المقالات

هل يمكن التفاهم مع الفوضوي ؟

1359 21:42:00 2007-01-24

( بقلم : ماجد محمد )

أستطـاع الخطـاب الطـائفـي أن يجـد طـريقـا لــه فـي المشهـد العـراقي بعــد أن تبنــاه سياسيـون طارئـون علـى العمليــة السياسيـة وجــدوا فيـه الأرضيـة التـي تـُرسّــخ تـواجـدهـم وتـديـم عليهـم نعمـة التمتـع بـخيـرات ومنـاصـب كـانـوا لا يتجـرأون الحلــم بهــا , ولتـبريـر تبـؤهــم مناصبــا تحـت ظــل ( الإحتــلال ) أبـدلـوا خطـاب العصابـات المسلحـة مـن ( مقـاومـة ) محـتــل إلـى خطـاب طائـفـي مقيـت يَـدّعـي حمايــة ســنـة العـراق مـن هجمــة ( صفـوية إيـرانيـة ) تمثلهــا مليشيـات مسلحـة و فـرق مـوت ( !! ) مُتغابــيـن عمـا أصـاب ويصيـب أخـوتنــا السنـة مـن قـتــل وتـدميـر علـى يـد التنظيمـات الأرهابيـة الـدوليــة وإرهــاب آخــر مُنظــم لحـزب فقــد السلطــة ويحـاول أن يُطبــق سياســة الأرض المحروقـة لبلـــد يـدعـي حرصـه وإنتمـاءه إليــه , لقــد أبتــدأ الأرهــاب أول مـا أبتــدأ فـي محافظـات سنيـــة الطابــع مئـة بالمئـة بحجــة مقـاومـة الأحتـلال !! وهـي محـافظات بعيـدة كـل البعــد عـن منشــأ ومـوطـن مايسمـي بالميليشيـات الطائفيــة - التسميـة المقصـودة لـوصـف جيـش المهـدي - بينمــا لـم نسمـع أيـة نغمــة إدانــة ضــد أؤلئــك الأوبـاش الـذيـن أستمـروا بالقتــل والتـدمير لأخـوتنـا سكــان المنـاطـق الغـربيـة طيلــة أربـع سنـوات بنفــس وتـيـرة الحملــة الشعــواء المُثــارة إعـلاميـا ً ضــد جيـش المهـدي الـذي لـم يصــل تـأثيـره الـى منطقــة أبـو غـريب كأبعــد مسـافة بإتجــاه غــرب العــراق !! وهـي إدانــة تـُـرد طائفيــا علـى قائلهــا لأنتـقــاء الهــدف المُهـاجـَم علـى أسـس طائفيـة وليـس علـى أسـاس قـراءة الـواقـع ,

وبعــد هــذا هــل يمكــن إحتسـاب صـاحـب هــذا الخطــاب الإنتقــائي علـى طائفـــة السنــة العــرب ؟ وهــل يمكـن إعتبــاره حريصــا ً بصــدق علـى ما يجــري لهــم ؟ لــو كـان كـذلك لهــاجـم جميــع الأطــراف المسيئــة لسنــة العــراق بـنفــس الـدرجـة ومـن دون تمـييز طائفــي , ولــوقـف بنفـس القــدر مـن الحمـاس ضــد مـن حــول منـاطـق سنيــة مـن العــراق الـى ولايــة طالبــان جــديـدة مسخــت العـادات والتقــاليـد العـشـائـرية العــراقية الأصيلــة التـي يعــتـز ويفتخــر بهــا السنــة وأشتهــروا بهــا منـذ قــرون طـويلــة , ومـن بينهــا الكــرم الأنبــاري الشهـيـر والـدخـالة العـربية و إكــرام الضيـف أيــا كــان , فهــل كــان جيـش المهــدي مســؤولا عـن كبــت روح الضيــافة لـدى أهــل الأنبــار وتحـويــل مضــايفهــم الـى مـرتـع لأمــراء الجــريمة و قطــع الـرقــاب ؟ إن سنــة الأنبــار يمـوتـون ألـف مــرة ولا يقطعــوا رقبــة ضيــف حــل عليهــم أو مــر بمناطقهـم , فمـا بـال هــذا الخطــاب الطـائفـي الطــارئ يـنســى المجـرمـين الأغــراب ليَـتهــم أخــوة الـوطـن ؟؟ .

لقــد وثــب هـؤلاء الطـارئـون الـى العمليـة السياسيـة وسـط يـأس وتخبـط أ لـرسـم سياســة أمريكيــة تبعــد عــن الجنـود الأمريكـان نــار التنظيمـات الإرهـابية المتعصبـة التـي لا تـؤمـن بـوجـود الغــير , فأسنـدوا ودعمـوا شخصـيـات فـارغــة تنتظــر إغتنـام فـرصتهـا على عتبــة بــاب السـفـيـر الأمريكـي لـتنقــَض كـالـوحـش الكاســر لـنيــل فرصتهــا فـي الحصـول علـى مغنــم سياسـي ولتـُنـَصــبَ نفسهــا ممثــلا عـن العـرب السنــة , فخلقــوا ( أي الأمريكـان ) مشكلــة جـديـدة زادت الـوضـع تـأزمـا وتـوترا وإضطـراب , فـالمنطــق السليــم يقــول بـأن اللـص أو الإنسـان الفــارغ أكـثـر صعـوبة مـن السياسـي صـاحـب المبـدأ عنــد التفـاهـم أو التفـاوض حــول مـوضـوع مــا , فالسيـاسي المبــدئي يضــع حــدا أدنـى مـن ثـوابـت مـا يحمــل مـن عقيــدة للـتوصـل الـى نقطــة مشتركــة , بــل ان السيــاسي أسهــل إقنــاعا وقبــولا حـين يتعلــق الأمـر بمصـير أمـة و بلــد مـن ذلك الـذي يقـطـع الطـريـق أو ذا الفـكـر الفــارغ . لهــذا نــرى أن المشكلــة تــزداد تعقيــدا وتــوترا مـع كـل تفــاوض أو مناقشــة مـع هـؤلاء الطـارئـين لحـل معضلــة مـا .

ان الأحـزاب الطارئــة التي تـدعي تمثيلهــا للعــرب السنــة لا تمتــلك أيـدلوجيــة معينــة أو أفكــار منهجيــة بمـا يمكنهــا مـن وضـع حـدود دنيــا للتفـاوض , سـوى تكتيكــات فوضـويـة وليــدة سـاعتهـا , يـُستثنـي مـن هــذه القـاعـدة ( بعـض ) قيـادات الحـزب الإسـلامي لطـول تجـربتهـم الحـزبيـة التـي أمتـدت زهـاء أربعــين عـاما , لــذا نـرى سهـولة وليــونة التعـامـل معهـم دون عنــاء . أن عـراقة التجـربة و سنـين العمــل الحـزبي تصقـل الفكــر وتـُهـذب التعـامـل , بينمـــا الأحــزاب الطــارئة وهـي وليــدة يومهــا لا تمتــلك عمـق تجــاربي نضـالي , ولا تقــوم على أيــدلوجيــة محـددة ترسـم لهــا منهـج واضـح , فيتحـدد لـديهــا الهــدف وتمتــلك تصـور فكــري يستنــد علـى دراسـة الـواقــع لتستغــل المكاسـب وتبتعـد عـن العقبــات فتـرسـم لهــا وفــق ذلك طـريقـا يـوصلهـا الـى الهـدف المحـدد دون تخبــط , ويسمـى هـــذا السلــوك بــ ( المنهــج الحـزبي ) , فهــل تمتـلك قيــادات ( أهـــل العـراق ) منهجــا حـزبيـا لتسـيـر وفـقـــه ؟ أشـك فـي ذلك , لأن الهــدف لـديهـم غـير واضـح , فكيـف سـيتضــح لقـواعدهـم الحـزبية ؟ من هنــا نـرى التخـبط واضـحا فــي خطــاب قيــادات أهـل العـراق , حيــث يحاولـون فيــه الأبتعــاد عـن الهـدف الفكـري الـذي لا يمتلكـونه أسـاسا و ينفــرون عـن المنهـج الحـزبي المرسـوم بـأطــلاق خطــاب طـائفـي هـو أقــرب للصـراخ المتظلــم منـه الى الخطــاب السياسـي , و نمــوذج ذلك - خلـف عليـان - الشخــص البــارز لـ ( قـــادة ) أهــل العــراق , متـى كـان هـــذا الـرجــل يمتـلك تـراكما فكـريـا راسخــا كــي يحمــل معـه منهجـا حـزبيـا محــددا يـوصـله إلـى هـــدف بنـّــاء ؟ وإذا كــان لا يمتــلك كـل ذلك فكيــف يمكـن التفــاهـم معــه على أمــور حساسـة وبالغــة الأهميــة تحتـاج لخــبرة وتجـربة فكـرية نضاليــة تنـاقـش معظــلات الـواقـع بهــدوء وحكمــة ؟ عنـدما أقــول إن التخبــط سمــة خطـاب قيــادات أهــل العــراق فـأنـا أعنـي مـا أقــول , ومـا صـرح بـه أحــد أعضـاء كتـلـة التـوافـق حـول الأنتقــاد المـوجـه لـرئيـس قائـمــة " أهــل العــراق " عــدنـان الدليمـي علــى إثــر مـشاركتـه فـي مـؤتمـر أسطنبــول يـثير الدهشــة والأستغـراب حقـــا , ويبـدو إن هــؤلاء لا يفقهـون مـن العمــل السياسـي شـيئـا , ويعتــبـروه ممارسـة عشـائـرية تقــوم على إحـترام الكــبير وإبـداء التقـديـر لكــل ما يقـولـه , إذ قــال هـذا الطـارئ " يـا نـاس أحـترمـوا الـرجـل لكـبـر سنــه " , بينمــا حــري على هــذا الـرجـل الكـبير إحـترام نفســه والإبتعــاد عـن العمـل السيـاسي مــادامــه لا يعـرف أبجــديــة هــذا العمــل .

إن التعــامـل مـع هكــذا أشخـاص هـي مضيعــة للـوقـت ومـن الصعـوبة بمكـان التـوصـل معهــم لأي إتفــاق ذا معنــى , فقــدر فــارغ الفكــر أو الفـوضــوي أن يبقــى مهمشـا ومعـزولا , لينــط فــي أوقــات إنعــدام التـوازن السياسـي ويـأخـذ دورا أكــبر مـن حجمــه , فيـزيـد مـن قتــامة الصــورة أكــثر مما هــي عليــه , وهــذه مثلبـــة الإحتــلال , نـدفــع ثمنهــا إضطــرابا و تـوتـرا وأعمــال عنــف دمـوية وتخــريب لأقتصـادنـا وحــرق لبلــدنا وأعصابنـــا .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك