المقالات

عالجوا أولا وباء النخبة


حافظ آل بشارة

كثيرون حاولوا اكتشاف الاسباب الحقيقية للازمة السياسية الراهنة في العراق . وصلوا الى طريق مسدود ، لم يفسروا النحس الذي يرافق كل خطوة في طريق الحل ، لم ينتبهوا الى ذلك المرض الخطير الذي اصاب بعض رموز النخبة ، مرض الازدواجية في الاقوال والافعال والنوايا ، ثنائية مؤلمة تتنازع الساسة بين الانتماء الوطني والانتماء الفئوي عرقيا كان او طائفيا ، وايهما يمكن التضحية به لاجل الآخر اذا تطلب الموقف ، منهم من يريد الجمع بين النقيضين فيعطي الاولوية لانتماءه الفئوي والوطني في آن واحد ، الازدواجية تستفحل لدى البعض حتى تصل الى مستوى النفاق ، وهناك ثلاث مراتب في اعتناق الازدواجية كرذيلة : جماعة النفس الأمارة بالازدواجية التي تلقى من اصحابها انصياعا كاملا ، وجماعة النفس اللوامة التي تؤنب اصحابها فهم بين التوبة والتسويف ، وجماعة النفس المطمئنة المذعنة لوحدانية العراق ، لا توجد جهة تتولى تقييم عقائد وسلوك ونوايا الافراد الفاعلين في مسيرة البلد ومدى براءتهم أو استبراءهم من الازدواجية ، فشل الاداء السياسي والقصور في ادارة الخلافات العادية جعل بعض المخلصين يظهرون بمظهر الطائفيين فتتهاوى سمعتهم ، والبراعة في التمثيل والتزييف جعلت بعض المنافقين يظهرون كمخلصين! فهم ينادون كذبا بمصلحة العراق الواحد الموحد ويعلنون الذوبان في حبه ، ولكن الطبع غلب التطبع ، فعندما يتعرض بعضهم الى اقل هزة تجد اول ما يفكرون به التضحية بوحدة العراق ، وهم ليسوا كالمقاتل الشجاع التائه في الصحراء اذ يهدده التعب والعطش ويبدأ بالتخلي عن اثقاله ومعداته فيرمي منها الاقل اهمية وقد يتجرد من نصف ملابسه ولكن آخر ما يبقى معه سلاحه ، انهم يتخلون عن وحدة العراق في اول خطوة من طريق المتاعب وكأنها الجزء الاقل اهمية في المعركة ! هذا المرض لم يظهر في العراق في اصعب لحظاته التأريخية ، حتى عندما تحول الى ساحة قتال متناوب بين العثمانيين والصفويين في القرن السادس عشر وما رافقه من تمزق وخراب . ازدواجية الولاء وتفضيل الفئة على الوطن ازدهرت في ظل نظام صدام الذي نجح نسبيا في الظهور بمظهر الممثل لطائفة ضد اخرى ليذكي العداء بين الطوائف لكنه لم ينجح ، بل نجح في تأسيس العداء بين بعض النخب السياسية فقط ، فهم معارضوه وتلاميذه في الوقت نفسه ، علمهم كيف يتاجرون بمظلومية المكونات ! وكيف يؤسسون لفقدان الثقة المتبادل ، و كيف يلجأ البعض الى الاجانب لحماية المكون من خطر الوطن الأم ! ومن الطبيعي ان تنتقل الظاهرة الى مستوى آخر وهو الشعور احيانا بأن الانفصال هو الحل ! هذا المركب الثقافي السياسي الخطير يهدد وحدة العراق ولا يمكن انقاذه الا بيقضة الشعب وقراره الواعي باستبعاد من يحملون فايروس هذا المرض في اي انتخابات مقبلة ، علما بأن العراق بلد صغير لا يزيده التقسيم الا تقزيما وهزالا وفقرا وهامشية في مسيرة العالم الذي تحركه الكيانات العملاقة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو علي
2011-09-30
هذا الكلام للكاتب يجعل منهم رعاع وهمج وليس نخبة . النخبة تتقدم على المجتمع بتطلعاته ووعيه . اما هؤلاء , فاعوذ بالله.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك