المقالات

العرب في معركة البديل /


حافظ آل بشارة

يعتقد البسطاء من الناس ان اسقاط نظام دكتاتوري في بلد مثل تونس او مصر او ليبيا هو نهاية المطاف وبعدها يعيش الناس عيشة سعيدة كنهاية قصة (زعرور والسعلاة) لكن الزعرور العربي ليس دائما هو الملاك الطاهر البريء ، ولا السعلاة القابعة في القصر الجمهوري هي اصل جميع الكوارث ، سقوط الرئيس ينهي مشكلة ، لكن ربما هناك مشكلة ثانية تبدا في لحظة الاطاحة به وتحطيم تماثيله ورقص الاطفال بأرجلهم الحافية على صوره الثمينة المذهبة ، حيث يبدو الاطفال الراقصون عشوائيا والثوار الراكضون بكل اتجاه والاسلحة المتناثرة والانفجارات والحرائق المتأججة وتصريحات المقاتلين اللاهثين امام الكاميرات كأنها خيوط تتشابك تدريجيا لصناعة اشكالية جديدة . يتحول البديل الى مخاض عسير لأن سايكلوجية طلب الرئاسة تعد محركا خفيا لاغلب ثورات العالم وان تبرقعت احيانا بعناوين الفضيلة والايثار ، في الحراك العربي الثوري الراهن يسقط الرؤساء الواحد تلو الآخر ، خطورة الموقف تتطلب التمييز المبكر بين الثائرين اصحاب المطالب المشروعة ، وبين الثائرين المنافسين للحكم القائم الذين يعتقدون بأنهم كانوا أحق منه بالسلطة ، هذا التباين في صفوف الثوار لا يظهر تحت دخان المعارك بل ينبعث تدريجيا في كواليس تشكيل الحكومة الجديدة ، كل يعبر عن نفسه بوضوح ، هذا يحمل هم الشعب ، والثاني يحمل هم عشيرته او طائفته ، وثالث يفكر بامتيازاته الشخصية ، ورابع متسلق يصلح لكل العصور ، تصوروا ان جميع هؤلاء يريدون استخدام الانتخابات للوصول الى السلطة مدعين وراثة الشهداء ، ولأن الانتخابات اداة عادلة لا تخدم الجميع لذا يبدا التزوير بكل اشكاله لتوفير الغطاء الديمقراطي ، تظهر ديمقراطية جديدة مهانة تشبه سيدة مقدسة يهتف لها الناس وهي جالسة على عرشها مدثرة بالبياض فلا يرون ان القيود في يديها والكمام على فمها وخلف رأسها فوهات البنادق ، ديمقراطية زائفة وسط الفوضى لانتاج نظام المهزلة ، هنالك يصل الثوار الى احجية قاسية ، فقد اسقطوا دكتاورا واحدا ، فحصلوا على مئة دكتاتور بعملية تفريخ غير محسوسة ، هذا ليس تشاؤما بل هو محاولة للتذكير بأن البديل الديمقراطي ليس مجرد آلية لصناعة الحكم الصالح بل هو ثقافة شعب وموروث وتربية وسياق اديولوجي مبني على فضيلة المعرفة التي تزود الفرد والمجتمع ببصيرة كافية لترجيح الخيار الافضل . شجرة الديمقراطية تذبل في اجواء الفوضى والصراعات التافهة على المناصب والمكاسب الزائلة وتنمو في ظل نخبة صالحة او شخصية تأريخية مترفعة على السفاسف تتسع خيمتها لايواء شعب بل شعوب وتتألم بصدق لأجل جراح الآخرين ، الأنانية تؤدي الى تقزيم القيادي البديل واطفاء هالة الاحترام من حوله ، شكله شكل عملاق لكن طموحاته طموحات أقزام ، لذا فبقاء الدكتاتور على رأس السلطة افضل من وصول اراذل القوم اليها ليغرقوا البلد في الفتنة والفساد ، معركة البديل اصعب بكثير من معركة اسقاط الحكومات .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك