المقالات

تحت هامش المواطنة


عباس عبد الرزاق الصباغ

 ما يثير الاستغراب ويبعث على الشجن إن بعض الحوادث النوعية التي تحمل في طياتها شحنة كبيرة جدا من الإجرام والسادية المفرطة والكثير من دلائل الاستهانة باسط حقوق الإنسان دينية كانت او قانونية او عرفية أو غير ذلك بعيدا عن ابسط متطلبات المواطنة ذات الوشائج المشتركة مابين أفراد يتعايشون ضمن نسق وطني وجغرافي واحد وبعيدا عن المواطنية الحقة وعن أي هامش مقبول من هوامش الإنسانية المحضة وبغرائبية غير مفهومة او منطقية او مبررة في جميع الأنساق حتى تلك التي تعاني من الاحتقان الطائفي المزمن او التسرطن العنصري او الشوفيني المتأزم على مدى التاريخ.وقد تكون مأساة عرس الدجيل واحدة مما لا يحصى من سلسلة مواجع وفواجع الزلزال الطائفي / المناطقي / الحزبوي الذي عم بفوضاه البلاد وحتى المناطق التي لم تشهد موجات مباشرة من ذلك الزلزال فقد ناءت بأحمال ثقال جراء موجاته الارتدادية .. وقد تكون هناك مآس ٍ مماثلة أو طواها النسيان او قيدت ضد فاعل "مجهول" او أسدلت دونها حجب وأستار قد تكشف عنها حوادث أخرى او قد تلعب الصدفة في كشف ملابساتها بعد أن كانت مجرد خيوط مبهمة وعسيرة عن الفهم والإدراك كما حدث لمنفذي جريمة العرس الدموي حيث إن الرأس المدبر كان عبارة عن "إخطبوط" متغلغل في الكثير من مفاصل الدولة العراقية ويتمتع بصفة حزبوية على المستوى الرفيع وله نشاطات اجتماعية متعددة في منظمات المجتمع المدني وغيرها ...سايكلوجيا وسيوسولوجيا ان مسألة القتل الجماعي "التطهيري" وبدم بارد وباحتفالية غرائبية وتشمتية غريبة هي الأخرى لا تدل على فرديتها وشخصانيتها الإجرامية قدر كونها جريمة جماعية منظمة من النسق الذي يكون فيه مجموعة من "الناس" يقومون بقتل مجموعة اخرى من الناس ما يدل على وجود قصد مبيت وعن سبق الإصرار والترصد لسلوك إجرامي قطيعي وعملية الفتك البربرية هذه ـ وغيرها ـ تحتاج الى سلسلة من البحوث والدراسات من قبل مختصين ومعنيين بالدراسات النفسية والاجتماعية والانثروبولوجية والطبوغرافية فضلا عن مراكز البحوث والدراسات ومنظمات المجتمع المدني والجهات الحقوقية والقانونية والمتشرعين وفقهاء الدين وغيرهم ولا باس بالاستعانة بالخبرات الإقليمية والدولية (مؤسسات الأمم المتحدة مثلا)... للكشف عن الدواعي السايكلوجية والسيوسولوجية وملابسات ارتكاب جرائم كبرى ونوعية بحق الإنسانية تتمثل بقيام مجاميع مسلحة بقتل مجاميع أخرى من الناس الأبرياء والعزل بشكل حيواني لمجرد التنفيس عن احتقان طائفي / مناطقي ضمن سيناريو هيجان طائفي/ شوفيني مبيت استهدف العراق ككل وبجميع ألوان طيفه المتعايش سلميا تعايشا مقبولا في ابسط حدوده الدنيا ..ورغم إن السلوك السيكوباثي الذي رافق مذبحة العرس ينمُّ عن توجه مجاميعي قطيعي (مجموعة أفراد) وليس توجها جمعيا تعبويا سواء من النواحي السايكلوجية او السيوسولوجية او كمخيال جمعي او جماعي كما انه ليس له حضور في أية سرديات تعبر عن هوس طاغ ٍ ومفعم بالطوائفية او المناطقية او العنصرية او الحزبوية ورغم انه سلوك قطيعي محدد ومناطقي نسبي ورغم انه لم يرتق ِ الى مستوى المذابح الأهلية التي حصلت في رواندا او ليبريا او أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، إلا إنها تمثل حالة مجتمعية خطيرة جدا ونزعة نفسية سادية شاذة رغم جزئيتها ومحدودية نطاقها المجتمعي والمناطقي والطائفي وجدت لها بؤرا عششت فيها واستغلت فترة الانفلات الأمني والسقوط الدولتي والضعف الحكومي وتداخل الملفات الإقليمية ذات الأثر السلبي على المشهد العراقي ومضاعفات الوجود العسكري الأمريكي كقوات احتلال كل ذلك ساهم في تفعيل هذه النزعات الطارئة على النسيج المجتمعي العراقي ..لذا يجب أن تتحرك مراكز الأبحاث والدراسات خاصة تلك المعنية بالتوجهات النفسية والاجتماعية والانثروبولوجية الى دراسة هذه الظاهرة الخطيرة من الظواهر الطارئة على المجتمع العراقي من كافة جوانبها وأبعادها الحقيقية فضلا عن الدراسات والبحوث المقارنة للوقوف على الحقائق ووضع المعالجات كي لا تتكرر في الأجيال اللاحقة مع تكرار الظروف وتشابه المفاعيل، وكي لا تستغل هكذا ظواهر وأحداث إعلاميا وسياسيا وحزبويا كما حدث لهذه المأساة التي لم تأخذ بعدها القانوني او البحثي او الفقهي وحتى الإعلامي بما يتناسب وحجمها الطبيعي وهو حجم خرافي بكل المقاييس .

إعلامي وكاتب عراقي

كربلاء المقدسة

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك