .. عشق لايرقى اليه هيام الوالهين .. تعلق الروح بالجسد .. ذوبان ذرات الملح في ماء عذب .شغف يرضعونه مع اول قطرة من حليب صدور امهاتهم مصحوبا باصواتهن الشجية التي لايفارقها نعي الحسين ورثاء زينب وكل شهداء كربلاء.

قد يختلف العراقيون في الكثير من الاشياء، وحتى لو اختلفوا في كل الاشياء الا انهم لا يختلفون في الحسين، فما ان يطل عاشوراء حتى ترى الحسين يجمعهم في مجالس العزاء من شرق العراق الى غربه ومن شماله الى جنوبه في منابر الجمعة وحول نار قدور "الهريسة". في احاديثهم اليومية وصحفهم في اذاعاتهم وتلفزيوناتهم.وما ان تقترب اربعينيته حتى ترى قوافل النازحين كالسيل المتدفق يتوزع على شكل انهار وروافد تلتقي في كربلاء مكونة بحيرة بشرية عظيمة عند ضريحه الطاهر.العجيب في هذه التظاهرة المليونية العفوية انها تضم الصغار والكبار، النساء والرجال، الفقراء والاغنياء، البسطاء والعلماء.والجميل في هذه التظاهرة انها تجمع المتدينين والعلمانيين، الراديكاليين والليبراليين.واللافت في هذه التظاهرة ان اكراد وتركمان العراق يسبقون المواكب العربية وان مواكب سنة البصرة وسنة واسط في طليعة الرايات، وان سنة بغداد نصبوا سرادقات الخدمة التي تستضيف الزوار على طول الطريق، وان صابئة سوق الشيوخ يحثون الخطى ليلتحقوا بصابئة بغداد لتشكيل موكب مميز.وان مسيحيي الكرادة شذرات نفيسة زينت مواكبها فكل موكب تشرف بضمهم وسط جموعه ليباهي المواكب الاخرى.والاعجب فيها انها منزهة عن غرض او مطمع، لم تكن ارضاء لاحد، ولا خوفاً ولا استحياءً من احد، ولا تنفيذ لامر سلْطة، ولا رغبة في هباتها، ولا دعما لحزب او حركة.انها اشادة بموقف... واجلال لمبدئية... وتخليد وتكريس لقضية مشرفة... وتقديس لرمز رسالي موحد تحدى طغات العصور مبشرا بالحرية لجميع بني البشر.انها عشق نقي طاهر توضأ بسلسبيل الحب والخير والحرية والجمال.فالحسين قضية انسانية قبل ان يكون قضية اسلامية والحسين هوية عراقية قبل ان يكون قومية عربية قاتل معه نصارى العراق والّف فيه احفادهم الملاحم. وذاب في عشقه صابئة العراق وشبكييه وايزيدييه وتعرضوا للاضطهاد والتنكيل من اجله.عرفه العراقيون قبل الطائفية والطوائف ورفعوه فوقها، وصكوا به وجوه دعاة التفرقة والتشرذم والتعنصر والتطرف. ومراسيم احياء شعائره عراقية سومرية بابلية اصيلة.ولان طغى عليها الطابع الشيعي فلان الشيعة مسكونون بحزن سرمدي..موجوعون بظلامة متوارثة..من هالك لمالك..من وثن الى وثن ،تربطهم باهل بيت النبوة وشيجة وتشدهم آصرة ،فقد عايشوا مظلوميتهم من اغماظة عين جدهم العظيم ( ص) وساروا بها تحملوا جزءا من اوزارها راضين مطمئنين . اين سجل غينز من هذا الرقم الذي حطم الارقام وتجاوز المقاييس ؟. لاشك انه يركع خجلا على تراب الاقدام المليونية ..مجددا ركوعه بذهول واندهاش كل عام .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو غدیر الا سدی
2012-01-14
سلام علیکم طبتم.. لیس العراقین حسینیون بالفطرة فحسب وانما کل انسان یولد علی الفطرة وابواه الذان یهودانه او ینصرانه .. ای انه یولد حسینی الفطرة . ولما کان الائمة -ع- کلهم نور واحد بل کلهم اسم واحد کلهم محمد اولهم محمد اوسطهم محمد واخرهم محمد بل کلهم حسین بالولادة ومن ذلک قول الامام الصادق -ع- نحن فطرة الله التی فطر الناس علیها لاتبدیل لخلق الله . وکما تفضلت یاعزیزنا السید الموسوی " ان علاقتنا بالحسین -ع- ابعد من روابط الدم والدین والعرق " اعظم الله لک الاجر والثواب وحشرنا وایاک مع صاحب الذکری .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك