المقالات

التغيير والشخصية القيادية

771 16:56:00 2011-07-13

عبد الكريم ابراهيم

نؤمنُ بحتمية التغيير الايجابي الناجم عن تلاقح الاجيال الفكرية في بودقة واحدة مع الحافظ على الهوية والخصوصية، والا فإن مجرد التغيير لا يمكن ان نطلق عليه هذا العنوان الذي يقودنا الى الوراء؛ لاننا وصلنا عندها الى نقطة الخلاف والصراع، كل فئة متمسكة بما لديها من مسميات وايديولوجيات، وهذا التنافر دعوة الى التشرذم والفئوية الضيقة التي لاتخدم سوى نطاق محدود من الجماهير.التغيير الذي قد يفهمه البعض على انه «موضة هوس» يصيب افراد المجتمع وينشر بينهم عنصر التقليد, وبالتالي يصبح هذا المفهوم مجرد وسيلة لا تحكمها الفكرة وبعد النظر. المخالفة وحب الظهور هي الغاية التي تحرك بعض اللاعبين في الساحة العربية، لان التغيير فقد دلالته التي جاء من اجلها، وهي ربط وتوأمة الافكار كي تعيش متآخية يكمل بعضها البعض. طبعا نحتاج الى سلامة العقل النظيف من الانحراف لدى القادة عند الشروع في التغيير او البحث عن القدوة في ظل النزاعات المتلاطمة الاطراف، المطلب الاخير بحد ذاته صعب المنال لوجود ضغوط خارجية وداخلية تسهم في عدم ولوج القدوة الى السطح، فضلا على جنوح الطبيعة البشرية الى الغريزة الفطرية التي لابد من وجود بعض رواسب النرجسية الكامنة، فقط بحاجة الى عوامل الاذكاء بطريقة ما.الشخصيات التي سعت الى التغيير واتخذته شعارا لها، كانت تملك الارادة والعزيمة للتخلص من الامراض النفسية، يدفعها عامل الايمان بضرورة ايجاد الحلول ومواكبة التطور الحاصل في شتى المجالات الانسانية. اهم شيء للشخصيات الساعية الى قيادة الامة امتلاكها جرأة المكاشفة والتصالح مع الذات، وجعل النفس مرآة عاكسة لصورتها في عيون الآخرين. القلة يستطعون التجرد من انانية الشخصنة ووسوسة وعاظ السلاطين، ولاسيما في ظل وجود مغريات جمة تحول بين هذا التحول الخطر.هنا لابد للتغيير من اداة محركة تقود سفينته نحو بر الامان، التخلص من عقدة الشعارات والتنظيرات التي تطلق في بعض الامكنة، بل على الشخصية القيادية ان تحوّل المد الجماهيري الى حالة ايجابية بما تملك من مؤهلات ذاتية ومكتسبة. ولعل وراء غياب الوضوح وعدم تحقيق نتائج ملموسة من الثورات العربية المعاصرة هو ضبابية الشخصية القيادية وعدم اتضاح ملامحها بشكل جلي لعامة الشعب العربي.اغلب الثورات العربية هي نتاج كبت سلطوي تفجر على شكل صدامات وتظاهرات قادها جيل من الشباب المتحمس للتغيير، لكن اللافت للنظر هو تعدد مصادر الثورات وعدم اتحادها على رؤية واحدة، ما عدا مفهوم التغيير لاجل التغيير. عدم وضوح الشخصية القيادية قاد الى تشرذم المطالب وتعدد الاهواء، وكانت النتيجة عدم الوصول الى نتائج ملموسة على ارض الواقع. وهذا ما حدث في العالم العربي، ما خلا البحرين، حيث أن هناك إجماعاً على وجود قيادة موحدة، والا فإن بقية الثورات العربية تكاد تكون ثورة بركان سرعان ما تهدأ في ظل غياب محور التوحيد والقطبية المركز.العراق هو الآخر ليس بمنأى عما يحدث من تغيير هذا الانفعال، لو قدر له ان يكون ايجابياً، لكن تشتت الرؤى وتجاذبات الاطراف حال دون الاستفادة من الحالة الديمقراطية، ولعل حكومة المحاصصة هي التي افرزت هذا الصراع الخفي والظاهر، حيث تعددت مصادر صنع القرار، ما افقد الحكومة الكثير من النجاحات، وجعلها تسير على قدم واحدة في ظل تحديات داخلية وخارجية، او بعبارة اخرى عدم الحسم في اتخاذ موقف في المسائل المصيرية، التي هي محل تجاذب دائما بين الاطراف المشاركة، وسعي كل طرف الى ان يعلب دور القائد والمحرك، مع الهروب من المسؤولية في الوقت نفسه، جعل الحكومة مقيدة وتراوح في مكانها في ضوء معادلة غريبة: ان تريد كل شيء ولا تعطي، وهذا مخالف لاصول اللعبة السياسية. ولعل القواعد التي حكم فيها العراق بعد التغيير عززت الاجندة القومية والمذهبية، بحيث لا يمكن التخلص منها وهي تحاول جر الجميع الى المربع الاول الذي ـ اصلا ـ لم يتحرك متراً واحداً!الايمان باحترام المعتقدات الفكرية والدينية والمذهبية لا تلغي مفهوم الشخصية القيادية، بل قد تكون دافعاً لجمع اللحمة العراقية حولها اذا امتلكت المقومات التي تجعلها محل ثقة الجميع واحترامهم، وحاكت تطلعاتهم من دون تمييز.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك