المقالات

أنهم أخوان الشياطين


جاسم الصافي كاتب واعلامي

لا يبدو خافيا على أحد حجم الصراع الذي حدث في المظاهرات الأخيرة مابين الجماهير ومطالبهم والسلطة وكيف دافعة عن مكاسبها السلطوية ، من خلال استخدم كل الطرق للحد من انتشار تلك التظاهرات ، سواء عبر مؤسساتها الحكومية أو الحزبية وحتى تشريعاتها البرلمانية ، لهذا أخذت عملية تصديها للمتظاهرين حالتين ، الترهيب باعتقال العناصر غير ( المسنودة ) من جهات رسمية سواء كانت حكومية أو مؤسساتية تنفيذا لقول ( اضرب الضعيف يخشاك القوي ) والتلويح بقانون الإرهاب للبعض الأخر ، وإرهاب المنتسبين للجيش وللشرطة وحتى موظفي دوائر الدولة بطردهم من وظائفهم إن شاركوا المتظاهرين ، والشواهد على ذلك كثيرة كونها عامة واقتربت من الجميع ، كما حوصرت تلك التظاهرات بتعقيدات التراخيص التي تسمح بقيامها ، أما عن الترغيب فقد عملت الحكومة على ترضية المؤسسات والنقابات والاتحادات مثل نقابة الصحفيين لتتمكن من فصلها عن صوت الشعب وهي ظاهرة خطيرة لتأسيس سلطة عقاب وثواب أزلية تدرج مع النظم الدكتاتورية .ويعلم الجميع أن صوت التغيير الذي انطلق في كل أنحاء العراق لم يكن مرتبطة بجهة أو تنظيم محدد بل كان نداء لمطالبة الحكومة بالخدمات وتحسين الأداء الإداري والمالي في توزيع الثروة بعد أن كرست الحكومات بعد التغير حالة الطبقية لدرجة أصبحت متفشية وبائيا في مجتمعنا العراقي ، أن هذه المطالب هي التي صعبت الأمر على الحكومة للنيل من التظاهرات واعتماد تلك التهم الجاهزة مثل العمالة والخيانة ، ورغم هذا فقد صدرت من بعض المسئولين هذه التهم بسبب إفلاسهم السياسي ، لهذا تبخرت وأصبحت أدراج الريح ، وهذا هو سبب نجاح التظاهرات في مصر وتونس واليمن التي عملت جماهيرها في عدم إفساح المجال للسلطة لاستخدام هكذا تهم ، فلم تجنس تلك الجماهير الكبيرة على جهة معينة سواء كانت إسلامية أو علمانية أو حتى حزبية ، وهذا ما جعل حكومتنا المبجلة تعمل جاهدتا من اجل تشتيت تلك التظاهرات عبر الاندساس بين الجمهور لاحتلال هويتهم ومصادرة أصواتهم وتشظية مطالبهم ، وهذا يتضح بشكل جلي في حادثة عرس الدجيل ودور الحزب الحاكم في عقد التظاهرات والمهرجانات والندوات لأجل تلك الجريمة بينما يعلم الجميع أن هذه الحادثة هي واحدة من ألاف الجرائم الموجودة في واقعنا العراقي ولكنها هنا استخدمت لإنقاذ السلطة الحاكمة ، لتصدر أزماتها الحكومية الى أزمة شعبية ولتصرف النقم الشعبي في روافد متفرقة وهذا الأمر ينطبق أيضا على أزمة وزارة الكهرباء التي تحولت الى وزارة المولدات وتشكلت في داخلها غرف للعمل الأمني لإجبار الأهالي وتسخيرهم لهذا المنجز الحكومي الجديد ، والأغرب في الأمر أن هذا الاحتواء للمظاهرة لم يأت من قبل السلطة فقط بل نشاهد الكثير من الأحزاب قد حاولت هي الأخرى في احتلال تلك المطالب وتغليفها بشعارات حزبية مفضوحة ومطالب جهوية معلومة جندت الإعلام لترسيخها في ذاكرة المتلقي وهي مطالب بعيدة كل البعد عن مطالب الجماهير الحقيقية الثائرة ، وهذا ما حدث في قنوات مهمة مثل الشرقية والبغدادية اللتان طالبتا بإطلاق المعتقلين وهي مطالب بعيدة عن واقع الحدث الجماهيري لهذا حدث شرخ وردة فعل عند الجماهير لتقويلهم ما لم يقولوا ، ولا اعلم هل هذه القنوات والأحزاب مع المتظاهرين ام مع السلطة بهذا الفعل ؟ ثم أن استسلام البعض من الجماهير للحلول الجزئية شتت العمل الجماعي وتركت المجال لاتهام البعض بالإرهاب والخيانة والتبعية .كل هذا ضيع فرصة التغير أو فرصة أن تكون الحكومة جادة في تقديم الخدمات كما أمدت في عمر التنافس والتنافر السياسي بدل أن يتحول الى تنافس لخدمة المواطن والاهم أن كل هذا كشف لنا عن سبب هستيريا السادة المسئولين الذين لا يقبلوا بمشروع تأسيس الدولة الديمقراطية وترك المجال للشعب في اختيار الحاكم ، بل هم يحاصرون المواطن ليبقى يلهث بحاجاته البسيطة خلف ذلك المسؤول الذي يبتغي الخلود في منصبه .ومن المهم أن نذكر هنا ، أن الترويج والتجريم لتلك التظاهرات بأنها ستفشل التجربة الديمقراطية الفتيه ، هي أكاذيب يروجها الأخوة الأعداء البرلمانين للحفاظ على مناصبهم ومكاسبهم التي توارثوها وسيورثونها لأبنائهم ، فالدولة الديمقراطية يكون الحاكم فيها مجرد موظف يمكن استبداله بأخر دون أن يسقط البناء الهرمي الأمني والاجتماعي والخدمي للدولة كما حصل من قبل في سلطة البعث التي سقطة معها حتى المدارس الطينية في أخر رقعه لأهوار جنوب العراق

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك