حافظ آل بشارة
اجتمع رؤساء الكتل في بغداد وتفرقوا ، ولم يظهر انفراج يعتد به في الازمة السياسية ، في ختام الاجتماع اعلن الرئيس طالباني نقاط اتفاق معينة ، لكن هذه النقاط كان يدور الحديث عنها قبل انعقاد الاجتماع كتحصيل حاصل مثل وقف الحملات الاعلامية بين الخصوم والالتزام بمقررات اتفاق اربيل ومناقشة التدهور الامني وحسم ملف القوات الامريكية في العراق ، لا يحتاج التذكير بهذه الامور الى بيان رئاسي ، لكن هناك اهداف تبدو هي المطلوبة بالاصل بالمقارنة مع الازمات الظاهرة التي استخدم بعضها لصرف الانظار ، الحفاظ على مصداقية الحكومة الحالية بعد المئة يوم مطلب ملح ولا بديل له الا الفوضى والقفز في فضاء مجهول ، بل تعميق طريقة التقييم الحكومي كل مئة يوم لما فيه من كشف لمواضع الخلل في اداء الوزارات وتطويره وجعل الوزير اكثر ميدانية واكثر اهتماما بمراجعة قدرات فريقه ، الموضوع الثاني : التجديد لبقاء القوات الامريكية وهو مطلب آخر لايقل اهمية ، وحول القضية الاولى واضح ان وضع الحكومة امام استحقاقها الطبيعي وجعلها تقف في مهب الخلافات وتسييس اعمالها سيجعل استمرارها غير مضمون ، لذا تم التلويح مرارا بحكومة اغلبية سياسية او حل البرلمان او الاستقالة . هناك عنق زجاجة حتمي ، لكنه يخص الجميع ، انقاذ الحكومة معناه استمرارها في ولايتها الحالية ونسيان المراهنة على المئة يوم كوسيلة اسقاط ، ومفاجأة الناس بمئة يوم اخرى ، وتطوير جلسات الوزراء وجعلها تقليدا اعلاميا ممتازا ، هناك تصور بأن كل ذلك ممكن بشرط ان تقدم الحكومة تقريرا ايجابيا يطلب من الأمريكان التمديد لقواتهم ، التقرير له ثمن كبير ، فمن تنكسر برأسه الجرة لا يمكن ان يخرج بدون مكافأة مجزية ، قرار التمديد المفترض هو في النهاية من انتاج البرلمان لاضفاء الشرعية ، الا ان المبدع الاول في هذا الابتكار هو الحكومة ، تداول القرار داخل مجلس النواب يتيح الفرصة لمزيد من الوطنيين الاشاوس كي يعبروا عن رفضهم لبقاء قوات الاحتلال الغاشم والمناداة بالاستقلال والسيادة كاملة غير منقوصة... الخ ، وسيزداد حماس الوطنيين والوطنيات لمزيد من الصراخ عندما يرون انفسهم اقلية وان موقفهم لا يؤثر على التمديد وبالتالي لا يزعج البيت الابيض ، بطولات مجانية يمكن ان تظهر بسهولة وهي فرصة لتخوين الحكومة ، وستلاقي دعما من الامريكيين ليقولوا للعالم انهم باقون رغم انوفهم في العراق بطلب من مجلس النواب ولولا هذا الطلب لرحلوا ، والدليل على ذلك ان المخالفين لبقاءنا عبروا عن رفضهم بقوة لكنهم للاسف اقلية ولو كانوا اكثرية لتحقق انسحابنا المريح . باحث امريكي قال لاحدى الصحف الالكترونية ان القوى السياسية العراقية تفضل بالاجماع التمديد للقوات الامريكية ، واذا ظهر رفض اي طرف فهو ليس موقفه الحقيقي بل يتحرك بضغط محرج من اطراف اجنبية معادية للولايات المتحدة ، ثم قال : من يتعاطى مع الاجانب لانخاف مواقفه كثيرا وبامكاننا ان نعطيه مايريد لنتفق معه في النهاية ، سنعطيه اكثر مما يعطونه ليكون شريكا لنا وليس لهم ، هكذا يفهم الامريكيون المعادلة ، سألت صديقي النائب عن الموقف النهائي من الامريكان فقال : (ملاعين ما نبريهم الذمة ابدا) .
https://telegram.me/buratha