المقالات

لا للعسكرة.. نعم للتمدين


عادل الجبوري

هناك فرق كبير وشاسع بين عسكرة المجتمع، وتسليح الدولة وفق مقتضيات ومتطلبات الامن الوطني للبلاد.الاول ينطوي على ابعاد ودلالات واثار ونتائج سلبية، وهو يتقاطع تماما مع الاتجاه نحو بناء مجتمع مدني يسوده القانون والنظام، وتكون اولوياته القائمين عليه هو البناء والاعمار والرفاهية والازدهار في شتى الجوانب والمجالات، وخلق الانسان الفعال والمبدع والايجابي الذي يشكل عنصرا مهما ومحوري في مجمل المنظومة الاجتماعية.ويمكن بيسر وسهولة تلمس الفوارق بين المجتمعات المدنية المتحضرة، والمجتمعات التي تدار وتوجه من قبل حكامها بعقليات ديكتاتورية استبدادية، تفرض مظاهر العسكر وثقافة الثكنات على جميع افراد المجتمع وفي كل المفاصل العملية والثقافية والاجتماعية والسياسية، وفي كافة المستويات.والعسكرة تعني نشوب الحروب والصراعات الدموية، وتعني تسطيح الوعي ومصادرة الحريات، وتحويل المدرسة والجامعة والمؤسسة الحكومية وحتى الكيان العائلي الى ثكنة عسكرية تستفحل فيها الممارسات والسلوكيات الاستبدادية والاقصائية والتهميشية.والعسكرة تعني التخلف بأجلى واوضح وابشع صوره. وقد عاش العراقيون كل مظاهر العسكرة طيلة عهد الحكم الصدامي البائد، وكانت تجربة مأساوية ومؤلمة بحق، وخلفت اثار ونتائج كارثية مازال الجميع يدفعون استحقاقاتها واثمانها وتبعاتها الباهضة معنويا ونفسيا وماديا.واذا كان المجتمع-أي مجتم-يحتاج الى الجيش والشرطة والامن والاستخبارات للمحافظة على امنه الداخلي وامنه الخارجي على حد سواء، فأنه من دون شك ليس بحاجة الى ان يتحول كل افراده الى جنود يرتدون اللباس العسكري، ويتسلحون بأدوات القتل والفتك والتدمير، وليس بحاجة الى ان تتحول الشوارع والمدن الى ميادين وثكنات عسكرية تنتشر فيها الدبابات والمدرعات في كل زاوية، وليس بحاجة الى فرض قوانين الطواريء والاحكام العرفية تحت ذريعة فرض الامن وحفظ النظام. الامن والنظام والسلم الاجتماعي لاتفرضه مظاهر العسكر واجواء الثكنات، وانما تفرضه وتضمنه الخطط والاجراءات المهنية والسليمة، مقترنا معها تسليح للدولة وفق مقتضيات ومتطلبات الامن الوطني للبلاد، دون ان يكون على حساب رفاهية وازدهار وتقدم وتنمية المجتمع علميا وثقافيا واقتصاديا. اذا غاب التوازن والتوفيق بين متطلبات الامن وضروراته، وبين رفاهية وازدهار وتقدم المجتمع، وتحقق احدهما على حساب الاخر، ستكون النتائج غير سارة بالتأكيد، فالامن مثلما قلنا في مناسبات سابقة يتداخل ويرتبط مع السياسة والاقتصاد والخدمات والصحة والتربية والتعليم وغيرها من مفاصل وعناوين الحراك الاجتماعي العام.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك